أخبار عاجلة

معارج المقربين (3)

السالك طريق الله تعالى عليه أن يحصل على ما لا بد له منه مما أوجبه الله تعالى عليه، من معرفته سبحانه، ومعرفة رسله وملائكته وكتبه وما أخبر عنه، ومعرفة آياته الدالة على بديع صنعه وعجيب قدرته ولطيف حكمته؛ حتى يكون سالكًا على منهج سيدنا ومولانا رسول الله..

الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم

تعاريف تلزم لمن ذاق حلاوة الفكر في الآيات:

السالك طريق الله تعالى عليه أن يحصل على ما لا بد له منه مما أوجبه الله تعالى عليه، من معرفته سبحانه، ومعرفة رسله وملائكته وكتبه وما أخبر عنه، ومعرفة آياته الدالة على بديع صنعه وعجيب قدرته ولطيف حكمته؛ حتى يكون سالكًا على منهج سيدنا ومولانا رسول الله J، ويعرف ما أوجبه عليه من الأعمال والأخلاق والمعاملات ليكمل كمالًا يجعله باقيًا أبدًا مع النبيين والصديقين والشهداء، محفوظًا من النقص المؤدي إلى عذاب الله ومقته وسخطه.

ولما كانت تلك الواجبات كلها أتى بها القرآن الكريم وبينها رسول الله Jبيانًا اطمأنت به النفوس الزكية وثلجت به القلوب السليمة، وكانت الآيات الحاثة على الفكر قد وردت في الكتاب العزيز مفصلة ومجملة في مواضيع كثيرة خصوصًا التفكر في النفس وفيما في السموات والأرض وفي الأفلاك والسحب والهواء والحيوانات والنباتات والجبال وأنواعها، كان ولا بد للسالك أن يحيط علمًا بتعريف كل نوع؛ حتى يمكن أن يجول بنفسه المفكرة في أسراره المنطوية فيه وآياته الظاهرة، ليعلم من قدرة ربه تعالى ما يجعله موحدًا، ومن حكمته سبحانه ما يجعله مسلمًا، ولما كان الرسول J هو شمس تلك الأسرار المضيئة على القلوب والأبدان، والشراب الطهور للنفوس والأرواح، والنور المبين سبل الحق ومناهجه، لزم لطالب النجاة أن يعتصم بهديه J ويتحصن بسنته صلوات الله وسلامه عليه، والعلماء ورثته J لكل منهم قسط من أنواره، والحكماء أكمل الناس في التجمل بحلل الوراثة، والحكيم هو الذي يوجد فيه سبع خصال محمودة: أحدها أن تكون أفعاله محكمة، وصنائعه متقنة، وأقاويله صادقة، وأخلاقه جميلة، وآراؤه صحيحة، وأعماله زكية، وعلومه حقيقية.

قاعدة لمعرفة الكائنات المحيطة بنا:

معلوم أن معرفة حقيقة الأشياء هي معرفة حدودها ورسومها وذلك أن الأشياء كلها نوعان: مركبات وبسائط.

فأما المركبات: فتعرف حقائقها إذا عرفت الأشياء التي هي مركبة منها.

والبسائط: تعرف حقائقها إذا عرفت الصفات التي تخصها.

مثال ذلك: إذا قيل لك: ما حقيقته (الطين)؟ فيقال: ماء وتراب مختلطان (والسكنجبين) فيقال: عسل وخل ممزوجان، (والسرير) خشب وصورة مركبان، (والكلام) ألفاظ ومعان مؤلفان، (واللحن) نغمات حادة وغليظة متحدان، (والحيوان) نفس وجسد مقرونان.

وعلى هذا القياس تجيب إذا سئلت عن هذه الأشياء المركبة، إذًا لا بد من ذكر تلك الأشياء التي هي مركبة ومؤلفة منها، فأما الأشياء البسيطة فتعرف حقائقها إذا عرفت الصفات التي تخصها.

مثال ذلك: إذا قيل لك: ما (الجسم المطلق) فيقال: جوهر بسيط قابل للصورة، فإن قيل: ما (الصورة)؟ فيقال: ماهية الشيء وله الاسم والعقل والقيمة، فإن قيل: فما (الجوهر)؟ فيقال: هو القائم بنفسه القابل للصفات، فإن قيل: فما (الصفة)؟ فيقال: عرض حال في الجوهر لا كالجزء منه، فإن قيل: ما (الشيء)؟ فيقال: هو المعنى الذي يعلم ويخبر عنه، فإن قيل: ما (الموجود)؟ قيل: هو الذي وجده أحد الحواس أو تصوره العقل أو دل عليه الدليل. فإن قيل: ما (المعدوم)؟ فيقال: ما قابل هذه الأشياء المذكورة في الوجود، فإن قيل: ما (المحدث)؟ فيقال: ما كونه غيره، فإن قيل: ما (الإحداث)؟ فيقال: تكوين المكون، فإن قيل: ما (العالم)؟ فيقال: هو المتصور للشيء على حقيقته، فإن قيل ما (العلم)؟ فيقال: صورة المعلوم في نفس العالم، فإن قيل: ما (الحي)؟ فيقال: المتحرك بذاته.

فإن قيل: ما (القادر)؟ فيقال: هو الذي لا يتعذر عليه الفعل متى شاء، فإن قيل: ما (الفعل)؟ فيقال: أثر من مؤثر في مؤثر فيه، فإن قيل: ما معنى (الباري تعالى)؟ فيقال: مبدع المبدعات ومخترع الكائنات ومتقنها ومتممها ومكملها ومبلغها إلى أقصى مدى غاياتها ومنتهى نهاياتها بحسب ما يتأتي في كل واحد منها.

فإن قيل: ما (القدرة)؟ فيقال: إمكان إيجاد الفعل، فإن قيل: ما (الصنعة)؟ فيقال: هو إخراج الصانع من فكره ووضعه في الجسم، فإن قيل: ما (المصنوع)؟ فيقال: مركب من جسم وصورة.

فإن قيل: ما (العقل الأول)؟ فيقال: هو أول مبدع أبدعه الله تعالى وهو جوهر نوراني، وقد ورد في حديث: (أول ما خلق الله تعالى العقل) وورد (أول ما خلق الله نور نبيك من نوره) فيظهر أن العقل الأول هو نور رسول الله J.

(النفس) هي جوهرة روحانية حية علامة فعالة بإذن الله تعالى. (الإرادة) هي إشارة بالوهم إلى تكوين أمر ممكن كونه وكون خلافه لتخصيص أحدهما. (العقل الإنساني) هو التمييز الذي يخص كل واحد من أشخاصه دون سائر الحيوانات.

(الجنس) هي صفة جماعة مختلفة الصور يعمها معنى واحد. (النوع) هي صفة جماعة متفقة بالصورة يعمها معنى واحد. (الشخص) هو كل جملة يشار إليها دون غيرها مميزة من غيرها بالأفعال والصور. (الخاصة) هي صفة مخصوصة بطيئة التحول. (النور) هو جوهر مرئي يضيء من ذاته ويرى به غيره. (الظلمة) هي عدم النور عن الذات القابلة للنور.

(النهار) هو ضوء الشمس. (الليل) هو ظل الأرض. (الحرارة) غليان أجزاء المادة. (البرودة) جمود أجزاء الجسم المادي. (الرطوبة) سيلان أجزاء المادة.

(اليبوسة) تماسك أجزائها. (اللون) بروق شعاعات الأجسام. (الرائحة) أبخرة ذوات كيفيات تحلل من الأجزاء المركبة. (الصوت) قرع في الهواء من تصادم الأجسام. (الكون) قبول الجسم صورته وخروجه من حيز العدم. (الزيادة) تباعد نهايات الشيء و (النقصان) تقاربها. (التغير) تبدل الصفات على الموصوف.

(والنقلة) خروج من مكان إلى مكان. (المكان) كل موضع تمكن فيه المتمكن وهو نهايات الجسم. (الزمان) عدد حركات الفلك وتكرار الليل والنهار. (الفلك) هو جسم شفاف كروي محيط بالعالم. (العالم) جميع الموجودات المتكونات التي يحويها الفلك. (الكواكب) هي أجسام منيرة مستديرة. (الجسم) هو ماله طول وعرض وعمق. (الجسم الشفاف) هو كل جسم يرى ما وراءه.

(النار) هي نير حار يبدد الأشياء ويفرق أجزاءها ويردها إلى ذاتها البسيطة. (الهواء) هو جسم لطيف خفيف سيال شفاف سريع الحركة إلى الجهات الست. (الجهات الست) هي فوق وتحت وغرب وشمال وجنوب وشرق. (الماء) هو جسم سيال قد أحاط حول الأرض.

(الأرض) هي جسم غليظ أغلظ ما يكون من الأجسام وتواقعت في مركز العالم. (الزبد) هو ماء وهواء. (الرياح) هو تموج الهواء وسيلانه إلى إحدى الجهات. (الأثير) هو الهواء الحار الذي يليه فلك القمر. (النسيم) هو الهواء المعتدل الذي يلي وجه الأرض. (الزمهرير) هو الهواء الذي فوق كرة النسيم ودون الأثير وهو بارد مفرط البرودة. (الشعاع) هو نور الشمس والقمر والكواكب السيارة في الهواء نحو مركز الأرض. (انعكاس الشعاع) هو رجوع تلك الأنوار من سطح الأرض والبحار والأنهار والجبال في الهواء. (البخار) هو أجزاء مائية رطبة ترتفع عند غليان الماء فتتحرك به الآلات والأدوات لنفع العالم. (الدخان) هو أجزاء أرضية لطيفة ترتفع في الهواء مع الحرارة.

(الغيم والسحاب) هما الأجزاء المائية إذا كثرت في الهواء وتراكمت. الغيم منها هو الرقيق، والسحاب هو المتراكم. (المطر) هو تلك الأجزاء المائية إذا التأم بعضها مع بعض وبردت وثقلت ورجعت نحو الأرض. (الرياح) هي تلك الأجزاء الأرضية إذا بردت ورجعت نحو مركزها. (البرق) هو النار تنقدح من احتكاك تلك الأجزاء الدخانية في جوف السحاب.

(الرعد) هو الصوت الذي يدور في جوف السحاب ويطلب الخروج. (الصاعقة) هي صوت يحدث من خروج تلك الرياح دفعة واحدة مع تلك البروق من اتحاد الكهربائية الجوية. (الصوت) هو قرع يحدث في الهواء من تصادم الأجسام بعضها مع بعض. (الضباب) هو البخار الرطب يثور من وجه الأرض يعقب الأمطار. (الهالة) هي دائرة تحدث فوق سطح الغيم من انعكاس شعاع الشمس والقمر والكواكب. (قوس قزح) هو نصف محيط تلك الدائرة إذا حدثت في كرة النسيم ملونة بألوان متناهية في أعلاها الحمرة، والصفرة دونها، والخضرة دون الاصفرار، والزرقة دون الخضرة.

(الثلوج) قطر صغار تجمد في خلل الغيم تنزل برفق. (البرد) هو قطر تجمد في الهواء بعد خروجها من سمك السحاب. (السيول) هي مياه أودية تجري من كثرة الأمطار. (زيادة الأنهار) هي من ماء العيون الذي ينزل من أصول الجبال فينصب ويجري في بطون الأودية، وزيادتها من كثرة السيول.

(الزلزال) هي حركة بعض بقاع الأرض من أبخرة ناتجة عن انفعالات في جوف الأرض محبوسة، تلك الأبخرة تريد الصعود. (الجبال) هي أوتاد الأرض وبها تتغير مجاري الرياح وتمد الأنهار بالمياه التي تستودع فيها من الأمطار وتجمد على رؤوسها ثم تجري سيولًا.

(الجزائر) هي بقاع من الأرض في وسط البحار.

(البرارى) هي بقاع من الأرض ليس فيها نبات ولا بناء.

(الآجام والبطائح) هي بقاع فيها مياه ونبات. (الغدران) هي مواضع يجتمع فيها مياه الأمطار.

(الأرض) هي جسم كروي الشكل وقفت في الهواء بإذن الله تعالى بجميع ما عليها من الجبال والبحار. (الهواء) هو محيط بالأرض من جميع الجهات. (الفلك) هو محيط بالهواء مثل ذلك. (مركز الأرض) هي نقطة في وسط عمقها ومن تلك النقطة إلى ظاهر سطح الأرض ثلاثة ونصف من اثنين وعشرين من المحيط 3.5 من 22 من المحيط. (البحار) هي مستنقعات على وجه الأرض حاجزة للمياه المجتمعة فيها.

(زيادة البحر) هي انصباب مياه الأنهار والأودية فيها، فإن قيل: ما العلة في مد بحر فارس وجزره في اليوم والليلة؟ يقال: علة كون المد عند طلوع القمر فإنه يؤثر في غليان أجزاء المياه في قعره وثوران انتفاخها ورجوع تلك الأنهار المنصبة إلى خلف فيظهر المد فعله، كون الجزر هي عند مغيب القمر ورجوع تلك الأجزاء إلى قرارها ويؤثر بإزالة الغليان والفوران والانتفاخ السكوب فيظهر الجزر. العلة في أن مياه البحار كلها مالحة مُرَّة غليظة ومياه الأمطار وأكثر الآبار عذبة لطيفة؛ لأن الحكمة الإلهية اقتضت حفظ الماء من التغير والتعفن فمزجته بالملح ليكون خزانة يصرف منه على عباده في كل سنة القدر الذي أراده بالأمطار ﴿ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ (الحجر: 21) ولولا ذلك لتعفن الماء وأهلك العالم كله.

(الطبائع الأربعة) هي البرودة والحرارة والرطوبة واليبوسة. (الأركان الأربعة) هي النار والهواء والماء والأرض. (الأخلاط الأربعة) هي الصفراء والسوداء والدم والبلغم.

(المولدات الكائنة) هي المعادن والنباتات والحيوان. (المعادن) هي ما يكون في عمق الأرض من الجواهر وغيرها مما يجري مجرى الموات. (النبات) هو الظاهر على وجه الأرض من نبات الأشجار. (الحيوان) هو كل جسم متحرك حساس مؤلف من نفس حيوانية وبدن موات. وتقويمها على ضربين: فمنها ما يتكون ويتولد في الرحم، ومنها ما تخرجه البيض، منها ما يتولد من أشياء، ومنها ما يجتمع من الطرفين يتوالد ويتولد.

(الإرادة) هي إشارة بالوهم إلى تكوِّن شيء ما يمكن كون ذلك ويمكن كون غيره.
(القدرة) هي إمكان شيء من الأفعال اختيارًا. (الاختيار) هو قبول أحد الأمرين بالوهم من ذوات الباطن وذوات الظاهر بالحس.

(الجهل) هو تصور الشيء بغير صورته. (الاعتقاد) هو عقد الاحتمال على تحقيق شيء. (الوهم) هو قوة من قوى النفس الحيوانية متخيلة بها الأشياء.

(الإيمان) هو التصديق بما يخبر به المخبر. (الإسلام) هو التسليم بلا اعتراض. (الطاعة) هي من جماعة لرئيس ينتظر منه نيل الجزاء. (الكفر) هو الغطاء. (الشرك) إثبات ربوبية اثنين. (الجحود) هو إنكار الحق. (المعصية) هو الخروج عن الطاعة. (الطاعة) هي الانقياد لأمر الآمر ونهي الناهي.

(الميعاد) هو رجوع الخلق إلى النعيم أو إلى العذاب. (الثواب) هو ما يجعل لكل نفس من السعادة والراحة واللذة والسرور والفرح بعد الموت. (العقاب) هو ما ينال الإنسان من الحزن والآلام والخوف بعد الموت وكل إنسان بحسب ما اكتسب من الخير والشر والله غفور رحيم.

(المعروف) هو كل فعل لم تنه عنه الشريعة والسنة وجرت به العادة. (المنكر) ما نهت عنه الشريعة ولم تجر به السنة ولا العادة. (أجرة الأجير) هو جزاء لما يستحق كل عامل بما يعمله. (الشكل) صورة جسمانية. (اللون) صورة روحانية. (النبات) هو كل جسم يتغذى وينمو. (الحيوان) كل جسم متحرك حساس. (والإنسان) حي ناطق، وهو جملة مركبة من نفس ناطقة وبدن مائت. (والجسم) جوهر لطيف طويل عريض عميق. (اللفظ) كل صوت له هجاء. (والكلام) كل لفظ يدل على معنى. (الصدق) هو إيجاب صفة لموصوف هي له أو سلب صفة عن موصوف ليست له.

(الكذب) هو عكس ذلك، ويقال أيضًا: الصدق والكذب في الأقاويل، والصواب والخطأ في الضمائر، والخير والشر في الأفعال، والحق والباطل في الأحكام، والضر والنفع في الأشياء المحسوسة.

(الدنيا) هي مدة بقاء النفس مع الجسد إلى وقت افتراقها الذي يسمى الموت. (الموت) هو ترك النفس استعمال البدن. (الآخرة) هي نشأة ثانية بعد الموت، ويقال أيضًا: الموت هو بقاء النفس بعد مفارقة الجسد وخلوها عنه في عالمها. (الجنة) هي عالم المتقين. (جهنم) عالم الكفار والفجار. (الجنة) هي المرتبة العليا. (جهنم) هي المرتبة السفلى. (البعث) هو رجوع الأرواح للأشباح وانتباهها للقيامة. (النوم) هو اشتغال النفس عن الجسد بغيره مع شمول عنايتها به.

(القيامة) هي قيام النفس والجسد من دور البرزخ. (الحشر) هو جمع الخلق للحساب والجزاء.

(الحساب) هو عرض الأعمال على العمال أمام الحق. (الصراط) هو طريق مستقيم قاصد إلى الله تعالى، وهو المبين في الكتاب والسنة، وفي الآخرة طريق على متن جهنم يمر عليه الناس.

(الألوان المفردة) هي البياض والسواد والحمرة والصفرة والخضرة والزرقة والمكدرة.

(الطعوم) تسعة أنواع وهي: العفوصة، والقبوضة، والحموضة، والحلاوة، والملوحة، والمرارة، والحرافة، والمزوزة، والدسومة.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

جمع المنقول والمعقول يكشف الجمال والكمال المحمدي

يا عبد الله! إنما بعث الله نبيه ليعلم الناس دينهم، ويدعوهم إلى ربهم، ويكد نفسه …