تطهير آل البيت من الرجس بمعنى (الشرك والشيطان والأفعال الخبيثة والأخلاق الذميمة)، وأمهات المؤمنين من آل البيت…
المستشار رجب عبد السميع وأ. عادل سعد
بقية: فَضَائِلُ آلِ اَلْبيِتِ فى القْرآنِ الكرِيمِ واَلْسُنَّةُ الْنَبَوِيَّةُ
بقية: فضائل نساء النبى([1])
رابعًا: الفضائل الخاصة بكل واحدة منهن:
(1) خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى 1 (أم المؤمنين الأولى وزيرة النبى):
هى من أقرب أمهات المؤمنين إليه نسبًا من جهة الأب، ولم يتزوج غيرها من ذرية قصى إلا أم حبيبة بنت أبى سفيان([1]).
وتعتبر السيدة خديجة أوسط نساء قريش نسبًا، وأعظمهن شرفًا، وأكثرهن مالًا، تزوجها رسول الله J وهو ابن خمس وعشرين سنة بعد أبى هالة بن النباش بن زرارة التميمى حليف بنى عبد الدار.
آمنت به J ونصرته، وقضت معه قبل وبعد البعثة، وكانت وزيرة له فكان يفضلها على جميع النساء([2])، وأنجبت له أولاده؛ إلا إبراهيم فإنه من السيدة مارية 1، ولم يتزوج عليها J؛ حتى توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين.
ولها فضائل جليلة ومناقب عظيمة منها:
1- إنها من السابقين الأولين إلى الإسلام: فهى أول الناس إيمانًا بما أنزل الله، فكان لها أجرها وأجر من آمن بعدها([3]).
2- لم يتزوج عليها J؛ حتى فارقت الحياة الدنيا، فانفردت بخمس وعشرين سنة من ثمانية وثلاثين سنة هى حياته الزوجية J (نحو الثلثين).
- كان حب الرسول J لها رزقًا من الله رزقه إياه فحبها فضيلة([4]).
4- كان J يكثر من ذكرها والثناء عليها والمدح لها وصلة ودها.
قالت عائشة 1: “ما غرت للنبى J على امرأة من نسائه ما غرت على خديجة، لكثرة ذكره إياها وما رأيتها قط”([5]).
5- كانت خير نساء أمة محمد J. روى البخاري بإسناده إلى علي بن أبى طالب 0 قال: سمعت رسول الله J يقول: (وخير نسائها خديجة)([6]).
6- سلام الله عليها وبشارتها ببيت فى الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. روى الشيخان بإسناديهما إلى أبى هريرة 0 قال: “أتى جبريل إلى النبى J فقال: “يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومنى وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب”([7]).
7- رزقه الله تعالى منها الولد ولم يرزقه J من غيرها. قال رسول الله J: (رزقنى الله منها الولد إذ لم يرزقنى من غيرها”([8]). (يعنى ذلك قبل مارية، أو على وجه الأعم الأغلب).
(2) سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نضر بن مالك بن رحل بن عامر بن لؤى بن غالب بن فهر 1 (أرملة المهاجر):
أمها: الشمس بنت زيد بن عمرو الأنصارية، وكانت قبل النبى J عند السكران بن عمرو، روت عن النبى J وعنها ابن عباس ويحيى بن عبد الإله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة.
أسلمت بمكة قديمًا وهاجرت هى وزوجها السكران بن عمرو إلى الحبشة الهجرة الثانية، مات زوجها هناك([9])، وهى أول امرأة تزوجها رسول الله J بعد خديجة، وكان ذلك بمكة، وانفردت به نحوًا من أربع سنين، وهى سيدة جليلة ونبيلة. توفيت سنة خمس وخمسين على الأرجح فى آخر خلافة عمر بن الخطاب 0.
ومن مناقبها:
1- حرصها على البقاء فى عصمة النبى J، فقد وهبت يومها فى القسم لعائشة تقربًا إليه J وحبًّا له، ولتكون من زوجات النبى J فى الجنة.
ذكر ابن سعد فى الطبقات أن سودة قالت للنبى J: أنشدك بالله أما راجعتني، وقد كبرت ولا حاجة لي في الرجال، ولكني أحب أن أبعث في نسائك يوم القيامة؛ فراجعها النبي J([10]).
وروى البخاري بإسناده إلى عائشة 1: (أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي J يقسم لعائشة بيومها ويوم سودة)([11]).
2- تمنى عائشة أن تكون مثل هديها وطريقتها. روى مسلم بإسناده إلى عائشة 1 قالت: “ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون فى مسلاخها([12]) من سودة بنت زمعة”([13]).
=============================
([1]) تلتقى أم حبيبة مع رسول الله فى الجد الثالث عبد مناف بن قصى، وتلتقى خديجة مع رسول الله J فى الجد الرابع قصى، أما باقى زوجات رسول الله J فهن يلتقين مع رسول الله J فيما بعد قصي ومرة، وكعب ولؤي، وخزيمة، وإلياس ومضر.
([2]) أي على جميع النساء في عصرها فهي من سيدات نساء العالمين الأربع، وهن آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، وخديجة، وفاطمة (رضى الله عنهن جميعًا).
([3]) لأنها أول من أسلم من النساء، ومن سنَّ سُنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها، والدال على الخير كفاعله في الأجر والثواب، ومن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه، لا ينقص ذلك من أجورهن من شيء. انظر: تفصيل المسألة في فتح الباري (باب فضائل خديجة)، وانظر: نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز للطهطاوي، وأيضًا شرح النووي لصحيح مسلم.
([4]) صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل خديجة 1، رقم (2435)، وفى الحديث: فقال رسول الله J: (إني قد رزقت حبها)، فتأمل كيف كان حبها من الله رزقًا لرسوله J.
([5]) صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل خديجة 1، رقم (2435).
([6]) صحيح البخاري: كتاب مناقب الأنصار، باب تزويج النبي J رقم (3815).
([7]) صحيح البخاري: كتاب مناقب الأنصار، باب تزويج النبي J وفضلها 1، رقم (3820).
([8]) رواه الطبراني في المعجم الكبير، رقم (22) باب ذكر أزواج رسول الله J ومنهن خديجة بنت خويلد (23/13).
([9]) تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني (12/455).
([10]) بتصرف من طبقات ابن سعد (8/54).
([11]) صحيح البخاري: كتاب النكاح، باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها، رقم (5212).
([12]) في مسلاخها بكسر أوله، أي: جلدها، والمراد: أن تكون نظيرتها في كل شيء.
([13]) صحيح مسلم: كتاب النكاح، باب جواز هبتها نوبتها لضرتها، رقم (1463).