كان النظام الإخواني طوال فترة حكمه فى غيبوبة، لا يسمع صوت شعبه إلا من خلال جماعته، ولا يرى جموع الشعب إلا أنصاره فقط، ومَنْ دون ذلك بلطجية ومأجورين، واستمرت هذه الحالة من إنكار الواقع حتى آخر يوم من أيام النظام...
الدكتور عبدالحليم العزمي
الأمين العام للاتحاد العالمي للطرق الصوفية
عودة الإخوان.. احذروا خدعة الماكرين في ثياب التائبين (4)
تحدثنا في الأعداد السابقة عن مبادرة الإخوان للعودة مرة أخرى، وبدأنا هذا الملف بتعريف الإخوان وعلاقتها بالجماعات والتنظيمات المتطرفة والمتآمرة في العالم، ومن بينها: الحشاشين، والماسونية، والنازية، والفاشية، والمخابرات الأمريكية، والبريطانية، والصهيونية.
ثم تحدثنا عن جرائم الإخوان التاريخية بداية من تأسيس الجماعة حتى قبل وصولهم لحكم مصر، وسنبدأ الحديث عن جرائم الإخوان بعد حكم مصر في هذا المقال.
جرائم جماعة الإخوان بعد تولي الحكم
كان للنظام الإخوانى العديد من الخطايا التى أسرعت من سقوطه، فلأول مرة فى مصر يسقط نظام بعد سنة واحدة من حكمه، فالشعب المصرى بطبيعته صبور، ولكنه يصبر إذا ما وجد الصدق والأمل فيمن يرأسه، أما الجماعة فقد عملت على محاربة مؤسسات الدولة، وفقدت ثقة الشعب المصرى فيها بسبب ما يلى:
1- العدوان على القضاء:
منذ اليوم الأول لوصول مرشح الجماعة إلى سدة حكم مصر، بدأ العدوان على القضاء بشكل صارخ، باعتبار أنه أكبر العقبات التى كانت تقف أمام تمكين الجماعة من الاستحواذ على مصر للأبد.
ففى اليوم الأول بدأ الرئيس المعزول محاولاته لعدم أداء اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا وقام بأداء اليمين فى ميدان التحرير ثم فى جامعة القاهرة وسط أنصاره، ثم بعد تيقنه من أنه لن يباشر مهام منصبه إلا بعد أداء اليمين أمام الدستورية أدَّاه مضطرًّا، ثم أعلن وزير عدله أحمد مكى فيما بعد أن الرئيس صام ثلاثة أيام كفَّارة لهذا اليمين وحنس به.
وكان قرار الدكتور محمد مرسى بعودة مجلس الشعب المنحل بحكم المحكمة الدستورية العليا عدوانًا سافرًا على القضاء.
ثم كان الحصار الأول فى التاريخ المصرى للمحكمة الدستورية العليا للبلاد لمنعها من أداء عملها وإصدار أحكام بطلان مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور.
ثم توالت محاصرات المحاكم وإرهاب القضاة لمحاولاتهم إجبار القضاة على الحكم بما يتماشى مع أهوائهم ومصالحهم.
ووصل الأمر إلى إحراق بعض المحاكم لوجود قضايا منظورة بها ضد كبار قيادات الجماعة، فحرقوا محكمة جنوب القاهرة مرتين ومحكمة بنى مزار بالمنيا.
ثم كان إقصاء النائب العام المستشار عبد المجيد محمود وتعيين غيره بإعلان غير دستورى حصَّن فيه الرئيس كل قراراته، واعتبر نفسه إلهًا لا تردُّ أقواله.
2- دستور منتصف الليل:
منعت الجماعة المحكمة الدستورية العليا من حل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور بالرغم من بطلانها، وذلك بحصار المحكمة الدستورية لأول مرة فى التاريخ، ثم قامت الجماعة ومن تحالف منها بالانتهاء من مناقشة مواد الدستور خلال يومين، كانت الجلسات فيهما تصل إلى الفجر، من أجل سرعة الإنجاز قبل حلِّ اللجنة، بالرغم من اعتراض كافة الطوائف والأحزاب والفصائل الوطنية، واستبعادهم المتعمد من قبل الإخوان، متجاهلين الكفاءات الدستورية فى البلاد، ومتجاهلين أن هذا الدستور يعد موضوعًا مهمًّا ومصيريًّا وحسَّاسًا للوطن.
3- محاولة كسر هيبة الجيش:
حاولت الجماعة مرارًا وتكرارًا كسر هيبة القوات المسلحة المصرية من خلال محاولة إظهارها ضعيفة.
فى البداية طلب الرئيس من حلفائه فى حماس قتل 16 جنديًّا مصريًّا فى شهر رمضان 1433ﻫ وقت الإفطار، ليستغلها حجة فى عزل قيادات القوات المسلحة والمخابرات والحرس الجمهورى بطرق غير دستورية بإعلانه غير الدستورى، وسحب التشريع من القوات المسلحة لنفسه.
ثم كانت المحاولات المتكررة للهجوم على القوات المسلحة فى سيناء، وكان آخرها – في عهده البائس – خطف 7 جنود من الشرطة والجيش، ورفضه تدخل الجيش، حتى يظهر وكأنه هو البطل محرر الجنود، بالرغم من تورط جماعته فى خطفهم.
4- تصفية قوات الشرطة:
حاولت الجماعة الانتقام من ضباط وزارة الداخلية الذين قاموا بحصارهم والقبض عليهم فى عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فعملوا على استغلال بعض خلاياهم النائمة داخل الوزارة، ومنهم اللواء أحمد عبد الجواد نائب رئيس جهاز الأمن الوطنى السابق – الذى تم عزله من منصبه بعد ثورة 30 يونيه بأيام – من أجل رصد تحركات الضباط المناوئين لهم وتصفيتهم، ومنهم الضابط محمد أبو شقرة.
كما قام أنصار الرئيس المعزول بمحاصرة المقر الرئيس لجهاز الأمن الوطنى، ومحاولة اقتحامه.
وكذلك محاولة إشعال الفتنة بين الشرطة والشعب، من خلال محاولاتهم المستميتة أن تقوم قوات الشرطة بحماية مقرَّاتهم، لتتصدى للمتظاهرين، ويزداد الاحتقان الشعبى ضدها.
5- الإعلام.. سحرة فرعون:
لكى تحافظ الجماعة على حكمها، اختلقت عدوًّا استراتيجيًّا حمَّلته كل ما يحدث فى البلاد من أزمات، بل وقام المرشد العام للجماعة محمد بديع بوصف الصحافيين والإعلاميين بأنهم “سحرة فرعون”.
وقام الرئيس نفسه بالهجوم المكثف على وسائل الإعلام الخاصة، بل وتم تحويل العديد من رجال الإعلام للتحقيق بسبب ممارستهم لحقوقهم الشرعية فى حرية التعبير، وانتقاد النظام، وتمت محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى أكثر من مرة لإرهاب الإعلاميين.
وعلى النقيض فإن أنصار الرئيس المعزول بما يملكونه من قنوات وصحف ومواقع إخبارية عملوا على تشويه كل خصومه من خلال الكذب المحض الذى هو سمة أساسية فى أعضاء الجماعة.
وكذلك تم السيطرة على كل وسائل الإعلام الخاضعة للدولة سواء: مقروءة، أو مسموعة، أو مرئية من أجل تثبيت حكم الجماعة، وفصل الإعلاميين الذين يخرجون عن هذا المسلك.
وحسب منظمة “فريدم هاوس” فإن حرية الإعلام فى مصر شهدت تراجعًا فى نفس العام مقارنة بليبيا وتونس.
وفى خطاب الرئيس الأخير قبل اندلاع الثورة – 30 يونيه 2013م – بأيام قام بالهجوم على الإعلام، ورجال الأعمال الذين يملكون معظم هذه الوسائل.
6- الحرب على الأزهر:
كانت البداية فى جامعة القاهرة، عندما جمع الرئيس أنصاره ليقسم أمامهم، ولم يكن هناك كراسى لشيخ الأزهر ولا لهيئة كبار العلماء، بالرغم من أن أنصاره كانوا يجلسون فى الصفوف الأولى، فى محاولة من الإخوان للتقليل من مكانته، فانسحب شيخ الأزهر من الاحتفال.
ثم بعد ذلك التقى الرئيس بشيخ الأزهر فى احتفال القوات المسلحة بتسلمه السلطة، ورفض أن يصافح شيخ الأزهر.
وقد حاولت الجماعة بشتى الطرق الهيمنة على الأزهر، وإخضاعه لها، باعتباره المرجعية الدينية الأولى للمسلمين.
وعندما فشلت محاولاتهم عملوا على تسميم طلاب المدينة الجامعية بالأزهر عدة مرَّات، وخرج صبيان الجماعة مطالبين بإقالة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ورئيس الجامعة الدكتور أسامة العبد، بل وقاموا بالاعتداء على مقر مشيخة الأزهر الشريف فى خطوة سافرة لم تعهد من قبل.
7- الهجوم على الكاتدرائية:
لأول مرة فى تاريخ مصر يتم الهجوم على مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وضربها بالقنابل المسيلة بالدموع وطلقات الرصاص والخرطوش، أثناء تشييع جنازة ضحايا الخصوص الذى قتلوا بسبب الفتنة الطائفية، التى عمل شيوخ الفتن الداعمين للرئيس الإخوانى على إشعالها.
8- قتل الشيعة والتمثيل بجثثهم:
يرى الرئيس – حسب ما أعلنه محمد حسين يعقوب – أن الشيعة أخطر على الإسلام من اليهود، ولذلك عمل أنصاره على الهجوم على الشيعة وشحن الجماهير ضدهم.
وكان من توابع ذلك أن تم قتل 5 من شيعة مصر، والتمثيل بجثثهم فى مشهد بشع، وإصابة العديد منهم فى قرية أبو مسلم مركز أبو النمرس التابعة لمحافظة الجيزة بعد هذا التحريض المذهبى، فى حادثة لأول مرة تحدث فى مصر فى العصر الحديث.
9- قطع الحبل السرى بين مصر وسوريا:
أعلن الرئيس المعزول قطع العلاقات مع سوريا، وسحب القائم بالأعمال المصرى من دمشق، وإغلاق سفارة سوريا فى القاهرة، فى محاولة منه لكسب تعاطف أمريكا وإسرائيل والدول العربية المتآمرة معهم على سوريا، لكى يبقى أطول فترة ممكنة فى الحكم.
ويعد ذلك خطأ فادحًا، فالجيشان المصرى والسورى هما فى الأصل جيش واحد، الجيشان الثانى والثالث فى مصر، والجيش الأول هو الجيش العربى السورى، وهى الجيوش الميدانية الثلاثة على الجبهتين الجنوبية والشمالية للقتال مع الكيان الصهيونى.
10- المضى فى الركاب القطرى:
كان الرئيس المعزول يبدو وكأنه الطفل يمشى خلف أبيه، عندما يتعلق الأمر بأمير قطر المتنحى حمد آل ثان، حتى أن صحيفة الأخبار القومية فى أحد أعدادها كان المانشيت الرئيس لها: (ماما قطر تهدى الغاز لمصر)، وبعد اعتراض النظام الإخوانى تم سحب العدد من الأسواق.
وظهر مضي مصر فى الركاب القطرى، فى العديد من القضايا على رأسها ما يتعلق بسوريا.
11- مصادقة الصهاينة:
كان الخطاب الذى أرسله الرئيس المعزول إلى رئيس الكيان الصهيونى، فضيحة كبرى لمصر، وتحول كبير فيما أعلنه الإخوان من مناهضتهم للكيان الصهيونى، فأكد الرئيس فيه أنه صديق الصهاينة المخلص الذى يتمنى لهم الرغد والتقدم.
12- الكذب:
كان النظام الإخوانى لا يفتأ عن الكذب ليلًا ونهارًا على الشعب المصرى، وظهر ذلك كثيرًا فى كل موقف وكل خطاب أو بيان تصدره الرئاسة أو الحكومة، ولأول مرة فى تاريخ مصر تخرج المظاهرات ضد رئيس بلافتات مكتوب عليها: (ارحل يا كذاب).
13- رعاية الإرهاب:
عمل النظام منذ يومه الأول على إخراج كافة رفقائه الإرهابيين من السجون، لاستخدامهم ضد الشعب المصرى فى حال حصول حالات تمرد ضده، فقام المعزول بالعفو عن 812 مجرم، من خلال 5 قرارات عفو:
1- العفو عن 56 مجرمًا – قرار رقم 122 لسنة 2012م.
2- العفو عن 121 مجرمًا – قرار رقم 155 لسنة 2012م.
3- العفو عن 20 مجرمًا – قرار رقم 157 لسنة 2012م.
4- العفو عن 588 مجرمًا – قرار رقم 57 لسنة 2013م.
5- العفو عن 27 مجرمًا – قرار رقم 75 لسنة 2013م.
وكان 75% منهم متهمين بحيازة وتجارة السلاح [حسب ما عرضته صحيفة الوطن 6/7/2013م].
كما أعلن العديد من إرهابيي الماضى والقتلة الوقوف علانية مع شرعية المعزول، ومنهم الإرهابى عاصم عبد الماجد الذى ما فتأ أن رأى حركة (تمرد) لسحب الثقة من الرئيس، فعمل على تشكيل حركة اسمها (تجرد) للحفاظ على شرعيته.
14- محاولات بيع مصر:
كان النظام الإخواني يعمل بشتى الطرق على جلب الأموال سواء كان ذلك بطرق مشروعة أو غير مشروعة للحفاظ على صورته أمام الجماهير، وترددت فى فترة حكمه محاولاته المتكرر لبيع أصول مصر من خلال قانون الصكوك الذى رفضه الأزهر أكثر من مرة، وكذلك محاولته تأجير الأماكن السياحية لدويلة قطر، أو طرح قناة السويس كإقليم منفصل يتحكم فيه بعض من يعينهم الرئيس واستغلاله لصالح أى جهة حتى ولو أجنبية.
15- الانهيار الاقتصادى:
يعد الاقتصاد من أبرز الملفات التى كانت سببًا فى سقوط الحكم الإخوانى، وكان هناك تناقضًا واضحًا بين ما يعلنه النظام وبين ما يشعر به الشعب.
فأرقام مؤسسة الرئاسة كانت تؤكد أن معدل النمو الاقتصادى للناتج المحلى ارتفع من 1.8 إلى 2.4 إلا أن العام نفسه شهد تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر إلى مرحلة الخطر.
وأشارت إحصائيات وزارة المالية إلى أن اقتراض مصر وصل 8 مليارات دولار فى الخارج، وارتفع الدَّين الخارجى إلى 42 مليار جنيه منها 34 مليارًا خلال حكم المجلس العسكرى، وقفز الدَّين الإجمالى المحلى إلى 1.2 تريليون جنيه فى 2013م، وارتفعت قيمة فوائد الدَّين المحلى والخارجى إلى 182 مليار جنيه.
وكان أبرز التغيرات التى طرأت فى هذا العام فيما يتعلق بسعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية وكذلك حجم الاستثمارات العربية والأجنبية.
وأكدت المؤشرات أن ربع سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر، بينما 20% يحلِّقون فقط فوقه، وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات لعام 2012/2013م فإن المؤشرات تدل على أن معدلات سوء التغذية نحو 30% وتزداد [حسب ما أعلنته صحيفة الدستور 7/7/2013م].
16- أزمات الطاقة .. من أجل غزة:
شهدت مصر منذ اليوم الأول لنظام المعزول أزمة فى الكهرباء، أدت إلى قطع الكهرباء عن محافظات بأكملها لساعات طويلة.
كما شهدت الأشهر الأخيرة من حكم المعزول أزمة حادة فى الوقود ظهرت بوضوح فى مشاهد الطوابير أمام محطات البنزين والسولار.
واتضحت حقيقة هذا الأمر، بمجرد سقوط النظام، وتلاشى الأزمات، وظهور بوادرها فى غزة ثم اشتدادها، بعد انقطاع التهريب الإخوانى لها مجاملة لحركة حماس.
17- التفريط فى الأمن القومى:
كان هناك العديد من المخاطر التى تعرض لها الأمن القومى المصرى، وسط سكوت النظام الإخوانى:
– سد النهضة: يعد هذا السد أخطر ما يهدد الأمن القومى المصرى، لتأثيره على حصة مصر من المياه، وتأثيره الكارثى على مصر فى حال انهياره بحسب آراء الخبراء المتخصصين.
وكان رد فعل النظام تجاه هذا الموضوع كارثى، فلم يحرك ساكنًا بالرغم من أن الرؤساء الذين كانوا قبله هددوا أثيوبيا أكثر من مرة بضرب السد حال بنائه، بل قام النظام بتبرير بناء السد وادَّعى أن له تأثيرًا إيجابيًّا على مصر، وعرَّض الأمن القومى المصرى لخطر كبير عندما قام بإذاعة لقاء سرِّى على الهواء مع بعض قيادات الأحزاب الموالية له أثناء دراسة كيفية الرد على أثيوبيا.
وقد تحدته صحيفة (نازرت) الأثيوبية يوم 5/6/2013م أن ينكر حصوله على مليار دولار مقابل السكوت عن بناء السد.
– أنفاق التهريب مع غزة: حاولت القوات المسلحة هدمها وإغلاقها أكثر من مرة، ولكن الرئيس الإخوانى أبى ذلك؛ حتى يتسنى لأنصاره من غزة تهريب ما يحلو لهم من مقدرات الشعب المصرى، بل وتهريب السلاح والمخدرات والإرهابيين أيضًا.
– حلايب وشلاتين: فور عودة الرئيس الإخواني من السودان، أعلنت السودان عن وعده لها بالتنازل عن مثلث حلايب وشلاتين، وراوغت مؤسسة الرئاسة المصرية فى التعليق على ذلك، بالرغم من تأكيد المسئولين فى الخرطوم مرارًا وعد الرئيس المصرى بالتنازل.
18- ضياع هيبة مصر:
كان التخبط فى السياسة المصرية فى عهد الإخوان عاملًا مؤثرًا فى ضياع هيبة مصر فى نظر العالم، وخصوصًا بسبب التصرفات غير المسؤولة من الرئيس الإخواني الذى لم يتعلم شيئًا عن قواعد البروتوكولات الرسمية.
فظهر ذلك جليًّا خلال زياراته للعديد من الدول العربية والإفريقية والغربية، من خلال الاستقبال غير المناسب من مسئولين صغار، وعدم ظهور أى غضب أو اعتراض منه؛ مما أدى إلى تجرؤ الكثير من الدول على مصر وتطاولها عليها.
19- تصفية الثوار .. وغياب القصاص:
خلال فترة الرئيس الإخواني المعزول تم تصفية العديد من شباب القوى الثورية والصحافيين، وذلك خلال أحداث الاتحادية 5/12/2013م والتى راح ضحيتها 60 قتيلًا و644 مصابًا،، وأحداث المقطم 30/3/2013م والتى أسفرت عن مقتل 9 وإصابة 30، وما تبعهما من أحداث، والتى أسفرت عن مقتل: الصحفى الحسينى أبو ضيف، ومحمد الجندى، وكريستى، وجيكا.. وغيرهم.
وتم تزوير نتائج تقارير الطب الشرعى فى قضايا مقتلهم، مما جعل رئيس هيئة الطب الشرعى يتقدم بالاستقالة نتيجة ضغوط وزير العدل الأسبق الإخواني أحمد مكى عليه للتزوير.
كما كان هناك تصفية من نوع آخر وهى التحقيق مع القيادات الثورية بتهم إهانة الرئيس مستغلين فى ذلك وجود نائبهم العام – عفوًا الخاص – المستشار طلعت عبد الله، وأسفر ذلك عن وضع العديد منهم فى السجون.
20- محافظ إرهابى .. لمدينة السياحة:
قام الرئيس الإخواني المعزول بتعيين محافظ للأقصر تابع للجماعة الإسلامية التى قامت بتنفيذ مذبحة للسياح فى نفس المدينة عام 1997م، مما جعل وزير السياحة يستقيل احتجاجًا على ذلك، واشتعلت المظاهرات فى المدينة رفضًا له، متزامنة مع إعلان عدة دول إنهاء التعاقدات مع الشركات السياحية المنظمة للرحلات فى الأقصر، ونتيجة الضغط الشعبى العارم اضطر المحافظ إلى الاستقالة.
21- أكثر من رئيس:
محمد مرسى أول رئيس لمصر، يخوض الانتخابات باسم الجماعة بديلًا عن آخر (خيرت الشاطر)، وأول رئيس يحكم غيره (أفراد التنظيم الدولى للجماعة)، وأول رئيس ينزل الشعب للهتاف ضد آخر ليسقط حكمه (يسقط حكم المرشد).
وظهر ذلك جليًّا خلال فترة حكمه، الذى كان أفراد جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة يدلون بتصريحات مصيرية تتعلق بالجهات السيادية ومؤسسة الرئاسة، وكأن مصر تحكم من أكثر من رئيس، وكان من ضمن هؤلاء بعض الإرهابيين السابقين فعمل ذلك على ازدياد السخط الشعبى.
22- أسلمة الصراع .. وتكفير المعارضين:
عمل الإخوان على أن يجعلوا الصراع بينهم وبين الشعب صراعًا بين الإسلام (الإخوان) والكفر (بقية الشعب ومعارضيهم).
وظهر ذلك جليًّا فى حضرة الرئيس فى مؤتمر دعم سوريا، عندما دعى محمد عبد المقصود السلفى أن يكون يوم 30 يونيه عزًّا للإسلام والمسلمين وذلاًّ للكافرين والمنافقين، وسكت الرئيس أمام تكفير كل شعبه دون أى اعتراض.
23- أخونة مفاصل الدولة:
عملت جماعة الإخوان منذ اليوم الأول على أخونة مؤسسات الدولة، بهدف السيطرة على قطاع كبير من المواطنين العاملين فى القطاع العام وتوجيههم لصالح الجماعة.
وحسب ما أعلنه حزب النور السلفى – بعد أن انقضى شهر العسل بينهما – فإن عدد المناصب التى سيطر عليها الإخوان تتراوح ما بين 13000 و14000 ألف منصب قيادى فى الدولة.
وفى خطاب الرئيس الإخواني الأخير الذى عرض فيه كشف حساب عن عامه الأول، أصدر قرارًا للوزراء والمحافظين الإخوان بإقالة كل من تسبب فى حدوث أزمة فى الفترة الأخيرة، أو بمعنى أصح الإطاحة بكل من يرفض سياسات الجماعة، وتمكين الإخوان من هذه المناصب.
24- النظام السابق.. شماعة الجماعة:
كانت شماعة الإخوان الدائمة للتعليق على أى فشل هو النظام السابق، لتبرير فشلهم المتكرر فى كافة المجالات.
وبسبب تكرار هذا التبرير، فقد معناه، واعتبره الشعب شماعة لعدم الاعتراف بالأخطاء، بل وتعاطف البعض مع النظام السابق – أسسوا حركة آسفين يا ريس – بسبب ما رآه من فشلهم الذى فاق فساد من قبلهم.
25- وأخيرًا… إنكار الواقع:
كان النظام الإخواني طوال فترة حكمه فى غيبوبة، لا يسمع صوت شعبه إلا من خلال جماعته، ولا يرى جموع الشعب إلا أنصاره فقط، ومَنْ دون ذلك بلطجية ومأجورين، واستمرت هذه الحالة من إنكار الواقع حتى آخر يوم من أيام النظام، وظهر ذلك فى خطابه الأخير الذى عمل على إشعال الثورة حتى عزله.
وإلى المقال القادم للحديث عن جرائم الإخوان بعد عزلهم من الحكم.
أسأل الله أن يكشف لقلوبنا حقيقة الجمال الربانى، الذى به ننجذب بكليتنا إلى الرضوان الأكبر.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله أجمعين.