أخبار عاجلة

الأشعري والأشعرية (47)

اعلم أن مذهب السلف في عصرهم كان هو الأفضل والأسلم والأوفق مع الإيمان الفطري المرتكز في كلٍّ من العقل والقلب. ومذهب الخلف في عصرهم أصبح هو المصير الذي لا يمكن التحول عنه، بسبب ما قامت فيه من المذاهب الفكرية والمناقشات العلمية…

د. محمد الإدريسي الحسني

بقية: التأويل عند الأشاعرة

بقية: الضرورة الدافعة إلى التأويل عند

أهم علماء الشريعة الإسلامية من السلف والخلف:

من هم المشبهة أو المجسمة؟

التشبيه في اللغة: يعني إلحاق أمر بآخر لصفة مشتركة بينهما، والتجسيم في اللغة: هو إسناد الصفات والخصائص البشرية إلى الكائنات الأخرى مثل: الآلهة، الحيوانات، الأجسام والظواهر الطبيعية. وفي الاصطلاح: هو مصطلح إسلامي يُطلَق على من يقول بأن الله جسم، أو من يشبه الله بالمخلوقات، ويُطلَق عليهم أيضًا الحشوية، ومن أشهر الفرق التي تُوصف بالتجسيم والتشبيه فرق الكرامية نسبة إلى ابن كرام، والهشامية أصحاب هشام بن الحكم، ويُطلَق أيضًا على أصحاب هشام بن سالم الجواليقي،  واليونسية أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمِّي، والبيانية أتباع بيان بن سمعان، والمغيرية أتباع مغيرة بن سعيد العجلي، والمنصورية أتباع أبي منصور العجلي، والخطابية أتباع أبي الخطاب الأسدي. تطلق بعض المذاهب، كالأشاعرة والماتريدية، مصطلح المجسمة على  الأثرية والسلفية؛ لأنهم حسب قولهم يُثبِتون أن الله يحده العرش وأنه موجود في جهة، وأن هذا بحسب قولهم يستلزم التجسيم،  وترد السلفية على ذلك أنهم يثبتون الاستواء كما ورد في القرآن بلا كيف من غير تأويل، وينفون أن ذلك يؤدي إلى التجسيم، فإن الله ليس كمثله شيء، وكما يتهم المعتزلة كلًّا من الأشاعرة والسلفية بالتجسيم.

اختلاف الفرق الإسلامية في تحديد مصطلح التجسيم

مسألة التَّجسيم من المسائل العقديَّة التي كثُر الخلاف فيها، حيث إن الفرق الإسلامية اختلفت في تحديد مفهوم لفظ الجسم، مما أدى إلى اختلاف المذاهب والعقائد. فتطلق المعتزلة مصطلح المجسّمة على من يُثبت الصفات الخبرية أو المعنوية لله، ويُعرّف القاضي عبد الجبار المعتزلي معنى الجسم بقوله: (اعلم أن الجسم هو ما يكون عريضًا عميقًا، ولا يحصل فيه الطول والعرض والعمق؛ إلا إذا تركب من ثمانية أجزاء، بأن يحصل جزءان في قبالة الناظر، ويسمى طولًا وخطًّا، ويحصل جزءان آخران عن يمينه ويساره منضمان إليهما، فيحصل العرض، ويسمى سطحًا أو صفحة، ثم يحصل فوقها أربعة أجزاء مثلها، فيحصل العمق، وتسمى الثمانية أجزاء المركبة على هذا الوجه جسمًا)، وتُطلق الأشاعرة والماتريدية مصطلح المجسمة والمشبهة على من يُثبت الاستواء والمجيء، واليدين والقدمين، والعين والوجه لله، كما تُطلق هذا المصطلح على من يقول بالجهة والفوقية، فيقول ابن حزم: (قال أبو محمد: ذهبت طائفة إلى القول بأن الله تعالى جسم وحجتهم في ذلك أنه لا يقوم في المعقول إلا جسم أو عرض، فلما بطل أن يكون تعالى عرضًا ثبت أنه جسم وقالوا: إن الفعل لا يصح إلا من جسم، والباري تعالى فاعل، فوجب أنه جسم واحتجوا بآيات من القرآن فيها ذكر اليد واليدين والأيدي، والعين والوجه والجنب، وبقوله تعالى ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ (الفجر: 22)، و﴿يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ﴾ (البقرة: 210)، وتجليه تعالى وبأحاديث للجبل فيها ذكر القدم واليمين والرجل والأصابع والتنزل. قال أبو محمد: ولجميع هذه النصوص وجوه ظاهرة بينة خارجة على خلاف ما ظنوه وتأولوه. قال أبو محمد: وهذان الاستدلالان فاسدان، أما قولهم: إنه لا يقوم في المعقول إلا جسم أو عرض فإنها قسمة ناقصة، وإنما الصواب أنه لا يوجد في العالم إلا جسم أو عرض وكلاهما يقتضي بطبيعته وجود محدث له فبالضرورة نعلم أنه لو كان محدثها جسمًا أو عرضًا لكان يقتضي فاعلاً فعله ولا بد فوجب بالضرورة أن فاعل الجسم والعرض ليس جسمًا ولا عرضًا وهذا برهان يضطر إليه كل ذي حس بضرورة العقل ولا بد وأيضًا فلو كان الباري تعالى عن إلحادهم جسمًا لاقتضى ذلك ضرورة أن يكون له زمان ومكان هما غيره، وهذا إبطال التوحيد وإيجاب الشرك معه تعالى لشيئين سواه، وإيجاب أشياء معه غير مخلوقة؛ وهذا كفر).

وتُطلق الأثرية أو السلفية لفظ المشبهة والمجسمة على من شبه الله بخلقه، ولكنهم يُثبتون من الأسماء والصفات ما جاء في القرآن الكريم والأحاديث النبوية من غير تأويل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ولا يعتبرون إثبات الاستواء والمجيء واليدين والقدمين والعين والوجه والفوقية من التجسيم والتمثيل، فقال ابن تيمية: (ومذهب السلف بين مذهبين، وهدي بين ضلالتين، إثبات الصفات ونفي مماثلة المخلوقات، فقوله تعالى:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾. رد على أهل التشبيه والتمثيل، وقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الشورى: 11*. رد على أهل النفي والتعطيل، فالممثل أعشى، والمعطل أعمى، الممثل يعبد صنمًا، والمعطل يعبد عدمًا).

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (25)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …