حاولت جاهدًا على مدى يوم كامل أن أغوص في كلمات الصوفية التي لا تنسى.. فوجدت نفسي لست أهلًا لذلك.. ولكني أجد نفسي محبًّا، أجاهد نفسي بقدر المستطاع، على مدى أربعين عامًا أو أكثر، جاورت أهل التصوف الحقيقيين “حقيقة وقراءة” فتأثرت بهم، فهذه حياتي، ويعرفني من يعرفني، ويجهلني من جهلني…
الأستاذ محمد الشندويلي
حاولت جاهدًا على مدى يوم كامل أن أغوص في كلمات الصوفية التي لا تنسى.. فوجدت نفسي لست أهلًا لذلك.. ولكني أجد نفسي محبًّا، أجاهد نفسي بقدر المستطاع، على مدى أربعين عامًا أو أكثر، جاورت أهل التصوف الحقيقيين “حقيقة وقراءة” فتأثرت بهم، فهذه حياتي، ويعرفني من يعرفني، ويجهلني من جهلني.
فكان أقربهم إليَّ في عام 1982م الشيخ محمد زكي إبراهيم رائد العشيرة المحمدية، كان صحابيًّا في العصر الحديث.
أما الإمام أبو العزائم فقد عرفته عن طريق كتبه، فوجدته هو الآخر صحابيًّا عمليًّا متحركًا هنا وهناك وجهوده تتعدى آلاف الأشخاص.
وهناك صوفية حقيقيون، وهم بيننا الآن ولكن لا يعرف الناس عنهم شيئًا، وهم من المريدين والتابعين والمحبين، وأدعو الله أن أكون واحدًا منهم في بقية حياتي، فلم أخض في مئات كتب الإمام أبي العزائم، ولكن أخي وأستاذي أ.د عبد الحليم العزمي شاء القدر أن يجعله رب العالمين أحد العلماء الذين نقبوا في كتب وعلم وأوراق الإمام أبي العزائم، وهو أكثر علماء التصوف في القرن العشرين خاض العلماء في علمه وسبحوا في فيوضات التصوف عنده، فكتبوا وأفاضوا.. فمنهم من أخذ الدكتوراة في شيء يسير من علمه، أمثال د. عبد الحليم وغيره، ومنهم من أخذ الماجستير.. ومنهم.. ومنهم..
ولكني تأدبًا لن أقترب من الإمام أبي العزائم إلا حبًّا وقراءة.. ولكن توقفت عند نقطة جالت بخاطري مساء ليلة الأربعاء الموافق الواحد والثلاثين من شهر يوليه لعام 2024م.. أن أخوض بجوار البر وليس في البحر؛ تأدبًا.. هناك بعض الكلمات عند الصوفية، مثل: رياضة النفس.. والمريد.. والعاشق.. والوله.. والتجلي.. والعشق.. والبصر.. والبصيرة.. والفراسة.. والتصوف.. والمتصوفة.. والمتمصوف.. والإلهام.. والهمة.. والحال.. والذوق.. والكشف.. والمكاشفة.. والغربة.. والغرق.. والتمكن .. والبسط.. والسكر.
ولن أكتب في هذه الكلمات، ولكني أتركها للعلامة الشيخ علاء أبي العزائم شيخ عموم الطريقة العزمية؛ لأنه أقدر هو وتلاميذه الأوفياء من العلماء.. ولكن أستميحهم أن أجول من على البر في الكتابة بشيء لعلي أجد نفسي أو أقربها إلى مقامات أهل التصوف الحقيقيين.. فوجدت دراسة في غاية الأهمية للدكتور سعيد أبو الإسعاد تحمل عنوانًا مهمًّا “زف البشارة التصوف في عبارة” وهذه الدراسة تقع في كتاب في طبعة فاخرة في أربعمائة وتسعة وثمانين صفحة من القطع الكبير.
ففي حرف “اللام” في صفحة ثلاثمائة واثنتين وعشرين، يقول فضيلته: لم يتجه الصوفية الأوائل إلى تأليف الكتب بل ألفوا القلوب على محبة الله وإيثاره سبحانه عما سواه، وآتاهم الله الحكمة الصافية من إلهامهم العالي فنطقوا بها، وتناقلها عنهم تلاميذهم، وأسمعوها من يستحقها ممن يفهم مصطلحاتهم خشية أن تضيع علومهم.. ثم بدأ المتأخرون منهم أن يدونوا علومهم النافعة فصانوا تراثًا عزيزًا أخذه الخلَف عن السلف نورًا مشعًّا يهدي إلى الحق.
وأيضًا يقول فضيلته في حرف الهاء: هو ربانية الإسلام، هو الصفاء، هو استعمال الوقت فيما هو أولى. هنيئًا لأهل السبق ممن يصلحون فيما بقي من أعمارهم ما فاتهم فيما مضى، مسترشدين بقوله تعالى: Pوَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَO (آل عمران: 133).