أخبار عاجلة

وصية إلى الرجل المسلم (3)

احترسوا من الناس بسوء الظن، ولا تظهروا سوء الظن لعباد الله، ولكن عليكم بمداراتهم، وحسنوا نواياكم في قلوبكم، وصونوا أعراضكم في بيوتكم، وأموالكم في خزائنكم…

الدكتور جمال أمين

بقية: وصيتي إلى أبنائي وأهلي وعشيرتي

يا أبنائي:

احفظوا الله يحفظكم، احفظوا الله تجدوه أمامكم، كونوا مع الله تروا الله معكم.

يا أبنائي:

يقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ (الطور: 21) فابغضوا المعاصي يا أبنائي؛ لأن الله حرمها وتوعد عليها بالنار، ولأن المعاصي في ذاتها تنفر منها النفوس الكريمة، ولأنها تهدم مجدًا أسسه أئمة الهدى من آبائنا العلماء العاملين، ولأن المعصية تذهب وجاهة الإنسان ومنزلته العالية بين الناس وتجعله محتقرًا ذليلًا؛ لأن المعصية تسبب العداوة بين الناس والخصومات، وتسبب الأمراض في الأبدان، وأن المعصية توجب الخزي والندم في الدنيا والعقوبة يوم القيامة، فاتركوا يا أولادي المعصية، فإنها لذة تؤدي إلى كل تلك البلايا، والأولى الفرار منها ولو كان في تركها آلام عاجلة.

يا أبنائي:

* صلة الأرحام تطيل الأعمار، وترضي الرحمن، وتكثر الأنصار، وتجعل الرجل سيدًا عظيمًا في عشيرته، وهي من صفات رسول الله o.

وصلة الرحم صلة للرحيم، هذا فضلًا عما يشعر به المرء المسلم من الشفقة والرحمة والعاطفة على أقاربه، فلو لم تكن صلة الرحم شرعًا وعقلًا لكانت فطرة وسجية، وقاطع الرحم كأنه يقول: أنا لست إنسانًا ولكني وحش؛ لأن الإنسان – ولو كان ابن زنا – يعطف على أبناء أمه وأقاربه ويتعصب لها.

يا أبنائي:

* أكرموا جيرانكم يدم لكم الصفاء والهناء وتزيد نعمكم، لأن إكرام الجار يرضى الله تعالى ويرضى رسول الله o، ويجعل جارك خادمًا يطيعك ويلبيك إن ناديته، ويسرك إن قابلته، فإن أنت لم تكرمه كان كالهم اللازم، والغريم المطالب، ولا غنى لك عنه، والعاقل لا يجعل له سبعًا وحشًا مفترسًا، مطلقًا من القيود قريبًا من بابه، وإن عجزت عن إكرامه وتأليفه، فتب إلى الله واسأله المعونة، وافرض أن جارك بعيد عنك فلا تذكره إلا بخير، وانس إساءته يهده الله أو يريحك منه

يا أبنائي:

احترسوا من الناس بسوء الظن، ولا تظهروا سوء الظن لعباد الله، ولكن عليكم بمداراتهم، وحسنوا نواياكم في قلوبكم، وصونوا أعراضكم في بيوتكم، وأموالكم في خزائنكم، حتى إذا ظفرتم بواحد من أهل الأسرار، فجربوه أو اختبروه، ثم كاشفوه بقدر معلوم، وأنتم على حيطة منه، فإذا وجدتم رجلًا أمينًا يمكنه أن يحفظ مالكم ويعمل فيه، لينتقع وتتنفعوا، فاعطوه بقدر معلوم مع الحيطة منه.

يا أبنائي:

* أوصيكم بالأعراض، فإن الله تعالى حكم فيها فقال: )قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ( (النور، 30)، )وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ( (النور: 31) صدق الله العظيم.

والعمل بكتاب الله به الفوز برضوان الله، وبه السعادة في الدنيا والآخرة، والجاهل عدو نفسه فكيف يكون صديقًا لغيره؟!

يا أبنائي:

أوصيكم بتعلم العلم تكن لكم الحياة والآخرة، فإن كان آباؤكم من أئمة الهدى حفظتم ذكرهم، وأبقيتم صورهم مرسومة على صفحات القلوب – وإن كانت أعيانهم في القبور – وحفظتم تراث آبائكم ومجدهم صرتم كالجوهرة النفيسة المستخرجة من كنوز أنفس الجواهر، يعظمكم الناس لنسبكم، ويحبونكم لعلمكم.

العلم يا أبنائي حقيقة صعبة المرتقى، ولكنه كرسي من جلس عليه ساد في الدنيا، وكان في مقعد صدق عند مليك مقتدر يوم القيامة.

أوصيكم يا أبنائي بأن يحب كل واحد منكم لأخيه ما يحبه لنفسه، وخيركم من بدأ بأخيه فيما يحبه ثم بنفسه، قال تعالى مثنيًا على أصحاب رسول الله o – وليست بينهم أرحام يتواصلون بها وإنما هي إخوة الإسلام -: )وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ( (الحشر: 9) فيجب عليكم يا أبنائي أن تتشبهوا بالكرام قيامًا بأخوة الإسلام، وأخوة الأرحام.

يا أبنائي:

* أعطوا حب قلوبكم للأخ التقي الأمين الموالي، واجعلوا مزيده بالدعاء الصالح والبشاشة في وجهه، والمسارعة إلى خيره، وأعطوا طلاقة الوجه وحلاوة اللفظ لمن تخشون شره أو تخافون جهالته ليكفيكم الله شروره، وسعوا الناس كلهم بأخلاقكم؛ حتى يكونوا لكم ألسنة خير.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (36)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …