أخبار عاجلة

الشائعات سلاح الاغتيال المعنوي ضد النبي [1 /4]

كانت الشائعات حربًا ضروسًا ضد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في حياته بعد بعثته، وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى وليومنا هذا، حسدًا وحقدًا من خصومه ومن أعدائه خاصة من اليهود…

الأستاذ صلاح البيلي

كانت الشائعات حربًا ضروسًا ضد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في حياته بعد بعثته، وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى وليومنا هذا، حسدًا وحقدًا من خصومه ومن أعدائه خاصة من اليهود.

أما قبل بعثته J: فكان هو (الصادق الأمين) يصدقونه في كل ما يقوله، ويستأمنونه على ودائعهم، وقد خابت كل شائعات قريش واليهود؛ لأن النبي محمدًا J مؤيد من رب الأرض والسماء، وقد أحصى بعضهم 21 محاولة لاستهداف النبي بالشائعات، منها عشرة بمكة، و11 بالمدينة المنورة، وفي التحقيق التالي استعراض سريع لأبرز محاولات استهداف الرسول معنويَّا بسلاح الشائعات الفتاك.

كان أول استهداف للنبي J أن زعمت قريش أن سيدنا محمدًا J ساحر وكذاب وكاهن وشاعر، ورغم أن الوليد بن المغيرة سمع منه J القرآن واقشعر بدنه وأخذه من نفسه، وحين عاد لرفاقه قال واصفًا القرآن: (إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر..) فاتهمه أصحابه بأنه صبأ، أي ارتد عن دين قومه، فوصف النبي بالكهانة حتى يرضيهم، ونزل القرآن يبشره بالعذاب )فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ( (فصلت: 13، 14)، كما نزل القرآن يدحض دعاوى قريش ويؤيد النبي، فجاء في آية 4 من سورة ص )وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ(، وفي الآية 41 و42 من الحاقة )وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ(، وفي الآية 29 و30 من سورة الطور: )فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ * أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ(، وفي الآية 5 من سورة الأنبياء )قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ(.

وكانت طلبات التعجيز من النبي حين طلبت منه قريش أن يحول مكة لجنة، أو تكون له جنة يأكل منها أو يكون معه ملك، ونزل القرآن يدحض دعاوى القرشيين بقوله: )قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَقَالُوا مَا لِهَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا * تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا( (فصلت: 6 – 10).

وحين ذهب الرسول لعرض الرسالة على الطائف رفضوها وأغروا به صبيانهم فضربوه بالحجارة فأدموا رأسه وقدميه، ودخل النبي إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة واستراح ودعا لهم بالمغفرة والهداية، وحين عاد لمكة استغلت قريش الحادثة للتعريض بالنبي والتشهير به.

ثم زعمت قريش أن سيدنا محمدًا J قد تعلم النصرانية من (بحيرا الراهب) جنوب الشام في رحلته للتجارة بأموال خديجة بنت خويلد، وقد كذبوا فلا الرسول تعلم النصرانية ولا الراهب كان يتكلم العربية، والنبي جاء برسالة وقرآن صحح الرسالات السابقة عليه.

ثم زعمت قريش أن سيدنا محمدًا عليه الصلاة والسلام مجنون، وأنه ساحر البيان، وجعلوا النضر بن الحارث يجلس في طرقات مكة يحكي للناس قصصه للشوشرة على رسول الله وهو يتلو القرآن، وكان النضر رحالة سافر إلى فارس والحيرة وغيرها وسمع القصص وكان حكاءً بليغًا.

وأكبر شائعة روجتها قريش هي إنكار رحلة الإسراء والمعراج، وكانت قريش قد أخبرت أبا بكر أن سيدنا محمدًا عليه الصلاة والسلام زعم أنه أسري به إلى بيت المقدس في ليلة ثم عرج به للسماوات العلا، فقال أبو بكر: (إن كان قال فقد صدق)، ثم ذهب للبيت الحرام فوجد النبي يصف رحلته لبيت المقدس لقريش، ولأنه سبق وسافر إلى هناك، كان يعقب على كل ما يقوله الرسول (صدقت).

ثم كانت بيعة العقبة الأولى وإسلام 13 رجلًا من أهل يثرب وبعث النبي معهم مصعب بن عمير يعلمهم أمور دينهم، وفي العام التالي كانت بيعة العقبة الثانية وإسلام 73 رجلًا وامرأتين، وهنا تنامى الخبر لقريش التي رفضت الدعوة طيلة 13 سنة، ولكنها لم تستوثق منها غير أنها أخذت سعد ابن عبادة وعذبته حتى أجاره الحارث بن أمية وجبير بن مطعم وأخلوا سبيله خوفًا من أهل يثرب؛ لأن تجارة قريش إلى الشام تمر بها.

والشائعة الأخرى التي رددتها قريش ومن بعدها المستشرقون قولهم: إن القرآن ذكر أصنامهم بقوله: )أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى( (النجم: 19، 20)، وأضافوا بعدهما وصف آلهتهم (بالغرانيق العُلا وإن شفاعتهم لترتجى)، والغرنيق طائر مائي أبيض أو أسود أو الشاب الوسيم، وزعموا أن الرسول مدح آلهتهم؛ لأنهم كانوا يطلبون منه باستمرار ألا يسب آلهتهم، وكان عمر بن الخطاب قد أسلم وكذلك حمزة بن عبد المطلب، وبدأ مهاجرو الحبشة في العودة لمكة بعد إسلامهما، وكانت قريش قد عرضت الملك والسيادة والمال على سيدنا رسول الله فقال لعمه أبي طالب ردًّا على عروضهم المغرية: (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته؛ حتى يظهره الله أو أهلك دونه). والثابت أن الرسول لم يسجد لأصنام قريش قبل بعثته فكيف يسجد لها أو يعظمها بعد نبوته؟!

وأطلق المشركون شائعة هزيمة المسلمين ومقتل الرسول يوم غزوة أحد، وكان ثلاثة آلاف مقاتل من قريش قد التقوا بستمائة من المسلمين، وكان الرماة الخمسون قد غادروا الجبل ونزلوا لجمع الغنائم وخالفوا أمر الرسول، فما كان من خالد بن الوليد إلا أن دار وفاجأ المسلمين من الخلف، وانتشرت شائعة مقتل الرسول، وكان أبو بكر وعمر وعليٌّ وسعد بن أبي وقاص وغيرهم قد أحاطوا بالرسول، وشاهد الصحابي أبو دجانة الرسول حيًّا فصاح في المسلمين بذلك، ورغم ذلك استشهد سبعون رجلًا من المسلمين، وكانت فلول قريش برئاسة أبي سفيان قد تجمعوا في منطقة جبلية قرب المدينة تسمى الروحاء، فأمر الرسول بإيقاد النار في منطقة (حمراء الأسد) لثلاثة أيام ما يعني استعداده للحرب، وأرسل أبو سفيان عميلًا يخبر المسلمين أن قريشًا ستهاجم المدينة بجيش جرار، فأمر الرسول بزيادة إشعال النار ما يعني إصراره على الحرب ووصول المدد إليه، وهنا قررت قريش العودة لمكة.

بعده أجلى الرسول اليهود عن المدينة؛ لأنهم غدروا بالمسلمين، وغنم المسلمون منهم 340 سيفًا و50 درعًا ووزع الرسول أرضهم وبيوتهم على المهاجرين فقط مع تخصيص جزء منها تكون غلته لفقراء المسلمين.

كان أبو سفيان قد قال: (يوم أحد بيوم بدر، وموعدنا بدر العام القادم)، وأرسل نعيم ابن مسعود لينشر بين مسلمي ويهود المدينة أن قريشًا ستأتي بجيش جرار لحرب المسلمين، فخرج الرسول وحث صحابته على الخروج وعسكروا عند بدر، وخرج أبو سفيان بقريش وبعد يومين أعلن في جيشه أن هذا العام عام جدب وحر، وأنهم سيعودون على أن يأتوا للقتال العام المقبل، وفرحت قريش وعادت، لكن النبي ظل ثمانية أيام في بدر وتاجر المسلمون مع القوافل المارة ثم عادوا غانمين.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (32)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …