أخبار عاجلة

حافظوا على الطبقة الوسطى

بعد نشر المقال سألني أحد الشباب عن أهمية الطبقة الوسطى، ولماذا لم أوجه بزيادة عدد الأثرياء بدلًا من أن أطالب بالحفاظ على متوسطي الدخل، فتحدثت معه حول عدة أمور سأوجزها لكم في هذا المقال….

السيد علاء أبو العزائم

شيخ الطريقة العزمية

ورئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية

حافظوا على الطبقة الوسطى

حدثتكم العدد الماضي في جزئية بسيطة حول خطورة الانقسام المجتمعي، وتلاشي الطبقة الوسطى.

 

بعد نشر المقال سألني أحد الشباب عن أهمية هذه الطبقة، ولماذا لم أوجه بزيادة عدد الأثرياء بدلًا من أن أطالب بالحفاظ على متوسطي الدخل، فتحدثت معه حول عدة أمور سأوجزها لكم في هذا المقال.

 

بداية سأعرض لكم هذه القصة لتقرب المعنى:

 

اشتهر الحسين بن الفضل البجلي بكتابه (الأمثلة الكامنة في القرآن الكريم) في القرن الثاني الهجري، فذهب إليه مضارب بن إبراهيم بن طوق، وقال له: إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن: فهل تجد في كتاب الله تعالى: «خير الأمور أوسطها»،؟ قال: نعم، في أربعة مواضع: الأول: في البقرة، في قوله تعالى: (لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ) (البقرة: 67)، وهي المسنة.

 

الثاني: قوله تعالى في «النفقة»: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (الفرقان: 67).

 

الثالث: قوله عز وجل لنبيّه صلى الله عليه وآله وسلم في «الصلاة»: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا) (الإسراء: 106).

 

والرابع: قوله سبحانه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ) (الإسراء: 29).

 

هذه الأمثلة الأربعة، وهي قليلة إذا ما قيست بعدد الآيات التي مدح فيها الله عز وجل الوسط أو التوسط، تعبر عن أهمية وجود الوسطية في كل شيء.

 

وجود الوسطية يعني وجود اتزان واستقرار، حتى عندما كتب الإمام السيد عز الدين ماضي أبو العزائم رضي الله عنه شعارًا للطريقة العزمية، قال: (دعوتنا دعوة وسطية، لا تميل إلى فكر الغلاة ولا البغاة).

 

فتخيلوا أن المجال الدعوي خلا من الوسطيين وبقى فيه فقط غلاة وبغاة، كيف سيكون وضع الدعوة؟.. سيتحاربون فيما بينهم، ولن يجدوا عقلاء يقربون وجهات النظر، وبالتالي سينهار المجتمع الإسلامي.

 

هذا المثال هو مدخلنا لفهم أهمية الطبقة الوسطى في النظام الاجتماعي في الدول والأنظمة والمجتمعات، فهذه الطبقة مهمة جدًّا في عدة جوانب، واختفاؤها أو تلاشيها علامة خطيرة على قرب انهيار النظام الاجتماعي برمته، فلذلك يجب الحفاظ عليها.

 

==========

الطبقة الوسطى

==========

 

تشير الطبقة الوسطى إلى فئة من الناس في منتصف التسلسل الهرمي الاجتماعي، والتي غالبًا ما يتم تعريفها من خلال المهنة أو الدخل أو التعليم أو الوضع الاجتماعي.

 

تتراوح التعريفات الشائعة للطبقة الوسطى من الخُمس الأوسط من الأفراد على سلم دخل الأمة، إلى الجميع باستثناء أفقر وأغنى 20٪.

 

تختلف المصطلحات في الولايات المتحدة، حيث يصف مصطلح الطبقة الوسطى الأشخاص الذين يُطلق عليهم في بلدان أخرى لقب الطبقة العاملة، وفي بقية أنحاء العالم، تقتصر الطبقة الوسطى على المناصب الإدارية التي تتقاضى أجورًا مرتفعة والتي تعمل على إدارة الشركات والحكومة.

 

لقد شهدت الطبقة الوسطى العالمية نموًّا كبيرًا بمرور الوقت. ففي فبراير 2009م، أكدت مجلة الإيكونوميست أن أكثر من نصف سكان العالم ينتمون إلى الطبقة الوسطى، نتيجة للنمو السريع في البلدان الناشئة. ووصفت المجلة الطبقة الوسطى بأنها تتمتع بكمية معقولة من الدخل التقديري وعرفتها بأنها تبدأ عند النقطة التي يتبقى فيها لدى الناس ما يقرب من ثلث دخلهم للإنفاق التقديري بعد دفع ثمن الغذاء الأساسي والمأوى.

 

===============

لماذا تختفي الطبقة الوسطى؟

===============

 

في الفترة الأخيرة شهدنا نزوحًا جماعيًّا لأبناء الطبقة الوسطى إلى طبقة الفقراء، في حين فر بعض أبناء الطبقة إلى طبقة الأثرياء بطرق غير مشروعة.

 

ويرجع سبب اختفاء الطبقة الوسطى في الأصل إلى جشع الأغنياء والتجار الكبار، فمع كل تحول اقتصادي تنخفض قوة العملة الشرائية، وتحدث قفزات في الأسعار نتيجة لجشع التجار ورغبتهم في تحقيق أكبر مكسب، وبالتالي فقد أبناء الطبقة الوسطى مدخراتهم المحدودة، ثم بدأوا يقللون من مصروفاتهم، ومع الوقت أصبحت رواتبهم لا تشتري شيئًا، فأصبحوا هم والفقراء سواء.

ومع كل ضربة اقتصادية أو انخفاض للعملة أو موجة غلاء، تنزح مجموعة جديدة من الطبقة الوسطى إلى طبقة الفقراء؛ حتى نشهد يومًا ما اختفاءها، في وقت تزايدت فيه ثروة الأغنياء وتضاعفت بسبب جشعهم.

 

وقد لحق بالأغنياء بعض الفاسدين أو السارقين أو اللاهين الذين ينفق عليهم الأغنياء بسفه؛ حتى أغنوهم.

 

===============

أهمية الطبقة الوسطى في الفكر الغربي

===============

 

نعرض في البداية ما يقوله علماء الاجتماع والاقتصاد الغربيون حول أهمية هذه الطبقة، ثم ندلو بدلونا بعد ذلك.

 

يقول الأسترالي باتريك ديسوزا، مالك شركة ديسوزا للاستشارات: إن الطبقة الوسطى هي العمود الفقري للمجتمع، فهم أكثر أهمية من الأغنياء، وهم أكثر أهمية من الفقراء؛ لأن ما يفعلونه باقتصاد الأمة هو أنهم يحافظون على توازنه.

 

وتقول مجلة فوربس الأمريكية: إن  الطبقة الوسطى في أي دولة تمثل صحتها الاقتصادية بشكل عام، وعادة ما يشير نمو شريحة الدخل المتوسط ​​إلى مستويات أعلى من الثروة والرفاهية، كما يمكن أن يدعم ذلك التوقعات المالية القوية للبلاد.

 

في البلدان النامية اليوم، توجد في كثير من الأحيان علامات تشير إلى وجود قوة عاملة قادرة وراغبة في العمل، وربما لم تتح لهؤلاء الأفراد الفرصة لتلقي الدعم المالي وسنوات من التعليم، ولكن عندما توفر الشركات للعمال رواتب وفرصًا للتدريب، فإن ذلك يؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمع بأكمله.

 

وفيما يلي بعض الفوائد الرئيسة الناجمة عن نمو الطبقة الوسطى:

 

1- زيادة التعليم في المجتمع

===============

 

إذا خرجت الأسر من الفقر، فإن منظورها للمستقبل يتغير، فبدلًا من التركيز على الاحتياجات اليومية مثل الوجبة التالية أو زيارة الطبيب، يمكنهم وضع ميزانية لأموالهم والتفكير في الأمد البعيد، وغالبًا ما يشمل هذا توفير المال وإعطاء الأولوية لتعليم أطفالهم.

 

وبالتالي، إذا التحق الوالدان بمدرسة ابتدائية، فقد يهدفان إلى جعل ابنهما أو ابنتهما يكملان المدرسة الثانوية أو حتى الجامعة، وبمجرد أن يكبر هؤلاء الشباب، سيقدمون مساهماتهم الخاصة للمجتمع.

 

وقد تتخذ هذه المساهمات شكل تطوير الأعمال، أو المشاركة في الأحداث الثقافية، أو التخصص في المهارات الأساسية.

 

2- التنمية الاقتصادية

===============

 

مع ارتفاع الرواتب بين شريحة أكبر من المجتمع، يميل الأمر إلى زيادة الاستهلاك.

 

وسوف تشهد الشركات المحلية زيادة في حجم سوقها، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المبيعات والإيرادات.

 

وكثيرًا ما ينعكس هذا التطور الاقتصادي في البنية الأساسية للمجتمع أيضًا، حيث يتم بناء طرق أفضل، وتجديد المباني المتداعية، وتنفيذ أعمال بناء جديدة.

 

3- زيادة القوى العاملة الماهرة

===============

 

في المناطق ذات الدخل المنخفض، قد لا يتمكن الشباب من الوصول إلى التدريب المهني أو الدورات التدريبية التي توفر التدريب، وقد ترجع هذه العوامل إلى التكلفة، مما يجعل هذه الدورات التدريبية باهظة الثمن، أو الوقت، حيث يحتاج الكثير إلى العمل لتوفير الاحتياجات اليومية.

 

عندما تقدم الشركات برامج للموظفين لتعلم المهارات الفنية والتدريب على أدوار محددة، فإن القوى العاملة بأكملها لديها القدرة على اتخاذ خطوة للأمام، ويمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة أجور الموظفين ونماذج أعمال أقوى للشركات، ويمكن لأولئك الذين تلقوا التدريب الانتقال إلى مناصب إدارية والإشراف على الوافدين الجدد.

 

4- الحد من الهجرة

===============

 

عندما يعيش العمال في مناطق منخفضة الدخل ويفتقرون إلى فرص العمل، فإنهم يكونون أكثر ميلًا إلى البحث عن عمل في أماكن أخرى، وفي الدول النامية، يؤدي هذا غالبًا إلى ارتفاع مستويات الهجرة.

 

يترك السكان أسرهم وينتقلون إلى بلدان حيث يمكنهم العمل وتلقي الأجور، ومع ذلك، إذا وجد العمال مزايا تعمل على تحسين ظروف معيشتهم بالقرب من وطنهم، فإنهم عادةً ما يبقون في المنطقة.

 

وبما أن صاحب العمل يدفع أجرًا أعلى من المتوسط ​​في المنطقة، فإن العمال غالبًا ما يكونون مدفوعين للبقاء مع الشركة، فهم يدعمون أسرهم ويحافظون على تماسك الأسرة، وبالتالي يوفرون للأطفال بيئة أكثر صحة أثناء نموهم.

 

5- المزيد من الفرص الخيرية

===============

 

إن الأسر التي تنتقل إلى شريحة الطبقة المتوسطة تخلق تأثيرًا متواصلًا في المجتمع، وتبحث هذه الأسر عن سبل لمساعدة أولئك الذين يعيشون في فقر.

 

قد تتطوع هذه الأسر في الملاجئ، أو تقدم خدمات تعليمية مجانية مثل الدروس الخصوصية، أو تتبرع بمواد غذائية غير قابلة للتلف للأسر المحتاجة.

 

هذا ما يراه علماء الغرب، فماذا نرى نحن؟

 

===============

أهمية الطبقة الوسطى عندنا

===============

 

للطبقة الوسطى أهمية كبيرة في المجتمعات الإسلامية، لما يلي:

 

1- أساس تماسك المجتمع:

===============

 

الفقير إذا ما وجد أمامه أثرياء فقط، ولم يجد شخصًا يقاربه في الظروف الاقتصادية والاجتماعية، فإنه سيرى نفسه بمعزل عن مجتمع الأثرياء، وسيشعر بالغربة ولو كان في وطنه.

 

وكذلك الغني إذا نظر فوجد المجتمع به فقراء وأثرياء فقط، فإنه سيميل إلى السكن في تجمعات وكمبوندات تحميه هو والأثرياء مثله، وسينظر إلى الفقراء باعتبارهم تهديدًا لحياته، وبالتالي سيزيد من استئجار موظفي الأمن للحماية، وسيكون هذا فاصلًا وعازلًا بين الأغنياء والفقراء.

 

2- تحمي من الأمراض الاجتماعية:

===============

 

وجود طبقة وسطى بين الفقراء والأغنياء تساهم في الحد من انتشار الأمراض الاجتماعية مثل: الحقد والحسد من الفقراء للأغنياء، وكذلك الغرور والتكبر من الأغنياء تجاه الفقراء؛ لأن النظام الاجتماعي يكون متدرجًا، وهناك طبقة وسطى دنيا قريبة من الفقراء، وطبقة وسطى عليا قريبة من الأغنياء، فالمجتمع يكون أشبه بدرجات السلم متماسكة فيما بينها، تحاول كل درجة فيها أن تحسن وضعها لترتقي إلى ما فوقها، بدلًا من أن يكون المجتمع عبارة عن شخص يقف في الطابق السفلي وآخر في العلوي، وليس بينهما أي رابط أو سلم.

 

3- تقليل الجرائم:

===============

 

الفوارق الكبيرة بين الأغنياء والفقراء، قد تدفعهما للكراهية المتبادلة، مما ينذر بزيادة جرائم الانتقام والقتل والسرقة.

 

لأن رؤيتك لغيرك وهو يتمتع بالمال والثراء والرفاهية المطلقة، في حين أنك لا تجد قوت يومك، قد يدفعك إلى الرغبة في الانتقام منه أو سرقته.

 

لكن في حالة وجود طبقة وسطى في المجتمع، فإن التدرج الاقتصادي يجعل طموحك أن تعلي من نفسك لا أن تأخذ مكان غيرك.

 

ولنقربها بمثال: لو أن هناك شخصًا يسير على قدميه، وآخر على دراجة، والثالث على عربة بحصان، والرابع بسيارة، والخامس لديه طائرة.

 

لتمنى كل واحد أن يلحق بمن يليه، أما إذا كان المجتمع به من يسير على قدميه ومن يملك الطائرات الفارهة فقط، لتولد الحقد والكراهية بينهما.

 

4- منع الإبادة الجماعية:

===============

 

إذا كان المجتمع الإنساني يتكون من طبقات عدة، ولكل منها دور، فإن بقاء المجتمع ككل مرتبط بالحفاظ على جميع الطبقات العاملة لنهضة المجتمع.

 

لكن إذا كان المجتمع يضم أثرياء وفقراء فقط، ووجد الأثرياء أن الفقراء يشكلون عبئًا عليهم، فلا يعملون ولا ينتجون ولا يشترون السلع، فقد يفكرون في التخلص منهم بإبادة بيولوجية أو حرب من أجل التخلص من عبئهم.

 

هذا بالتحديد ما يفكر فيه الغرب تجاه المسلمين، حيث يجدونهم عبئًا حضاريًّا، فلا ينتجون ولا يطورون ولا يفكرون، وإنما يعتمدون عليهم في الغذاء والدواء والسلاح، فلذلك لا يجدون غضاضة في أن يفكروا في التخلص منهم بأي طريقة، وكذلك الحال داخل أي مجتمع.

 

5- الحماية من الصدمة النفسية:

===============

 

إذا ما خسر ثري كل أمواله مرة واحدة وأصبح فقيرًا فقد يفقد عقله ويسير يحدث نفسه في الطرقات.

 

وكذلك الفقير إذا وجد كنزًا قد يفقد أخلاقه ويبدد الأموال في المعاصي والمنكرات.

 

من ذلك، كان لا بد من وجود طبقة وسطى تستقبل الصاعدين من الفقراء والهابطين من الأثرياء، من أجل سلامتهم النفسية وحماية عقولهم وأخلاقهم.

 

ولنضرب مثالًا يقرب المسألة: هناك بلد في منطقتنا كان متشددًا ويغلب على أهله التشدد الديني، وقد ظل ذلك لعقود، وعندما قررت قيادتهم السياسية إلغاء التشدد ونشر التسيب، انقلب الحال إلى النقيض في يوم وليلة؛ لأن المجتمع تحرك من النقيض للنقيض، فأصيب بصدمة نتج عنها خلل في التصرفات.

 

وكذلك نرى أن المتشددين دينيًّا إذا أصيبوا بالشك ينتقلون إلى الإلحاد، وهذا من علامات الخلل النفسي؛ لأن انتقالهم لو كان طبيعيًّا لمروا أولًا بالوسطية، قبل أن يتطرفوا إلى الجهة الأخرى.

 

وجود طبقة وسطى يعني تخفيف آثار الصدمات النفسية لكلا الجانبين، وبالتالي يحافظ على استقرار نفسية أعضاء المجتمع.

 

===============

كيف نحمي الطبقة الوسطى من الاختفاء؟

===============

 

إذا أردنا حماية الطبقة الوسطى من الاختفاء، يجب على كل فئة من المجتمع أن تقوم بدورها:

 

1- مسؤولية الدولة:

===============

 

من واجبات الدولة أن تحافظ على النظام الاجتماعي المتماسك بطبقاته المستقرة، ولذلك إذا قررت الدولة تنفيذ إصلاحات اقتصادية وجب عليها أن تلجم التجار ورجال الأعمال من استنزاف أموال الفقراء والطبقة الوسطى، ويكون ذلك بتدخل حاسم وسريع في الأسعار ومراقبة الأسواق، ومعاقبة المخالفين.

 

كما أن على الدولة أن تراجع رواتب الموظفين في القطاع العام وتحركها بشكل كافٍ يستوعب الزيادة في الأسعار، إذا لم تستطع تلجيم الأغنياء والتجار، وأن تلزم القطاع الخاص بفعل المثل.

 

2- مسؤولية التجار ورجال الأعمال:

===============

 

على التجار ورجال الأعمال أن يتقوا الله في طبقات المجتمع الأخرى، وإذا كانت هناك ظروف اقتصادية صعبة، فعليهم أن يدفعوا ثمنها مع بقية الطبقات، لا أن يضاعفوا أسعار السلع والخدمات من أجل أن يحتفظوا لأنفسهم بنفس قيم الربح السابقة، أو يزيدونها، على حساب انهيار مجتمعي كبير.

 

كما أن على الأثرياء أن يعطوا حق الله من أموالهم للفقراء في صورة صدقات تساعدهم على هذه الظروف، وعليهم أن يزيدوا رواتب الطبقة الوسطى التي تعمل لديهم ليحافظوا على الحياة المستقرة التي يعيشونها؛ لأنه لو تحول موظفيهم إلى فقراء فربما تحدث سرقات أو تخريب متعمد أو تقصير في الأعمال كنوع من الانتقام منهم.

 

3- مسؤولية المجتمع:

===============

 

على المجتمع أن يحافظ على بعضه بعضًا، خصوصًا إذا تقاعست الدولة وتجاشع الأثرياء.

 

ويكون هذا الحفاظ بتوجيه النفقات في مسارها الصحيح وتشجيع العمل الجاد. كمثال على ذلك: بدلًا من إنفاق آلاف الجنيهات على الدروس الخصوصية للطلاب، يتم الاتفاق على تجميع مبلغ يستطيع الجميع دفعه وتقديمه لإدارات المدارس لزيادة رواتب المدرسين الذين يدرسون بإخلاص داخل الفصول، مما يعمل على تشجيع العمل بإخلاص، وفي نفس الوقت حماية المعلمين من أن يتحولوا من الطبقة المتوسطة لطبقة الفقراء، فيدفعهم ذلك لمد أيديهم للطلاب في الدروس الخصوصية.

 

وكذلك على المجتمع أن يتحرك بأفكار مشابهة لحماية أغلب المهن التي تشكلها الطبقة الوسطى حفاظًا على المجتمع.

 

4- مسؤولية الإعلام ورجال الدين:

===============

 

على الإعلام والصحافة ورجال الدين والثقافة والفكر أن يشكلوا حملة لتصحيح المفاهيم، وحث كل عضو في المجتمع على القيام بدوره في الحفاظ على المجتمع واستقراره، وتعزيز قيم العمل الجماعي، بدلًا من الأنانية التي ضربت الطبقة العليا فجعلتها تستنزف الطبقة الوسطى والفقيرة حتى الرمق الأخير.

 

كما أن عليهم أن يحددوا لأفراد المجتمع الفرق بين الضروريات والكماليات؛ لأننا في زمن لم يعد يفرق الناس فيه بينهما، فأدى ذلك لاستنزاف مدخراتهم ورواتبهم في أشياء قد لا يحتاجونها بالضرورة، ويستغلها التجار الجشعون في نهب ما في جيوبهم.

 

5- مسؤولية آل العزائم:

===============

 

يقول الإمام محمد الباقر عليه السلام: (كُونُوا النُّمْرُقَةَ الْوُسْطَى‏، يَرْجِعُ إِلَيْكُمُ الْغَالِي، وَيَلْحَقُ بِكُمُ التَّالِي)، وقد دعوتكم كثيرًا لأن تكونوا البللوة التي يجتمع عليها المجتمع الإسلامي الكبير.

 

لذلك وجب عليكم أن تتحولوا من صالحين إلى مُصلحين، وأن تنشروا القيم التي حدثتكم عنها، وأن تحاولوا إصلاح الوضع الاجتماعي الفاسد الذي نعيشه، حفاظًا على استقرار مجتمعاتكم، وحفاظًا على وحدة أمتكم، وإعلاء قيم الحق.

 

أسأل الله أن يحفظ أمتنا من كل سوء، وأن يعدل موازينها المختلة برجال يسيرون بنور المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم؛ فينيرون ظلمات الفساد، ويرفعون المظالم عن العباد.

 

وصلى الله على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى آله وسلم.

 

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

جمع المنقول والمعقول يكشف الجمال والكمال المحمدي

يا عبد الله! إنما بعث الله نبيه ليعلم الناس دينهم، ويدعوهم إلى ربهم، ويكد نفسه …