أخبار عاجلة

الشائعات سلاح الاغتيال المعنوي ضد النبي [3 /4]

بعد غزوة بدر كان الرسول قد أرسل الصحابيين زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة ليبشرا أهل المدينة بالنصر والغنائم وأسرى وقتلى قريش، وكان زيد يمتطي ناقة النبي (القصواء) فاستغلها المنافقون واليهود لنشر شائعة مقتل النبي وإلا ما امتطى زيد ناقته، وبعد يومين عاد النبي وأجهضت الشائعة…

الأستاذ صلاح البيلي

بعد غزوة بدر كان الرسول قد أرسل الصحابيين زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة ليبشرا أهل المدينة بالنصر والغنائم وأسرى وقتلى قريش، وكان زيد يمتطي ناقة النبي (القصواء) فاستغلها المنافقون واليهود لنشر شائعة مقتل النبي وإلا ما امتطى زيد ناقته، وبعد يومين عاد النبي وأجهضت الشائعة.

وحين جهز الرسول الجيش بقيادة الشاب أسامة بن زيد بن حارثة وهو دون العشرين وتحت إمرته كبار الصحابة، وسارت شائعة أن الرسول لا يحسن اختيار قواده، وكان في مرضه الأخير فتحامل على نفسه وخرج للمسجد وقال للناس: (أنفذوا بعث أسامة، فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله، وإنه لخليق بالإمارة، وإن أباه كان خليقًا بها).

شائعة حديث الإفك

تم استهداف الرسول في بيته، في أم المؤمنين عائشة بنت الصديق، وكان من عادة الرسول إذا خرج لغزوٍ عقد القرعة بين زوجاته، وفي غزوة (بني المصطلق) وقعت القرعة على عائشة، وفي رحلة العودة كانت بمعزل فلم تعرف بتحرك الرسول نحو المدينة وسقط منها عقدها فبحثت عنه في الظلام حتى وجدته، وكان من المتخلفين الصحابي صفوان بن المعطل السلمي وكان يعرفها إذ رآها قبل فرض الحجاب على نساء النبي، فأناخ لها بعيره فركبته وقاده نحو المدينة، وإلى هنا والحادثة عادية إلا أن حمنة أخت زينب بنت جحش بدأت بإطلاق شائعة وجود علاقة بين أم المؤمنين عائشة والصحابي صفوان، وتلقاها المنافقون ثم اليهود فنشروها، ووصلت للنبي، فهجر عائشة حتى أحست بشيء تغير فطلبت أن تذهب لبيت أبيها فوافق، ثم دعا النبي أحب الناس إليه (زيد بن حارثة وعلي ابن أبي طالب) واستشارهما، فقال زيد: إن عائشة لم يعرف عنها إلا كل خير، أما علي فطلب استجواب جارية عائشة، فلم تقل عنها إلا كل خير، ثم توجه النبي إلى بيت الصديق وقال لعائشة: إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتقي الله، وإن كنت قد قارفت سوءًا مما يقول الناس فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده. فقالت عائشة: كنت جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرًا، وقلت: إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة تصدقوني، فوالله لا أجد لي ولكم مثلًا إلا أبا يوسف حين قال: )فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ( (يوسف: 18)، ثم تحولت فاضجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي).

وبالفعل انتهى هذا الكابوس بقرآن نزل به الوحي ليقرأ إلى يوم القيامة: )إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ( (النور: 11)، والذي تولى كبره كان رأس المنافقين عبد الله بن أُبي ابن سلول.

شائعة زيد

كان زيد بن حارثة من سادة اليمن وبصحبة أمه ووقعا في الأسر، وأصبح عبدًا وبيع لخديجة بنت خويلد، ولما تزوجها الرسول أصبح زيد عبدًا له، وجاء أهل زيد يطلبونه فخيَّره النبي؛ فاختار الرسول فأعتقه، وكعادة العرب أعلن النبي (زيد ابني أرثه ويرثني)، وأصبح يطلق عليه (زيد بن محمد)، وتزوج زيد من زينب بنت جحش ودب بينهما الخلاف، وألغى الإسلام التبني وتزوج الرسول من زينب مطلقة زيد وابنة عمته، وأطلق اليهود والمنافقون شائعة أن النبي تزوج مطلقة ابنه، وكان التبني قد انتهى وعاد زيد بن حارثة يتسمى باسم أبيه.

شائعة طلاق أزواج النبي

وأشاع المنافقون شائعة أخرى بأن الرسول طلق زوجاته كلهن حين هجرهن شهرًا، وكانت البداية يوم تعلق النبي بمارية القبطية أم ابنه إبراهيم، ورأتها زوجه حفصة معه في دارها وهي عند أبيها وعادت، فغارت وأعلمت عائشة وباقي نساء النبي فهجرهن، وحزن الصحابة ودخل عليه عمر ابن الخطاب وظل يحدثه؛ حتى ضحك واستأذنه في إبلاغ الصحابة بالمسجد أن النبي لم يطلق زوجاته، وعم الفرح عموم المسلمين.

شائعة عدة الزوجة

وبالنسبة لصفية بنت حيي بن أخطب زعيم اليهود أن الرسول قتل زوجها في غزوة خيبر ثم دخل بها قبل انقضاء عدتها، مع أن عدة المرأة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرًا بنص القرآن الكريم: )وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْروفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ( (البقرة: 234). وما حدث أن المسلمين قدموها للنبي سبيًا لها بعد الحرب، ولكن الرسول خيرها بين أن تسلم ويتزوجها أو تعود لأهلها حرة؛ فاختارت الله ورسوله، وقال الفقهاء: إن عدة المرأة المسبية تستبرأ بحيضة واحدة ضمانًا لعدم اختلاط الأنساب، فإن كانت حاملًا تترك حتى تضع حملها استنادًا للحديث النبوي: (لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير حامل حتى تحيض حيضة)، ولم يدخل الرسول بها في خيبر بل في المدينة المنورة بعد فترة، وكان الحاقدون قد استغلوا هذه الحادثة وجسدوا فيلمًا مسيئًا للنبي سنة 2014م، وزعموا أن النبي كان مزواجًا، في حين أنه J رفض أن يسبيها أو يجعلها جارية وخيَّرها فاختارت، وأنزلها موضعها الذي تستحقه كسيدة في قومها.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (33)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …