الإنسان المؤمن يجعل نفسه مع المؤمن سهلًا سمحًا يجيبهم ويتعامل معهم بحسن الخلق، ويقال للفراش الوطئ، أي: عندما تنام علیه لا يؤذی جنبك، وهذا حال المؤمن ذو الأخلاق الكريمة طبیعته سهل لا يؤذي الآخرين..
المحاسب مصطفى فهيم
أسئلة والإجابة عليها مهمة لبراعم الإيمان
بقية: س: كيف تكون محبوبًا عند الآخرين؟
تاسعًا: صاحب الأخلاق
دائمًا الناس يحبون صاحب الأخلاق الحسنة المحمدية، قال رسول الله J: (إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا، الموطؤون أكنافًا، الذين يألفون ويؤلفون …) الحديث.
معنى الموطؤون أكنافًا: الكنف هو جانب البهيمة أو الدابة، وموطأة الكنف، أي: يركبها صاحبها بسهولة، وهذا مثل يضرب للمؤمن وكأنه يذلل نفسه ويمهد نفسه ويجعل نفسه سهلة مع الناس، فهو موطأ الكنف، أی: ذو شخصية سهلة كالدابة التي يركبها صاحبها بسهولة.
فالإنسان المؤمن يجعل نفسه مع المؤمن سهلًا سمحًا يجيبهم ويتعامل معهم بحسن الخلق، ويقال للفراش الوطئ، أي: عندما تنام علیه لا يؤذی جنبك، وهذا حال المؤمن ذو الأخلاق الكريمة طبیعته سهل لا يؤذي الآخرين، وقوله J: (الذين يألفون ويؤلفون) غير نافر من الناس بل يندمج مع الناس، بل يألف الناس ويألفونه. والسؤال هنا من هو صاحب الأخلاق؟.
الجواب من کتاب من جوامع الكلم للإمام المجدد السيد محمد ماضي أبي العزائم حيث قال: الأخلاق هى:
1- احتمال الأذى.
2- قلة الغضب.
3- بسط الرحمة.
4- طيب الكلام.
1- احتمال الأذى:
المعنى ببساطة: (مش كل حاجة تقول حقي أو هاخد حقي)، وكما يقول الناصح الأمين: (عديها أو لا تقف للآخر على الواحدة، تريد أن تكون محبوبًا عند الآخرين احتمل واصبر لله سبحانه، سواء أذية الآخر في كلامه أو أفعاله).
عن سيدنا أبى هريرة 0 وأرضاه: أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ.
فقال J: (إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك) رواه مسلم.
وكفى الذي يحتمل الأذى ويكظم غيظه أنه يدعى على رءوس الخلائق يوم القيامة؛ حتى يخيره الله تبارك وتعالى في الحور العین أیتهن شاء.
قال رسول الله J: (من كظم غيظه وهو يقدر على أن ينتصر دعاه الله تبارك وتعالى على رءوس الخلائق؛ حتى يخيره فی حور العین أیهن شاء). واحتمال الأذى من الآخرين سبب في التطهير من الذنوب وتكفير السيئات.
وكم صبر النبى J وآل بيته والصحابة على الأذى في سبيل نشر الدعوة.
2- قلة الغضب:
دائمًا يألف الناس ويحبون قليل الغضب صاحب الصوت الهادي، فقلة الغضب تجعل الإنسان صاحب نفس هادئة طيبة مطمئنة، ولكى نتملك أنفسنا من الغضب لا بد من معرفة الآتي:
* أسباب الغضب.
* علاج أسباب الغضب.
* أسباب الغضب:
الكبر والعجب والهزل والتعيير والمماراة وشدة الحرص على فضول الدنيا، وهذه صفات رديئة وأخلاق مذمومة.
* علاج الغضب:
لا بد أن يميت الكبر بالتواضع، والإعجاب بمعرفة نفسه، والجد فى طلب الفضائل الذاتية، فيزيل معايرة الناس بالبعد عن الكلام الفاحش والأقوال القبيحة مع صيانة اللسان.
واعلم حبيبي أن ضبط الغضب يكون بأمرين:
الأمر الأول: العلم. الأمر الثاني: العمل.
1- العلم: هو أن يعلم السبب الأساس للغضب هو إنكاره على الآخرين فعلهم، فكأنه ينكر أن هذا الفعل يجري علی غير مراد الله وهذا غاية الجهل، ولو علم أنه لا يقع في الكون إلا ما أراد الله لهدأ وسكن ولم يغضب، وأن يعلم أن غضب الله عليه أعظم من غضبه على الناس، وأن فضل الله أكثر، فكم عصى العبد ربه وخالف أمره؛ ولم يغضب عليه ربه.
2- العمل:
– أن يقول عند الغضب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
– فإن لم يسكن غضبه جلس إن كان قائمًا، فإن الغضب من الشيطان، والشیطان إن جاءه قائمًا قد لا يأتيه وهو جالس.
– إن لم يسكن غضبه فليتوضأ كما أوصى النبى J.
فإن الغضب إن تمكن من القلب صار آفة عظيمة وتحمل الجوارح على القتل والضرب والشتم وإطالة اللسان، ويحمل القلب على الحقد والحسد وإضمار السوء للآخرين والعزم على إفشاء السر.
فلا بد من معالجة هذه الآفة العظيمة كما تقدم، فقليل الغضب محبوب عند الآخرين ومقبول عندهم ويألفه الآخرون. قال تعالى: )وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ( (آل عمران: 134).
3- بسط الرحمة:
الناس عادة يحبون ويألفون الرحيم بهم والذي يعاملهم بالرحمة، ويتباعدون عن الذى يعاملهم بقسوة.
ولا عجب فمن عامل الناس بالرحمة بما كان عليه سيد الخلق J فهو بالمؤمنین رءوف، لذلك تجد الناس يقولون لمن يعامل الناس بقسوة: “أنت معندكش رحمة”.
المعنى، أي: ليس بداخلك نور من النبي ترحم به الآخرين، فكأن الذي يعامل الناس بقسوة يعلن أنه ليس بداخله نور من النبي J القائل: (أنا من نور الله، والمؤمنون من نوري). وقد أشار سيد الخلق J أن رجلًا رأی کلبًا يلهث من العطش فنزل بئرًا وملأ خُفَّه ماء فسقى الكلب فشكر الله له وغفر له، وفى المقابل بأن امرأة دخلت النار في هِرَّة حبستها حتى ماتت، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. وهو J القائل: (ارحموا من في الأرض؛ يرحمكم من في السماء). وقد جعل الله سبحانه في بداية سور القرآن وكذا وصى سيد الخلق أن تقول فى بداية عملك: (بسم الله الرحمن الرحيم)؛ حتى لا ينسى العبد الرحمة في معاملة الآخرين.
4- طيب الكلام:
دائمًا يحب الناس ويميلون ويألفون طيب الكلام البعيد عن الكلام البذئ، فالكلمة الطيبة مفتاح العلاقات الجيدة مع الآخرين؛ كما قال J: (الكلمة الطيبة صدقة).
فمن أراد مفتاح قلوب الآخرين فعليه بطيب الكلام؛ قال تعالى: )وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا( [البقرة: 83].
وقال J: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليقل خيرًا أو لیصمت).
فالعبد المؤمن التقى القوى الأمين لا ينطق إلا بما يرضى الله فیزن كلامه بالقسطاس المستقيم؛ لأن الإسلام يلاحظ مشاعر الناس وأحاسيس الآخرين، فمن أراد أن يتكلم فليقل خيرًا أو ليصمت.