تحل علينا هذ الشهر الذكرى الخمسون لنصر أكتوبر 1973م، والذي فيه أيد الله الجيوش العربية بقيادة مصر لكسر أنف إسرائيل في حرب العاشر من رمضان، وكان هذا النصر تمهيدًا لاستعادة الأراضي العربية المحتلة وعلى رأسها سيناء.
خلال الخمسين عامًا الماضية تغيرت المواقف السياسية، وتباينت علاقات الدول الإسلامية تجاه الكيان الصهيوني، فمنها من تصالح، ومنها من جمعتها بالعدو المصالح، ومنها من طبَّع العلاقات، ومنها من أصر على موقفه، ورغم أن القضية الفلسطينية غابت عنهم في أوقات كثيرة؛ إلا أنها حاضرة دومًا على أوراق بيانات اجتماعات القمم السنوية.
وبين كل هذا الاضطراب لم تنسَ الطريقة العزمية القضية الفلسطينية، وظلت داعمة لها طوال مسيرتها التي بدأت منذ عام 1893م وحتى الآن.…
الإمام أبو العزائم والقضية الفلسطينية
منذ فجر القرن العشرين، وقبل أن تأخذ مشكلة فلسطين الشكل الذي اتخذته بعد وعد بلفور، بل قبل ذلك بكثير ومنذ بدايات استعمار الشعوب الإسلامية فى أواخر القرن التاسع عشر والإمام أبو العزائم 0 يحذر من هذه المشكلة.
يقول مستغيثًا برسول الله J:
يا رســــــــولَ اللهِ وُدًّا
عمِّمَن كلَّ الوجــــــود
جاسَ أهلُ الكفـرِ دارًا
بل طغى أهلُ الجحـود
أنت يا مولاى أولَـــى
بالجميــعِ من الجـدود
قد طغى الكفَّــارُ حتَّى
عزَّزُوا كلَّ اليهــــــود
أسكنوهــم بيتَ قُدْسٍ
بـل وبكَّة فــى وُفُـود
ولا شك أن الإمام كان يعلم بما يجرى فى أرض فلسطين، وإلا لما أشار إلى أن موسى شاريت اليهودى يعمل ضابطًا بالجيش العثمانى فى فلسطين ليمهد لدخول الجيوش الإنجليزية ومعها الكثير من مهاجرى اليهود، كما يشير إلى فيلق البغَّالة بحملة الجنرال اللنبي في فلسطين، وإلى أن قائده هو دافيد بن جوريون الصهيونى الخطير، وهذان كانا يعملان على إثارة الفتن والقلاقل وتدبير المؤامرات؛ حتى يسهل دخول الجيوش منتصرة انتصارًا رخيصًا.
وكان 0 يبعث بالبرقيات والرسائل إلى كبير روما وإلى قناصل الدول وإلى الصحافة المصرية، ويبعث بالرسائل إلى الملوك والرؤساء العرب والمسلمين يحثهم فيها على الجهاد، ويذكرهم بأعمال الاستعمار الاستيطانى فى أمريكا وأستراليا وجنوب إفريقيا، ويكشف لهم عن نوايا الصهيونية فى إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين من الفرات إلى النيل، وكان يقول لهم: إن ما تتعرض له فلسطين اليوم ما هو إلا بداية لما يتعرض له الوطن الإسلامى والعربى كله.
ويقول:
فى فلسطينَ فتنــةٌ من رآها
قال صغرى لكنها نار واصب
ويقول:
وىْ فلسطينُ هى البــركان
بل فتنة عميا تدكُّ الأخضران
وعندما أعلن وعد بلفور عام 1917م، واستولى الإنجليز على فلسطين ليعطوها لليهود لقمة سائغة، يقول الإمام موجِّهًا الخطاب إلى الشريف حسين بن علىٍّ:
(لعل الشريف حسين بن علىٍّ لم يسمع بوعد بلفور بعد، ولعل له العذر، فقد لا يكون قد علم به!! لأن وزير خارجية بريطانيا صرَّح به على بعد آلاف الأميال!! ولكن ألم يسمع الشريف بأذنيه([1]) ما قاله اللنبي عام 1918م مخاطبًا صلاح الدين؟ لا أظن ذلك، فقد كان يقف بجانبه إن لم يكن خلفه، أفبعد هذا ما زلت يا حسين تثق بوعود وعهود هؤلاء؟ وهل وفوا بعهودهم ووعودهم لأمثالهم من أمم وشعوب ودول أوربا المسيحية التى تدين بدينهم وتتشاكل معهم فى اللغة والآداب؟ )فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ( [المرسلات: 50]؟!!).
وفى أعقاب عام 1918م نشرت الحركة الصهيونية صورًا لمشروع هيكل جديد يقام مقام الصخرة المباركة، ومطالبين بشراء المنطقة المحيطة بحائط البراق (المبكى)، وعندئذ بادر المسلمون بإنشاء جمعية (حراس المسجد الأقصى).
ولم تهدأ ثورة الإمام، فرغم الحصار الذي ضُرِبَ عليه في القاهرة، إلا أنه ألهب الشعوب العربية والإسلامية، فكان يبعث بالرسائل إلى الملوك والرؤساء العرب والمسلمين يحثهم فيها على الجهاد ومنع اليهود من تنفيذ مخططهم؛ لأنه سيكون بداية لسلسلة من المخططات الأخرى.
ولما قامت ثورتان في فلسطين عامي 1920 و1921م، خاطب الإمام زعماء العرب وزعماء الدول الإسلامية أن يقفوا بجوار الشعب الفلسطينى ويساندوا قادته.
الإمام وبيع أرض فلسطين
وعندما علم أن بعض أبناء الشعب الفلسطينى أغرتهم الأسعار الخيالية التى يقدمها اليهود ثمنًا للأراضي الفلسطينية، أصدر فتواه الشهيرة ونشرها على صفحات الجرائد القومية والوطنية بالإضافة إلى مجلاته التي كان يصدرها، كما بعث بها إلى قادة الفكر والزعماء السياسيين، ومؤداها:
(إن من باع شبرًا يملكه من أرض فلسطين فقد خرج بذلك عن دين الإسلام ودخل في دين الكفار، مع ما يترتب على ذلك من آثار أسرية واجتماعية وقانونية).
وكان لهذه الفتوى دوىٌّ شديد فى الأوساط الشعبية والرسمية.
وقد نشرت صحيفة (الوطنية) بعددها رقم 261 الصادر فى يوم الاثنين 2 ذى القعدة 1343ﻫ الموافق 25 مايو 1925م مقالًا تحت عنوان: (فتوى شرعية بتكفير بائع الأرض والمتوسط ببيعها لليهود)، قالت فيه: إنها لم تجد من العلماء من يتملك الجرأة والغيرة على الإسلام سوى الإمام أبي العزائم الذي أفتى بقوله: (إن حُكْمَ الله ورسوله على اليهود الذين وفدوا على فلسطين لأجل إنشاء وطن قومي يهودي فيها، هو ما بيَّنه العلماء من الحكم على قوم احتلوا محلة قوم مسلمين عنوة، والمتعيَّن على المسلمين وأهل ذمتهم من نصارى العرب أن يعاملوهم معاملة المغتصبين، وقد بيَّن العلماء تلك المعاملة بالتفصيل، وفلسطين وطن لنصارى العرب قبل الفتح الإسلامي، وكانت محتلة بالروم، فأجلاهم المسلمون عنها، وعاهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نصارى فلسطين عهدًا يحتِّم على النصارى أن لا يسكن معهم يهودى، (وقدَّم الإمام نص العهد).
ثم قال: وبصريح هذا العهد يكون كل نصرانى من عرب فلسطين بتودده لليهود أو موالاته لهم أو بيعه أرضًا لهم خائنًا للعهد، خارجًا عن الذمة، يجب على المسلمين عند التمكين أن يجلوه عن فلسطين لخيانته، ويكون كل مسلم وَالَى الصهيونيين أو تودَّدَ إليهم مرتدًّا عن الإسلام؛ وبذلك تحرم عليه زوجته لكفره، ووجب علينا أن لا ندفنه في قبور المسلمين، ولا نصلِّى عليه، وكل من يتوسط فى بيع العقار من المسلمين أو نصارى العرب لليهود يكون حكمه كحكم البائع، (ثم قدَّم الإمام الأدلة على ذلك من القرآن والفقه).
الإمام وثورة القَسَّام
وكان الإمام على اتصال مستمر بزعماء وقادة الشعب الفلسطيني، فقد بارك المجاهد الوطنى الكبير (عز الدين القسَّام) الذى قاد أعظم ثورة في تاريخ فلسطين، والتي دوخت بريطانيا، فحشدت لها ثمانين ألف جندى بالإضافة إلى جيش الصهاينة وجيش عرب شرق الأردن بقيادة لورانس، ومع ذلك استطاعت هذه الثورة أن تصمد وأن تنتصر، وظلت 173 يومًا تحاصر القدس، وينادى الإمام الزعماء والملوك والرؤساء العرب الذين كانوا يثقون في وعود الحليفة بريطانيا، وأنها سائرة في حل القضية بالعدل- مبيِّنًا لهم وجهة نظره: (إن مصلحة بريطانيا تقتضى أن يكون لها جسمًا غريبًا في الوطن الإسلامي، ومصلحة اليهود أن يكون لهم وطنًا قوميًّا فى فلسطين.. فالتقت المصلحتان، فلا يجوز منكم أبدًا أن تحاولوا إخماد الثورة بما توجهوه لأبنائكم من نصائح هى ليست بنصائح، وإنما هى إضرار بهم، وإضرار بمصلحة المسلمين جميعًا، والأولى أن تمدوهم بالمال والسلاح والرجال؛ حتى يخلصوا هذا الوطن، ويطهروا بيت المقدس من أرجاس الاستعمار والصهيونية على السواء).
الطريقة العزمية وحرب 1948م
واستمر عطاء وجهاد الطريقة العزمية بعد انتقال الإمام المجدد أبى العزائم (قدَّس الله سرَّه) 1937م، حيث شارك جمع من أبناء الطريقة العزمية فى حرب فلسطين ضد الكيان الصهيونى عام 1948م، وهذا ما أكده الفريق سعد الدين الشاذلى فى قناة الجزيرة القطرية، ونشرته صحيفة (الرأى) الكويتية يوم الجمعة 17 رمضان 1412ﻫ الموافق 22/11/2001م.
وقد فصَّلَتْ هذا الأمر صحيفة (الدستور) المصرية فى عدد الأربعاء 6 رجب 1429ﻫ الموافق 9/7/2008م ص 17 تحت عنوان (جيش الدراويش فى حرب فلسطين) لفاروق عبد الخالق، الذى أكد أن العزمية أطلقت دعوتها لتحرير فلسطين، والقضاء على الصهيونية بعد صدور قرار مجلس الأمن بتقسيم فلسطين 29/11/1947م، وأشار إلى قيامها بتجهيز كتيبة مكونة من (800) مجاهد على نفقتها الخاصة، ولم توافق جامعة الدول العربية على سفرهم جميعًا، وطلبت تسريح ثلاثة أرباعهم، فاقتصرت القوة على (200) متطوع، وأضاف: بعد مضى 60 يومًا من الاستعدادات والتدريبات كان يتم استقبال المتعاطفين والمودعين، وفى كل ليلة تقام الحضرة وجلسات الذكر والمواجيد.
الطريقة العزمية وحرب 1967م
كان للطريقة العزمية عدد كبير من أبنائها بالجيش المصرى فى حرب 1967م، ونال بعضهم الشهادة، إلا أن هزيمة الخامس من يونية 1967م قد أحدثت هزة كبيرة فى مصر والعالم الإسلامي، فلقد قام بنو صهيون باحتلال أجزاء كبيرة من الأراضى الإسلامية في مصر والأردن وسوريا، بالإضافة إلى ابتلاع فلسطين بالكامل.. وما زال الشعب المصرى والعالم الإسلامى يعانيان من آثارها المدمرة حتى اليوم.
لكن الإمام السيد أحمد ماضى أبا العزائم نضَّر الله وجهه – الذي عاصر تلك الأحداث- يذكر لنا رأيه بصراحة فى هزيمة الخامس من يونية.. وحكمة وقوع هذه الهزيمة.. ثم يبشِّر بزوالها، وذلك في مقدمة كتاب الجهاد حيث قال:
(نقدم كتاب الجهاد فى الوقت الذى أصاب الأمة العربية من العدوان الإسرائيلى ما فاق الخيال فى حرب يونية 1967م.. ولكن هذه الهزيمة التى مُنِيَتْ بها الأمة العربية ما هى إلا سحابة صيف لا تلبث أن تنقشع إذا عُولِجَتْ أسبابها فى ضوء أصول الإسلام. وإذا أدرك المسلمون السِّرَّ الكافى وراءها، وهو انحسار العمل بما أُوحِىَ إلى سيد الخلق، فإن الهزائم ما هى إلا هزة عنيفة لتوقظنا وتدفع بنا إلى الأمام بعد أن نَكِلَ أمورَنا دائمًا إلى الله. )إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِى يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ( [آل عمران: 160].
فيجب ألا نقول عند الهزيمة إن فلانًا أخطأ وفلانًا أصاب، وإنما نقول قدَّر الله وما شاء فعل، ونشرع مسرعين فى العمل الجاد لإعادة البناء على أسس مستقيمة، وسَدِّ الثغرة، ورتقِ الفَتْق، كل ذلك بعد الإيمان بالله، وبأن النصر من عند الله.. )وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ( [الحج: 40].
وكما تنبَّأ الإمام، فلم تكن هزيمة الخامس من يونية سوى سحابة صيف، انقشعت فى العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام 1973م.
وقد أشار الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزئم 0 إلى هزيمة 1967م ونصر 1973م فى العاشر من رمضان فى كتابه (الجفر) بقوله:
قد تَمُرُّ الأيامُ سـودًا وتأتى
بعدها البيضُ فى صَفَا الحُبِّ
والأيام السود هى الأيام الستة للحرب عام 1967م، والأيام البيض هى الأيام الستة التى كان فيها نصر 1973م، والتى حددها الإمام بشهر رمضان المرتبط بنزول القرآن فقال 0:
فيه ذُلُّ الظَّالمينَ وَمَحْوُهُـــــــــــــمْ
باصطدامِ الحربِ فى وقتِ القُرَانِ
الطريقة العزمية وحرب 1973م
وقد قدمت الطريقة العزمية العشرات من أبنائها للشهادة والجهاد في حرب 1973م، مع حث الجبهة الداخلية على التماسك والتوحد خلف قيادتها وجنودها عن طريق المنابر والزيارات المتواصلة لسماحة السيد عز الدين ماضى أبى العزائم t لجميع القرى والبلاد من أجل تقديم الدعم المادى والمعنوى على حسب مقتضى الوقت.
كل هذا الجهاد لم تتحدث عنه الطريقة العزمية بشكل مُفَصَّلٍ، تاركة الآثار الاجتماعية تتحدث عن نفسها، فهي لم تجاهد من أجل الطمع في الكرسي، أو الشهرة بين الناس، وإنما جاهدت في سبيل الله، فأظهر الله أعمالها، مصداقًا لقوله تعالى: )إِنَّا نَحْنُ نُحْيِى الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ( [يس: 12].
مجلة (الإسلام وطن) والقضية الفلسطينية
عندما أصدر السيد عز الدين t مجلة (الإسلام وطن) صدرت قوية عظيمة، تقف بالفكر والحجة فى وجه أعداء الإسلام، وتساند المسلمين فى كل مكان من العالم، وتنادى بحقوقهم، وتكشف الخطط التى تدبر ضدهم، وتستنهض العزائم لمساندتهم، وخصوصًا القضية الفلسطينية؛ مما ساعد على انتشارها فى أنحاء العالم الإسلامى، وما زالت رسالتها مستمرة فى عهد الخليفة القائم السيد محمد علاء الدين ماضى أبى العزائم 0، حيث تناولت المجلة العديد من الموضوعات المتصلة بالقضية الفلسطينية، نذكر منها:
1- التاريخ الإجرامى للسفاح شارون.
2- الأسرى فى السجون الإسرائيلية.
3- الإرهاب عقيدة صهيونية ومنهج أمريكى.
4- خريطة الطريق إلى أين؟.
5- ملف أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية.
6- وثيقة جنيف خرق لوحدة الصف الفلسطينى.
7- مخطوطات البحر الميت وتاريخ اليهود.
8- لماذا لا تتهم الصهيونية بالإرهاب؟.
9- هل اليهودى إنسان؟.
10- الانسحاب الإسرائيلى من غزة عملية وهمية.
11- إسرائيل ذلك الوهم الكبير.
12- فقه الصراع على القدس وفلسطين.
13- الصراع الإسلامى الصهيونى على القدس.
14- بعد أنا بوليس: الشرق الأوسط يغوص فى الظلام.
15- الإرهاب يحتفل بتأسيس دولته.
16- البعد العقائدى لإسلامية قضية القدس.
17- المدخل السياسى لإسلامية قضية القدس.
18- هل المطبعون مسلمون؟
19- الطريقة العزمية والقضية الفلسطينية.
20- أطلقت مجلة (الإسلام وطن) فى رمضان 1415هـ الموافق فبراير 1995م صرخة فى الأمة الإسلامية استمرت (13) عامًا، بمقاطعة بضائع إسرائيل وأمريكا وحلفائهما، وتشجيع البضائع الوطنية والإسلامية.
هذا غيض من فيض مما حبرته أقلام كُتَّاب (الإسلام وطن) لسان حال الدعوة العزمية، وقد شهد لها بهذا العمل الجليل هيئة محايدة فى رسالة ماجستير للباحثة دعاء عبد الحكم الصعيدى بعنوان (دراسة تحليلية وفنية: صحافة المؤسسات الإسلامية الأهلية فى مصر فى الفترة من 1981م- 2005م)، والمُقَدَّمَة إلى كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، حيث جاء فى الرسالة بالحرف الواحد:
(وكانت القضية الفلسطينية من أهم القضايا السياسية التى تناولتها المجلة، وكثيرًا ما استعرضت الأوضاع فى فلسطين من خلال تقارير إخبارية مصورة، من أبرزها ما نشر تحت عنوان (رمضان شهر الإجرام ضد الفلسطينيين)، استشهاد 64 وإصابة 273 ومصادرة 9638 دونمًا وهدم 279 منزلاً واعتقال 320، كما أشارت إلى مظاهر الإذلال اليومية عند الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وطالبت بدعم القضية ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى).
وإيمانًا بأن الأمة الإسلامية كالجسد الواحد، قامت مشيخة الطريقة العزمية – بعد حرب الإبادة التي بدأها السَّفَّاح شارون رئيس الوزراء الصهيوني السابق – بفتح باب التبرع للشعب الفلسطيني، حيث وضعت في الحساب المخصص لذلك بالبنك الأهلى المصرى عدة مبالغ نقدية على دفعات بتاريخ 14 و28/4/2002م، و14 و27/5/2002م.
الحكم العزمي في التطبيع مع الصهاينة
عندما قامت بعض الدول العربية في عام 2020م بالتطبيع مع الكيان الصهيوني بوساطة أمريكية، كتب سماحة الإمام القائم مقالًا بالعدد (417) بمجلة الإسلام وطن، في شهر جمادى الأولى 1442هـ – ديسمبر 2020م – يناير 2021م هاجم فيه التطبيع والمطبعون، واختتمه بفتوى وقتية مبنية على فتوى الإمام أبي العزائم في بيع الأراضي الفلسطينية، فقال: (إذا أردنا أن نبني حكمًا وقتيًّا على فتوى الإمام أبي العزائم، فإن كل من يُطبِّع مع اليهود المغتصبين لأرض فلسطين، هو مشارك في بيع الأراضي الفلسطينية، ويسري عليه حكم من باعها.
وكذلك كل حكومة إسلامية تبرم سلامًا مع الكيان الصهيوني، فهي متوسطة في البيع؛ لأنها تشجع مواطنيها على التواصل مع المغتصبين للأرض؛ وبالتالي ضياع الحقوق العربية والإسلامية).
تجهيز رجال النصر
لقد بشرنا الإمام أبو العزائم بأن أرض فلسطين ستكون هى أرض الحرب الكبرى بين المسلمين والصهاينة، بل وستكون هي مَحِلُّ مَحْو بنى صهيون، واستراحة الجنس البشرى من شرورهم، فيقول 0:
فى فلسطينَ فتنــةٌ من رآهَا
قال صغرى لكنها نارٌ واصبُ
فى فلسطينَ قد تلوحُ شئــونٌ
محوُ صهيونَ والقوىُّ السَّـالبُ
وبعدها يستريح الوجود بأسره من شرورهم وآثامهم، وسوف تكتشف كل الشعوب أن الصهاينة هم سبب كل الحروب والأحقاد فى العالم، فَيَهُبُّ الجميع مادًّا يد العون للمسلمين للقضاء على هؤلاء الأنجاس، كما قال J: (لن تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود؛ حتى يقول الحجر والشجر: يا عبد الله يا مسلم، ورائى يهودى فتعال فاقتله)([2]).
ودائمًا ما يكرر الإمام القائم أن عاتق تحرير فلسطين سيكون على يد المصريين مصداقًا لقول جده الإمام علي بن أبي طالب A: (ألا وبشروا أهل مصر بأنهم يدخلون القدس، ولهم مع القدس موعد)، ولذلك يقوم خلفاء الإمام أبي العزائم بتجهيز المجاهد العقائدي، وهو المصطلح الذي أطلقه الإمام السيد عز الدين ماضي أبو العزائم.
ويطالبنا سماحة السيد علاء أبو العزائم بأن نغرس هذه العقيدة في أولادنا وأحفادنا، ويذكرنا دومًا بقول المصطفى J: (مَن جَهَّزَ غَازِيًا في سَبيلِ اللَّهِ فقَدْ غَزَا، وَمَن خَلَفَ غَازِيًا في سَبيلِ اللَّهِ بخَيْرٍ فقَدْ غَزَا)([3]).
نسأل الله أن يكتب النصر ودخول الأقصى لنا أو لأبنائنا على يد إمامنا، وألا تطول أيام دولة الكيان الصهيوني أكثر من ذلك، وصلى الله على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى آله وسلم.
=====================
([1]) بعد أن قام جيش الحسين بن على العربى المسلم بقتل جنود الحامية التركية، وسحل قوادهم في ذيول الخيول، وتسليم القائد البريطاني اللنبي مفاتيح بيت المقدس، وقف اللنبى متكبِّرًا متجبِّرًا أمام قبر صلاح الدين- وخلفه صغيرًا ذليلاً الحسين بن علي ويسمع بأذنيه اللنبي- يقول لصلاح الدين: اليوم، واليوم فقط يا صلاح الدين انتهت الحروب الصليبية، ولم يفهم الخائن المعنى؛ لأنه كان فرحًا مسرورًا، وفكره مشغولاً بالهدية التي في انتظاره من اللنبي جزاء فعلته، ولكنهم غدروا به، ونفوه في جزيرة قبرص حيث مات هناك.