أخبار عاجلة

أباطيل الإسلام السياسي (الأسس الفكرية للإرهاب) [80]

إنني انتقد ابن تيمية؛ لوجود أخطاء منهجية خطيرة بكتاباته المعتمدة المشهورة؛ تؤكد خروجه على منهج السلف الصالح سواء فى العقيدة أو الفقه، وليس بينى وبين ابن تيمية موقفًا شخصيًّا والعياذ بالله…

الدكتور محمد حسيني الحلفاوي

تقديس ابن تيمية (1)

قال محدثي:

ما لى أراك تنتقد شيخ الإسلام ابن تيمية “661هـ – 728هـ” قدس الله روحه ونور ضريحه، رغم أنه العالم الفذ الذى جمع علم السلف وفقه الأئمة ورد على الفرق الضالة والمبتدعة.

قلت:

إنني انتقد ابن تيمية؛ لوجود أخطاء منهجية خطيرة بكتاباته المعتمدة المشهورة؛ تؤكد خروجه على منهج السلف الصالح سواء فى العقيدة أو الفقه، وليس بينى وبين ابن تيمية موقفًا شخصيًّا والعياذ بالله.

والذى يجعلنى اهتم وأحذر من أفكار ابن تيمية؛ أنه صاحب الفكر القائد الملهم للفرق والتيارات الدينية المنتشرة فى ربوع العالم الإسلامى منذ ما يزيد عن 90 عامًا؛ وكلنا يعرف ما اقترفته هذه الفرق من تكفير وقتل وحرق وتدمير في كل مكان بالعالم باسم الإسلام!!

فكل فتاوى قادة تيارات العنف بعالمنا العربي والإسلامي تستند فقهيًّا لفتاوى ابن تيمية وهذا ثابت في أدبيات قادة هذه الفرق أمثال ” محمد عبد السلام فرج، أيمن الظواهرى، أبو محمد المقدسى، أبو مصعب الزرقاوى، أبو قتادة الفلسطينى، أبو بصير الطرطوسى، أبو بكر البغدادى وغيرهم “.

قال محدثى:

كيف تقول ذلك وجميع علماء الأمة الأعلام قد شهدوا بعلم وعبقرية ابن تيمية، بل لقبوه بـ ” شيخ الإسلام “؛ فهذا الحافظ المزى يصف ابن تيمية قائلًا: ” كان يستوعب السنن والآثار حفظًا، إن تكلم فى التفسير فهو حامل رايته، أو أفتى فى الفقه فهو مدرك غايته، أو ذاكر فى الحديث فهو صاحب علمه وذو روايته… برز على كل أبناء جنسه”([1]).

قلت:

مبدئيًّا أحب أن أوضح أنه ما من إمام إلا ويؤخذ منه ويترك، وكل الأئمة الكبار يجانبهم الصواب في بعض اجتهاداتهم، فليس هناك معصوم إلا النبى o.

ولكن أخطاء ابن تيمية – رحمه الله – تختلف جذريًّا، فهي أخطاء منهجية وليست أخطاء عارضة؛ فالخطأ المنهجى مثل فيروس الكمبيوتر الذي يضرب وحدة التحكم، مما يجعلها تصدر أخطاء خطيرة وغير متوقعة.

علاوة على أن لقب ” شيخ الإسلام ” ليس حكرًا على ابن تيمية – كما يتوهم الكثيرون – فهناك عدد كبير من الأئمة الذين لقبوا بلقب ” شيخ الإسلام ” قبل وبعد ابن تيمية حوالى 30 عالمًا منهم:

الإمام عبد الله الأنصارى الهروى “396هـ – 481هـ” وصفه بذلك ابن القيم تلميذ ابن تيمية([2])، وكذا جلال الدين السيوطى([3]).

الإمام العز بن عبد السلام “577هـ – 660هـ ” وصفه بذلك ابن العماد الحنبلى([4]).

الإمام ابن حجر العسقلانى ” 773هـ – 852هـ” وصفه بذلك شمس الدين السخاوى([5])، وابن خليل الدمشقى([6])، ومحمد راغب الطباخ([7])، وكامل عويضة([8]).

الإمام زكريا الأنصارى “824هـ -926هـ ” وصفه بذلك ابن العماد الحنبلى([9])، والسيوطى([10]).

علاوة على أن لقب شيخ الإسلام لا يعطى لصاحبه عصمة ويجعله فوق النقد، وأكبر دليل على ذلك أن أتباع ابن تيمية ينتقدون هؤلاء الأئمة الملقبين بشيوخ الإسلام ويبدعونهم ويحذرون منهم!!

قال محدثي:

هل تستطيع إعطائي أدلة على بعض الأخطاء المنهجية الموجودة بمؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، حتى لا يكون حوارنا كلامًا في الهواء بلا دليل؟!

قلت:

الأدلة موجودة بكتابات ابن تيمية المعتمدة:

ففي العقيدة:

يقول: (بقدم العالم بالنوع وأن جنس العالم أزلي وإنما الحادث هو الأفراد المنبعثة  من المخلوقات، وتسلسل حوادث لا أول لها لم تزل مع الله، وقدم العرش، ووجود قوة طبيعية مودعة فى الأشياء بها يتم التأثير، وكما هو واضح فهذه أقوال كفرية خطيرة تتناقض مع أبجديات التوحيد!!، ويجسم العقيدة الإلهية مدعيًّا أنه ليس فى كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها أنه ليس بجسم([11])، ويزعم أن الله عز وجل يتكلم بحرف وصوت، ويثبت الانتقال والنزول في حق الله تعالى، ويثبت التحيز لذات الله تعالى، وينسب الجهة والمكان لله تعالى، ويثبت الجلوس في حق الله تعالى، ويقول بفناء النار)!!

وفى الفقه:

خالف الإجماع في 60 مسألة([12])، وحرم أمورًا هناك إجماع على أنها مندوبة ومستحبة مثل شد الرحال لزيارة الروضة الشريفة بالمدينة، والتوسل بالأنبياء والصالحين، وأنكر المجاز في اللغة والقرآن والسنة([13]) مخالفًا علماء الأمة قديمًا وحديثًا، حرم علم الكيمياء بدعوى أنه مضاهاة لخلق الله([14])، أفتى بأن علوم الطب والفلك والزراعة والبناء والرياضيات علوم أدنى منزلة من العلوم الدينية([15])، تحريم تعلم اللغة الفارسية([16])، أفتى بوجوب معاداة غير المسلم حتى لو أعطاك وأحسن إليك([17])، أفتى أن ممتلكات غير المسلمين ليست ملكًا لهم وغير مباح لهم التصرف فيها وهى مباحة للمسلمين، وهذا الكلام مستند فكرة الاستحلال التى تعتنقها الفرق الإرهابية!!([18])، أفتى بوجوب إهانة مقدسات غير المسلمين([19])، أفتى بقتل المبتدعين – من وجهة نظره طبعًا – حتى وإن تابوا ولم يكونوا كفارًا([20]).

وفى الحديث:

رد أحاديثًا صحاحًا بعضها متواترة بالمعنى وموجودة بالصحيحين.

قال محدثى:

هذه أكاذيب وأباطيل نسبها حساد شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه، وقد رد عليها وفندها علماء السلفية قديمًا وحديثًا.

قلت:

هذه ليست أكاذيب يا أخى الكريم، فهذه الأمور ثابتة جلية فى كتب ابن تيمية، ومن أخذها عليه أئمة كبار أعلام ومشهود لهم.

قال محدثى:

كيف تدعى هذا، وقد شهد العلماء بإمامة ابن تيمية، كما أوضحت من قبل؟!

قلت:

سأورد لك أقوال طائفة من علماء الأمة الكبار الذين بينوا أخطاء ابن تيمية وردوها وحذروا منها في العدد المقبل إن شاء الله تعالى.

=====================

([1]) الدرر الكامنة ج1 ص 156، 157.

([2]) مدارج السالكين ج3 ص 366 طبعة المكتبة الشاملة.

([3]) طبقات المفسرين ص 57 المكتبة الشاملة.

([4]) ” شذرات الذهب” ج7 ص 523.

([5]) ” الجواهر والدرر فى ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر ” للسخاوى.

([6]) ” جمان الدرر فى ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر ” لابن خليل الدمشقى.

([7]) ” ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر ” لمحمد راغب الطباخ.

([8]) ” ابن حجر العسقلانى شيخ الإسلام” كامل عويضة.

([9]) شذرات الذهب ج10 ص 186.

([10]) ” نظم العيقان فى أعيان الأعيان ” للسيوطى المكتبة العلمية بيروت ص 113.

([11]) “بيان تلبس الجهمية” لابن تيمية ج1ص 14.

([12]) ” الأجوبة المرضيّة على الأسئلة المكية ” للعراقى، تحقيق محمد تامر ص 92، 93، 99.

([13]) ” مجموع الفتاوى ” لابن تيمية ج7 ص 60.

([14]) ” مجموع الفتاوى ” لابن تيمية ج29 ص 203، 206.

([15]) ” درء تعارض العقل والنقل ” لابن تيمية مجلد 3 ص 35.

([16]) ” اقتضاء الصراط المستقيم ” لابن تيمية ج1 ص 520.

([17]) مجموع الفتاوى ج28 ص 118.

([18]) مجموع الفتاوى ج7 ص 34.

([19]) اقتضاء الصراط المستقيم ج1 ص 535.

([20]) مجموع الفتاوى ج28 ص 303.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (36)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …