إن العمل برمته يهدف لتلميع نموذج معاوية ابن أبي سفيان، وعرضه كقدوة أمام المسلمين؛ حتى يهرعون لمساندة الجولاني ومن على شاكلته من الأمويين الجدد معتنقي فكر الخوارج. وأما النقاط التي أثارها كاتب المسلسل فسنرد عليها أثناء تفصيل الأخطاء التاريخية للمسلسل…
الدكتور عبدالحليم العزمي
الأمين العام للاتحاد العالمي للطرق الصوفية
مسلسل «الفتنة» ومخطط إشعال الحرب المذهبية بتزييف التاريخ (1)
تعيش الأمة الإسلامية هذه الأيام فترة من أقسى الفترات في تاريخها، حيث تجرأ عليها عدوها، فخربت العديد من دولها، وانتهكت حدودها وحرماتها، واختفت الجيوش الوطنية في العديد من البلدان.
لو نظرنا نظرة خاطفة على الخريطة الإسلامية لوجدنا الإرهابيين يحكمون سوريا، والصهاينة يحتلون فلسطين وأجزاء من لبنان وسوريا، ولرأينا ضربات أمريكية مكثفة على اليمن، وتهديد لإيران، بجانب تصاعد النعرات الطائفية في العراق والأردن، والانقسام العسكري والسياسي في السودان والصومال وليبيا.
أمة ممزقة، أحوج ما تحتاج إليه هو إعلاء رموز وحدتها وجمع الناس حولهم؛ حتى تقف موقفًا موحدًا أمام عدوها.
في وسط هذه المعركة العسكرية التي تهدد الهيمنة الإسلامية والعربية على منطقة الشرق الأوسط، يخرج دعاة الفتنة من الوهابيين الجدد وهم الامتداد المشترك لأفكار الخوارج وأحقاد بني أمية، فيكفرون المسلمين ويرتكبون المجازر بحق أبناء شعوبهم في سوريا ولبنان خدمة للعدو، رافعين شعار “عودة بني أمية”.
لكن العدو لم يكتفِ بذلك، فأراد أن يحرك المياه الراكدة في الدول المستقرة مذهبيًّا، فعهد إلى أسطورة شق العصا في التاريخ الإسلامي، وقدمه كقدوة في مسلسل “درامي” سنجري له عملية جراحية دقيقة، فنأخذ كل قطعة منه نحللها ونبين ما خفي عن المشاهدين من عرضها.
مسلسل “معاوية” الذي عرض في شهر رمضان الماضي، لم يكن مسلسلًا عابرًا صادفت الظروف عرضه في العام الهجري 1446هـ، بل هو عمل مرتب لإشعال المنطقة طائفيًّا؛ حتى يتمكن العدو من رجالها.
وبداية نوضح أنه حتى يوم 28 فبراير 2025م كان معاوية بن أبي سفيان شخصية تاريخية نعرف حقيقتها ونعف ألسنتنا عن الخوض فيها، ويقوم غيرنا بين الحين والآخر إما بمدحه أو بقدحه، لكن مع عرض المسلسل بداية من 1 مارس – 1 رمضان، تحول معاوية من شخصية تاريخية إلى شخصية فنية، تستوجب النقد والتوجيه والتعليق؛ حتى لا نسمح بتزييف التاريخ الموجود في الكتب، استغلالًا؛ لأن شباب هذا الجيل يتلقون المعرفة من خلال الثقافة السمعبصرية، والتي يتلقونها من الدراما والإنترنت أكثر من الكتب.
لذلك سنبدأ من هذا العدد من مجلة (الإسلام وطن) وحتى أن يشاء الله في تفصيص أجزاء المسلسل وتبيين حقيقته أمام الجميع؛ حتى تكون هناك وثيقة تاريخية لتصدي مدرسة أهل البيت في هذا الوقت لتشويه الأمويين الجدد لأئمة أهل البيت.
منهج النقد
في مقدمة كتاب (دروس في قصص) أطلق سماحة الإمام السيد عز الدين ماضي أبو العزائم رضي الله عنه على الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم رضي الله عنه لقب “عميـــد الأدب الإسلامي”.
وإذا كان النقد الأدبي سيخرج من تلاميذ مدرسة عميد الأدب الإسلامي، فلابد أن يكون نقدًا شاملًا ومدققًا وموثقًا، يراعي الجوانب الفنية من إخراج وكادرات تصوير وكاستينج (اختيارات ممثلين) وديكور، وكذلك الجوانب التاريخية من أحداث ووقائع، وكذلك جوانب السياق العام وأغراض جهات الإنتاج وصناع المحتوى.. فلنبدأ بمدد الله وتوفيقه.
أولاً: السياق العام للعمل
بدأ العمل على المسلسل في 2022م، بتأليف الصحفي المصري خالد صلاح، وإخراج المخرج الفلسطيني طارق العريان، وإنتاج مجموعة MBC السعودية.
وقد شارك في كتابة السيناريو: محمد اليساري، وبشار عباس، وغمار محمود، وأحمد حسني، وكانت الرؤية الفنية من نصيب أحمد مدحت.
بدأ تصوير المسلسل في يوليو 2022م في تونس بمشاركة ممثلين من الأردن وسوريا والسعودية ومصر وتونس.
لكن لم يستمر الأمر طويلًا حتى انسحب المخرج طارق العريان، وطلب برفع اسمه من تتر العمل، ولم يكشف السبب.
لكن مؤلف المسلسل خالد صلاح – الذي انبرى في المنصات الإعلامية التي تربطه علاقة بالقائمين عليها لتبرير المسلسل وحالة اللغط حوله – قال: إن انسحاب العريان بسبب “أمور لوجستية بحتة، وليس له علاقة بمضمون العمل”.
وأشار صلاح خلال لقائه في برنامج “سابع سما” مع الإعلامية راغدة شلهوب، إلى أن العريان انسحب من المشروع قبل إعلان شبكة MBC عن عرضه بعام ونصف إلى عامين، وذلك بسبب خلافات في وجهات النظر مع المنتجين المنفذين، مما دفعه للانسحاب قبل استكمال التصوير، مشيرًا إلى أن الخلافات كانت تتعلق بتفاصيل إنتاجية مثل مواقع التصوير والإكسسوارات، وليس بجودة السيناريو أو محتوى العمل([1]).
1- جدل الإطلاق والتأجيل:
رصدت مجموعة MBC السعودية للمسلسل ميزانية ضخمة تُقدَّر بنحو 100 مليون دولار، وقيل: 140 مليون دولار، ليكون بذلك الأضخم إنتاجيةً في تاريخ الدراما العربية.
أثار المسلسل جدلًا واسعًا في الأوساط العربية وهو قيد التحضير، لمناقشة موضوع من شأنه أن يثير نعرات طائفية، وقد منعت هيئة الإعلام والاتصالات في العراق بث العمل بوصفه يحمل موضوعًا تاريخيًّا جدليًّا قد يؤدي إلى إشعال “سجال مذهبي” في أوساط العراقيين السنة والشيعة خلال شهر رمضان، وطالبت الهيئة قناة “MBC العراق” التابعة لمجموعة MBC السعودية بعدم عرض العمل “لأنه يتضمن مواد تؤذي مشاعر مكونات النسيج الاجتماعي العراقي بفئاته الدينية والقومية”، وقد استجابت القناة لهذا التوجيه وقالت: إن المسلسل لن يكون على قوائم برامجها الرمضانية، فيما أكدت أن عرض المسلسل سيتم في باقي القنوات التابعة لمجموعة MBC، بما في ذلك منصة شاهد، لكن ذلك أثار استهجان إدارة شبكة MBC التي خرجت ببيان تنفي فيه امتناع “إم بي سي العراق” عن عرض المسلسل.
وكان من المفترض عرض المسلسل في السباق الرمضاني للعام 2023م، لكن مخرج العمل برر توقفه وعدم عرضه في ذلك العام بأن المسلسل يحمل الكثير من المشاهد القوية التي أحدثت صعوبة بالتصوير. بعدها قالت إدارة شبكة MBC: إن المسلسل لا يزال قيد التحضير وسيُعلن عن موعد عرضه بمجرد أن يصبح جاهزًا، وجاء هذا التصريح مزامنًا للجدل الذي صاحب تصوير العمل وشائعات توقف ومنع عرضه نهائيًّا، كما لم يتم عرض المسلسل في الموسم الرمضاني للعام اللاحق 2024م، ثم تم الإعلان عن عرضه هذا العام 2025م.
وفور الإعلان عن عرضه حرَّم الأزهر الشريف مشاهدته لتجسيده الصحابة، ومنع العراق وإيران بثه؛ حتى لا يتسبب في فتنة طائفية.
2- لماذا في 2025م؟:
رأت مجموعة MBC أن الفرصة مواتية في عام 2025م لعرض المسلسل، خصوصًا مع تمكن الإرهابيين من إسقاط الجيش السوري وحكم دمشق بالحديد والنار، وقد رأينا فيديوهات لهم وهم يجوبون شوارع دمشق وحلب بسيارات مكتوب عليها “عودة بني أمية”.
فكان الوقت مناسبًا لعرض هذا المسلسل ليزيد من إشعال النعرة الأموية لدى الخوارج الجدد.
أبو محمد الجولاني، أو أحمد الشرع، قائد جبهة النصرة الإرهابية الذي تمكن من حكم سوريا، تعمد في لقاءاته المبكرة أن يلمع لصراعات الفتنة الكبرى؛ فقال موجهًا حديثه لشيعة إيران: “ما علاقة أهل الشام بأحداث تاريخية منذ 1400 سنة لتقدموا إلينا وتقتلونا وتسقطوا عواصمنا مرة بهذه الحجج ومرة لأجل القضية الفلسطينية”([2]).
فكان تصريحه الذي أصبح شعارًا في وسائل الإعلام التابعة للجماعات الإرهابية وقودًا لإشعال الفتنة الكبرى من جديد.
وإذا ما تفحصنا تصريحه يوم 4 فبراير 2025م أن معركة إسقاط نظام الأسد خلال 11 يومًا كانت نتيجة تخطيط دقيق استمر خمس سنوات في إدلب، وتوحيد الفصائل واستيعاب القوى المختلفة([3]).
لبات واضحًا أن المسلسل كان يتم تجهيزه في نفس الفترة التي يتم تجهيز الفصائل الإرهابية في إدلب للانقضاض على دمشق، وهذا يعطينا مبررًا واضحًا لتأجيل المسلسل من 2023م حتى 2025م؛ حتى يصل الجولاني لحكم سوريا.
الجولاني بدأ شهر رمضان بمذابح في حق العلويين في الساحل السوري، فاقتص جنوده من أتباع الإمام علي A، فكان ذلك تجسيدًا عمليًّا للتاريخ الذي حاول المسلسل التلاعب به.
ثانيًا: مَن وراء العمل؟
1- مجموعة MBC:
تأسست “مجموعة MBC” في لندن عام 1991م، حيث انطلقت قناة MBC1 كأول فضائية عربية خاصة عبر الأقمار الصناعية قبل أن تنتقل المجموعة إلى دبي في عام 2002م.
في عام 2022م، جاءت عملية انتقال المقر الرئيس إلى العاصمة السعودية الرياض بعد أن توسعت حيث ضمت منصة “شاهد” التي تعد أكبر مزود للأعمال الأصلية العربية في العالم، إضافةً إلى أكثر من 17 قناة تلفزيونية وإذاعية رائدة، و”استوديوهات MBC” للإنتاج السينمائي والدرامي النوعي بشراكاته مع كبرى الاستوديوهات العالمية، و”أكاديمية MBC” لتدريب وتأهيل وتخريج الشاب السعودي في قطاعات الإعلام والترفيه والإنتاج، و”وكالة مواهب MBC” لإدارة المواهب السعودية والعربية، ناهيك عن عشرات المواقع الإلكترونية ومنصات المجموعة على شبكات التواصل الاجتماعي التي باتت تُصنّف بين العشرة الكبار عالميًّا، حيث احتلت المركز التاسع على مستوى العالم من حيث مشاهدات محتوى الفيديو عبر مواقع التواصل خلال شهر أبريل 2022م؛ فضلًا عن شراكات إقليمية وعالمية رائدة للمجموعة مع كبرى شركات الاتصالات المحلية والإقليمية واستوديوهات الإنتاج في هوليود والمملكة المتحدة والعالم ومشاريع وشراكات أطلقتها وتطلقها المجموعة في قطاعات ألعاب الفيديو والعملات الرقمية وال NFT وغيرها.
وجهت للمجموعة عبر تاريخها تهم إفساد الأخلاق العربية ونشر قيم التغريب، حيث ساهمت قناتها MBC2 في نشر الثقافة الأجنبية من خلال الأفلام الأجنبية والتي كان بعضها محظورًا في العديد من الدول العربية.
كما قامت قناتها للأطفال MBC3 بإفساد الأطفال ونشر قيم فاسدة وبعيدة عن الدين والقيم من خلال أفلام الكارتون.
ثم استهدفت مصر والعراق بقناتين موجهتين باسم كلا البلدين، ومن ثم استقطبت بعض الإعلاميين في البلدين لنشر السم في العسل والتحريض المبطن، خدمة لمصالح القائمين على المجموعة السياسية.
وأما قناة المجموعة الإخبارية “العربية”، فهي من القنوات الداعمة للحركات الإرهابية ولزعزعة استقرار الدول، وما موقفها مع ثورة الجولاني الأموية في دمشق إلا مثال على ذلك.
2- المخرج طارق العريان:
أما المخرج – الذي لم يكمل العمل – فهو المخرج الفلسطيني طارق العريان، وقد ولد في دولة الكويت عام 1963م وهو مقيم في مصر ويحمل الجنسية الأمريكية بعد إقامته بأمريكا مدة طويلة إلى جانب جنسيته الاصلية (الفلسطينية)، وهو ابن المنتج السينمائي رياض العريان الذي أنتج أغلبية أفلام أحمد زكي.
وقد اشتهر العريان بإخراج الفيديو كليبات للعديد من المطربين على رأسهم: أصالة، وعمرو دياب، وآمال ماهر، ونوال الزغبي، ورامي صبري وغيرهم.
تعلم العريان مبادئ الإخراج في الولايات المتحدة الأمريكية في ولاية ألينوي بشيكاغو، وطبعت دراسته في الخارج عليه أسلوبًا خاصًّا في أفلامه، فهو يحاول دائمًا أن يكون حلقة الوصل بين السينما العربية والغربية، ولكن يظهر هذا بشكل مبالغ فيه أحيانًا، مما عرَّضه للانتقاد اللاذع لأسلوب حياة الأبطال في “السلم والثعبان”، وأسلوب البلطجة في أفلام “ولاد رزق”.
وكشف المخرج أحمد مدحت الذي تولى إخراج المسلسل بعد انسحاب العريان أن العريان طلب حذف اسمه من شارة العمل رغم مشاركته في مراحل التصوير.
وأوضح مدحت خلال مداخلة هاتفية في بودكاست “العربية” أن قرار العريان جاء بناء على شعوره بالاستياء بعد حذف بعض المشاهد خلال عمليات المراجعة؛ وهو ما قد يكون السبب الرئيس وراء طلبه.
كما وصف نفسه بأنه كان بمثابة “المنقذ” لإحياء العمل من جديد بعد توقفه.
وأشار مدحت إلى أن مسلسل “معاوية” خضع لمراجعات مكثفة من قبل هيئة العلماء في السعودية باعتباره مرجعًا دينيًّا، وهو ما تسبب في إجراء العديد من التعديلات التي أثارت شدًّا وجذبًا بين الجهة المنتجة وفريق العمل.
وذكر أن الجهة المنتجة كانت ترى أنها تكبدت تكاليف ضخمة في إنتاج العمل؛ مما أدى إلى حدوث اختلافات في الرؤى الفنية.
أكد مدحت أن صناع العمل كانوا على دراية تامة بأن المسلسل سيثير الجدل بسبب “حساسية الفترة التاريخية التي يتناولها”، بالإضافة إلى تعدد الروايات والآراء حول الشخصيات التي يقدمها([4]).
3- الصحفي خالد صلاح:
خالد صلاح هو كاتب صحفي وإعلامي مصري من مواليد عام 1969م بالدقهلية، وعاش طفولته وشبابه بحي إمبابة بالجيزة، تخرج في قسم الصحافة بكلية الإعلام من جامعة القاهرة عام 1993م.
حتى تسعينيات القرن الماضي، كان خالد صلاح محسوبًا على التنظيمات الجهادية، لكنه عقب اعتقاله لنحو ثلاث سنوات، خرج من السجن وقد تغيرت قناعاته، حيث تبنى الأفكار الليبرالية ووجه سهام نقده بحدة إلى التيارات الإسلامية، مبررًا ذلك بأن مشكلته الرئيسة كانت مع السلوك السياسي الذي تتبناه تلك الجماعات داخل الساحة الإسلامية.
خلال فترة اعتقاله التي تعود إلى سنوات دراسته الجامعية، احتك خالد صلاح بعدد من قيادات الجماعة الإسلامية البارزين، مثل علاء محيي الدين، وصفوت عبد الغني، وناجح إبراهيم، وعزت السلاموني الذي وصفه خالد صلاح بأنه كان الأقرب إلى قلبه داخل المعتقل.
بعد خروجه من السجن، أعلن خالد صلاح ما وصفه بـ”التوبة” عن ماضيه الجهادي، لينتقل بعدها إلى مجال الصحافة، حيث بدأ مشواره في صحيفة الأهرام، ثم عمل بمجلة الأهرام العربي، قبل أن تتبناه الإعلامية مها رضا، المشرفة على برنامج “القاهرة اليوم”، وقدّمته للجمهور بوصفه “الشاب التائب والصحفي الموهوب”.
مع العلم أن مها رضا هي نفسها من ساهمت لاحقًا في تقديم خالد الجندي كأحد رموز ما عُرف بالدعاة الجدد.
استمر خالد صلاح في مسيرته الصحفية حتى تولى رئاسة تحرير صحيفة “اليوم السابع” وموقعها الإلكتروني عام 2008م، ليصبح واحدًا من أبرز الشخصيات الإعلامية في المشهد الصحفي المصري، ويشغل حاليًا منصب مساعد لرئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة لقطاع الصحف والمواقع الإلكترونية([5]).
ثالثًا: ما وراء العمل؟
قد يحتاج بعض العوام وقتًا ليفهموا ما وراء العمل، وإن كنا قد أدركناه منذ البداية.
لكن مؤلف المسلسل لم يترك بابًا للتأويل، فخرج بنفسه ليفصح عما في داخله في أكثر من لقاء أثناء عرض المسلسل، وقد تمحورت تصريحاته حول ما يلي:
– مسلسل “معاوية” يؤسس لخطاب ديني جديد يقوم على التحليل والنقد بعيدًا عن القداسة الزائفة.
– رسالة العمل فهم الوقائع التاريخية للصحابة بعقلانية دون انحياز لرؤية محددة.
– استعان فريق العمل بخبراء تاريخ وتمت مراجعة الحلقات وتدقيقها تاريخيًّا.
– الناس غرقى في تقديس من لا قداسة لهم.. وحده النبي وكتاب الله مقدسان.
– المنع أمر محزن ويحد من حرية التفكير.. والغرب قدّم شخصية “يسوع” في السينما.
– نهضة الأمة تتطلب وضع الأشخاص في أحجامهم الحقيقية دون تقديس أو تحقير.
– العمل ينتصر للدولة المدنية في مواجهة عبث الفتاوى الدينية والدول الثيوقراطية (الدينية).
– معاوية كان بداية للفكر المدني ولهذا نصره الله، والدول الدينية تنهار بسهولة.
– جيش معاوية كان جيشًا نظاميًّا، وجيش الإمام علي كان يبحث عن الغنائم وطلبوا سبي السيدة عائشة يوم الجمل.
– الإمام علي لم يكن عنده إستراتيجية قتالية، وقد خرج للشام، ثم توجه للبصرة لمحاربة أصحاب الجمل دون إستراتيجية.
– حذفنا مشاهد زائدة وأخرى مراعاة لمشاعر المسلمين مثل مشاهد “صفين” والسيدة “أم حبيبة”.
– المسلسل فرصة لسحب المختلفين إلى أرضية التاريخ وليس أرضية الفقه.
– الناس لا يقرأون التاريخ ويكتفون بما تقدمه قنوات اليوتيوب.
– اثنان من قتلة عثمان كانا مقربين من علي بن أبي طالب: مالك الأشتر ومحمد بن أبي بكر، والإمام الحسن عارض أباه.
– متحمس للكتابة عن عبد الملك بن مروان لاستكمال مشروع معاوية.
– بعد وفاة عثمان لا تجد أي موقف سلبي لمعاوية في التاريخ.
– العمل لا يقدس معاوية ولا يشيطنه بل يعرضه كشخصية سياسية وإنسانية معقدة([6]).
كما اعترف خالد صلاح بأن ورش عمل العمل بشركة MBC توقعت أن المسلسل سيحدث فتنة بين السنة والشيعة.
فأضاف الكاتب بأن الموضوع سيثير فتنة في مصر أيضًا؛ لأن هوى مصر مع أهل البيت وسيرون معاوية كعدو([7]).
ويعد هذا التصريح دليلًا واضحًا على الرغبة في الفتنة، وإن كان تبرير خالد صلاح بأنه “تم اقتحام هذا الأمر لنبين للناس الحقيقة من وجهات النظر المختلفة”.
إذن نحن أمام عمل بنص تصريحات مؤلفه يرى أن الله نصر معاوية، وأن عبد الملك بن مروان استكمل مشروع معاوية، وأنه يرى أن معاوية نموذج للدولة المدنية، ويتهم الإمام عليًّا A ظلمًا بأنه تستر على قتلة سيدنا عثمان 0.
ونستطيع أن نقول: إن العمل برمته يهدف لتلميع نموذج معاوية بن أبي سفيان، وعرضه كقدوة أمام المسلمين؛ حتى يهرعون لمساندة الجولاني ومن على شاكلته من الأمويين الجدد معتنقي فكر الخوارج.
وأما النقاط التي أثارها كاتب المسلسل فسنرد عليها أثناء تفصيل الأخطاء التاريخية للمسلسل.
رابعًا: الكاستينج (اختيار فريق العمل)
لأن الفكرة كانت متحيزة كان اختيار الممثلين متحيزًا كذلك، حيث تم اختيار الفنان الأردني إياد نصار لدور الإمام علي ابن أبي طالب A، وإياد من أصحاب الصوت المنخفض والعين الخجولة، حتى عندما تجمعه مواقف مع الممثل السوري لجين إسماعيل الذي قام بدور معاوية، يكون معاوية الأعلى صوتًا والأكثر ثباتًا في الحديث ونظرات العيون، وذلك لإدعاء قوته أمام الإمام علي، وهو ما ينافي التاريخ والمنطق.
ثانيًا كان اختيار الفنان نايف الظفيري وهو قصير وصغير الحجم وقليل الهيبة ليؤدي دور الإمام الحسن A، تحيزًا غير مقبول؛ حتى يظهر أن معاوية كان الأكبر والأقدر منه على قيادة الأمة، وأن الإمام الحسن كان مغلوبًا على أمره.
ولم يجسد المسلسل شخصية الإمام الحسين A كما لو أنها لم تكن موجودة في الأحداث.
كما تم اختيار الفنانين الذي قاموا بأدوار محمد بن أبي بكر الصديق ومالك الأشتر وقيس بن سعد 7، بمواصفات معينة حيث يظهر مالك كشخصية متعطشة للدماء، ومحمد كشخصية غلام ضعيف وصفه عمرو بن العاص في المسلسل بـ”الغر”، وكذلك لم يكن لقيس بن سعد هيبته، وكلهم من خلص رجال الإمام علي.
أما الاستعانة بنجمات لهن تاريخ في الإغراء أو التحول من تيار التدين لتيار التسيب كسيدات في البيت الأموي، فهو يوافق توجهات المؤلف والمخرج الماجنة، حيث أظهرن النساء سافرات في مكة والكوفة ودمشق، وهو ما يناقض شكل المرأة المسلمة في ذلك العصر.
وإلى اللقاء المقبل لنتحدث تفصيلًا عن أخطاء الإخراج الفني والديكور، ثم نشرع في تفصيل الأخطاء التاريخية والرد عليها ردودًا علمية موثقة.
وأسأل الله أن يكشف لقلوبنا حقيقة الجمال الربانى، الذى به ننجذب بكليتنا إلى الرضوان الأكبر..
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله أجمعين.
=========================================
([1])www.youtube.com/watch?v=4qepTj1OEZ8
([2])www.youtube.com/watch?v=-V64IyicD4Y.
([3])www.alarabiya.net –
([5]) روت علاقة خالد صلاح بالجماعات الإرهابية شبكة رصد الإخوانية:
واعترف بها كلاً من زميليه محمد الباز:
https://www.dostor.org/2741588
وأحمد موسى:
بل وتفاخر هو بنفسه بأنه كان عضوًا بها:
https://www.facebook.com/reel/4066068130334801
([6])https://besraha.com/187037.
([7])www.youtube.com/watch?v=0d4DBh_X-ng&t=257s