إذا لم يعطوا حقهم من خمس الخمس لخلو بيت المال من الفيء أو الغنيمة أو لاستيلاء الظلمة واستبدادهم بهم؛ فقد قال بعض العلماء من المتقدمين والمتأخرين أنهم يعطون من الزكاة…
المستشار رجب عبد السميع وأ. عادل سعد
بقية: خصائص وحقوق أهل البيت
يتضمن هذا الفصل ثلاثة مباحث وتدور حول حقوق أهل البيت، وهى على النحو التالى:
المبحث الأول: فى الحقوق المعنوية.
المبحث الثاني: فى الحقوق المالية.
المبحث الثالث: شروط استحقاقهم لهذه الحقوق.
فى الحقوق المعنوية:
وفيه مسألتان:
المسألة الثالثة: حكم دفع الزكاة إليهم فى حال منعهم من خمس الخمس
إذا لم يعطوا حقهم من خمس الخمس لخلو بيت المال من الفيء أو الغنيمة أو لاستيلاء الظلمة واستبدادهم بهم؛ فقد قال بعض العلماء من المتقدمين والمتأخرين أنهم يعطون من الزكاة.
فقد روى عن أبى حذيفة أنه يجوز الدفع إلى بنى هاشم فى زمانه؛ لأن عوضها وهو الخمس لم يصل إليهم، وإذا لم يصل إليهم العوض (الخمس) عادوا إلى المعوض (الزكاة).
وفى ذلك يقول أبو بكر الأبهرى: قد حلت لهم الصدقات فرضها ونفلها.
وقال أبو سعيد الاصطخرى من الشافعية: إن منعوا حقهم من الخمس جاز الدفع إليهم؛ لأنهم إنما حرموا الزكاة لحقهم فى خُمس الخُمس فإذا منعوا منه وجب أن يدفع إليهم. وذلك لحديث: “إن لكم فى خمس الخمس ما يكفيكم أو يغنيكم”.
فجعلوا الغنى عن الزكاة بخمس الخمس، فإذا عدم زال الغنى فخمس الخمس علة لاستغنائهم وشرط لمنعهم، فإذا زال الشرط انتفى المانع.
وقال بعض علماء الحنابلة: يجوز الأخذ من الزكاة إذا منعوا من خمس الخمس؛ لأنه محل حاجة وضرورة واختاره ابن تيمية.
ثانيًا: إعطاؤهم خمس الخمس من الغنيمة والفيء:
قال تعالى: )وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( (الأنفال: 41)، وقال سبحانه: )مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ( (الحشر: 7).
شروط استحقاقهم لهذه الحقوق:
من المعلوم أنه لا بد لكل حق أن تتوافر فيه الشروط اللازمة لاستحقاقه، وهذه الحقوق التى تقدمت والتي تجب لآل البيت من حقوق معنوية أو مالية، لا بد لها من شروط تتوافر فى مستحقيها وهى تتمثل فى شرطين أساسيين:
1- الإسلام.
2- ثبوت النسب.
الشرط الأول: الإسلام
أما الإسلام: فلا بد أن يكون مسلمًا، ولا يستحق الكافر تلك الحقوق ولو ثبت نسبه، ولذلك لم يعد أبو لهب ضمن آل البيت، ولم يكن مستحقًّا لتلك الحقوق بسبب كفره، فقد جاء الدعاء عليه بالحسرة والندامة فى قوله تعالى: )تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ( (المسد: 1).
قال ابن حزم عند ذكره لتقسيم الخمس، وسهم ثان لبنى هاشم وعبد المطلب ابني عبد مناف غنيهم وفقيرهم، وذكرهم وأنثاهم، وصغيرهم وكبيرهم، وصالحهم وطالحهم فيه سواء، ولا حظ فيه لمواليهم .. ولا لأحد من خلق الله تعالى سواهم ولا لكافر منهم.
فالكفر إذًا مانع من تلك الحقوق، كما يمنع من الميراث، والكافر يجب بغضه ومعاداته، فلا ولاية بين المسلم والكافر ولو كان قريبًا حميمًا.
أما إن كان انحراف الواحد منهم عن الإسلام لا يوجب كفره، وإنما يستحق أن يوصف بسبب هذا الانحراف بالفسق أو العصيان، فالحقوق المالية من الخمس وغيره لا تستحق بذلك، أما مسألة المحبة والموالاة فيرجع إلى القاعدة العامة الواجبة تجاه المسلمين وهي أن الإنسان يوالى على قدر ما معه من الحق ويعادى على قدر ما معه من الباطل، إذ مقياس الحب والبغض ينطلق من الحب فى الله والبغض فى الله، والله يحب العدل والإنصاف. أما عن ثبوت النسب فنقول أن:
الشرط الثاني: النسب الشريف مسئولية وتكليف:
إذا كان أهل البيت لهم حقوق على الأمة الإسلامية كما سبق بيانه. فإنه فى الجانب الآخر تقع عليهم مسئولية عظيمة وواجبات أشد من باقي المسلمين فهم قدوة لنا وأسوة حسنة فى سلوكهم وأخلاقهم وحياتهم. وقد كان أهل البيت على مر العصور والتاريخ الإسلامى أهلًا لذلك، ونلحظ ذلك فى سيرتهم العطرة وسلوكهم وعبادتهم واقتدائهم بسنة جدهم النبى J. أما فى الوقت الحاضر فإن هناك من يدعى كذبًا نسبته إلى آل البيت دون أى إثبات أو توثيق على ذلك، وللأسف تسانده جهات غير شرعية فى بعض البلدان الإسلامية، حيث أصبح الأمر ليس له ضوابط صريحة وقاطعة فى هذا الشأن مما ندعوا معه المسلمين فى جميع أقطار الأرض إلى العمل على إنشاء جهة حكومية منتخبة على مستوى البلاد الإسلامية جميعًا ويعهد إليها توثيق النسب الشريف فى العصر الحديث ولا يعتد بغير هذه الجهة. حيث أصبح نسل آل البيت المعاصرين حقيقة لا يجوز إنكارها فى الواقع الراهن؛ وذلك لأن آل البيت لم ينقطع نسلهم كما يزعم بعض الجهلاء والحاقدين، حيث ثبت عن النبى J أنه أخبر عن المهدى الذى يأتي فى آخر الزمان ويكون من نسله الشريف من ذرية السيدة فاطمة ومن آل بيته J.