أخبار عاجلة

لماذا فشل الإخوان في حكم الدولة والثورة؟!

مرت ذكرى ثورة 30 يونيو 2013م وسوف يتوقف الكثيرون حول التساؤلات الكبرى لهذه الثورة الشعبية المجيدة ضد حكم الإخوان وأجهزة المخابرات الغربية والإقليمية…

د. رفعت سيد أحمد

مرت ذكرى ثورة 30 يونيو 2013م وسوف يتوقف الكثيرون حول التساؤلات الكبرى لهذه الثورة الشعبية المجيدة ضد حكم الإخوان وأجهزة المخابرات الغربية والإقليمية، التي تحالفت معهم لإسقاط الدولة المصرية وتفكيكها؛ بهدف إعادة تركيبها ثانية على الهوى الإخواني الداعشي الإرهابي، الذي ساد المنطقة وقتها، وجعل من مصر في زمن الإخوان (المظلة والعمود الفقري لتلك المخططات الإجرامية) ستظهر تساؤلات وستجدد.. ولكن يظل السؤال المهم والتاريخي هنا هو: لماذا فشل الإخوان في حكم مصر رغم المؤامرات والإمكانات وأجهزة المخابرات المساندة لهم، ورغم تلك (الأنهار) التي كانت تجري من تحت أقدامهم؟

*يحدثنا التاريخ.. أن الأسباب الاجتماعية والسياسية لسقوط الإخوان تعددت؛ إلا أن القاسم الرئيس بينها  كان هو” فشل الإخوان وقوى الإسلام السياسى فى إدارة الدولة والثورة”؛ الأمر الذى أدى إلى تحركات شعبية واسعة من كافة ألوان الطيف الوطنى والسياسى على مدار الثلاث سنوات التالية للثورة، وبخاصة خلال العام الذى حكم فيه د. محمد مرسى (2012-2013م)، لقد أدار الإخوان الدولة خلال فترتى “المجلس العسكرى” وحكم “محمد مرسى”، باعتبارها “غنيمة” وليست “وطنًا”؛ وأهدروا عشرات الفرص لكى يدمجوا أنفسهم وتنظيمهم فى المجتمع، والحياة السياسية والوطنية الواسعة، وخطفوا وهم فى طريقهم إلى السلطة؛ “الدين”، واعتبروا أنفسهم الممثلين الوحيدين والشرعيين له، ومن عداهم إما “كافر” أو مخالف، أو خارج عن الملة، فأشاعوا مناخًا من الكراهية والتعصب والاستقطاب، والغضب المكتوم، ظلت تتراكم طبقاته إلى أن حانت لحظة الانفجار فاشتعل، وأحرقهم، ولم تنفع ذرائع “الشرعية” و”الديمقراطية” التى ما أن وصلوا من خلالها للحكم؛ إلا وانقلبوا عليها تمامًا، وعن قصد، ولم يقتصر خطر وخطل الإخوان وتيارات الإسلام السياسى الملتحقة بهم، على الأمن القومى المصرى، إذ تعداه إلى الأمن القومى العربى، فلعبوا مع “واشنطن” لعبة المصالح، وتفكيك الأوطان، من أجل حكمهم لشرق أوسط جديد بقشرة إسلامية، أسميناه -وقتذاك – تهكمًا “شرق أوسط أمريكى.. بلحية” فكانت تحركاتهم وتورطهم المقصود فى ليبيا وسوريا (طيلة الأعوام 2011 -2013م) تحت وهم وصول فروع تنظيمهم الدولى إلى السلطة فى تلك البلاد ليس على حساب الثورات ووحدة البلاد والوطن فحسب، بل على حساب فلسطين وقضايا المقاومة فتفاهموا مع (بيريز) وصار فى الرسائل المتبادلة مع د.محمد مرسى “صديقى الوفى!” مثالًا تاريخيًّا حيًّا لذلك التحالف ولتلك الصداقة (الإخوانية – الإسرائيلة المتصاعدة) ونفس الأمر طبق مع جون ماكين وأوباما، ولكن النتيجة كانت فى غير صالحهم، لم يقرأ الإخوان والملتحقين بهم من قوى الإسلام السياسى، المشهد جيدًا، لم يفهموا طبيعة المجتمع الذى حكموه فهمًا صحيحًا، لقد كانوا فى عجلة من أمرهم، فأرادوا اختصار الوطن فى (جماعة) ولم يدمجوا (الجماعة) فى الوطن، كانت الثورة ضدهم عارمة ومتنوعة الأدوات والتيارات، ومهما سيقت الحجج بأن ما جرى “انقلابًا” إلا أن الواقع وما جرى فيه كان يؤكد غير ذلك تمامًا.

بالإجمال يمكن القول: إن حكم الإخوان ومن التحق بهم من تيارات الإسلام السياسى قد خلق فى مصر حالة حادة من الاستقطاب السياسى والاجتماعى لم تكن لتهدأ أو تتفكك؛ إلا برحيل الإخوان عن الحكم… حالة كان من أبرز مكوناتها وفقًا لما انتهت إليه أوراق ندوة مستقبل الإسلام السياسى فى الوطن العربى (مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت – 30/11/2013م، والتي كان كاتب هذا المقال مشاركًا فيها) ما يلى:

1- اتباع سياسات المغالبة والمواجهة، فبعد أسبوع من توليه الحكم أصدر الرئيس مرسى مرسومًا بدعوة مجلس الشعب للانعقاد، وهو المجلس الذى قضت المحكمة الدستورية العليا بحله لعدم دستورية القانون الذى تم انتخابه وفقًا له؛ مما دفع المحكمة إلى اتخاذ قرار بعدم دستورية قرار الرئيس واعتباره منعدمًا وكأنه لم يكن، وكان هذا المرسوم بداية لإجراءات سعت إلى السيطرة والاستحواذ على مفاصل القوة فى الدولة والمجتمع؛ مما دفع إلى مواجهات بين الحكم ومؤسسات القضاء، والإعلام، والأزهر، والأحزاب والقوى المدنية، وإلى نمو مخاوف الجيش والشرطة تجاه مخططات الإخوان.

2- كان الوجه الآخر للاستحواذ هو “إقصاء” المخالفين فى الرأى عن مواقع التأثير، وهى السياسة التى أصابت أقرب حلفاء الإخوان وهو (حزب النور)، الذى أعرب عن اعتراضه على سياسات الحكم الاستحواذية.

3- اللجوء إلى العنف على مستواه اللفظى والمادى، اتضح العنف اللفظى فى أحاديث وبرامج القنوات الدينية وتصريحات قيادات أحزاب الإسلام السياسى فى تناولها لموضوعات المسيحيين، والشيعة، والخصوم السياسيين. أما العنف المادى فقد ظهر فى فض اعتصام الاتحادية بواسطة مجموعات من الإخوان، وإطلاق الرصاص على المتظاهرين أمام المركز الرئيس لجماعة الإخوان فى المقطم.

* بالقطع لا يمكن فهم هذه الأنماط وفقًا لاعتبارات السياسة العملية وحسب؛ لأن لها أسسها العقيدية فى فكر الإخوان المسلمين، وجوهره أن ما يعتقدون فيه هو الإسلام، وما عداه ليس كذلك والدمج بين النشاط السياسى والعمل الدعوي، وذلك باعتبار أن موضوع ” الحكم ” من أمور الإيمان والعقيدة وفقًا لتراث حسن البنا وسيد قطب وأدبيات الإسلام السياسى، التى لم تراجع حتى اليوم، وأدت إلى فشلهم الذريع عندما تولوا الحكم، وكادت أن تؤدى بالبلاد إلى حرب أهلية وصراع سياسى طويل المدى، وأدت بقطاعات واسعة من الشعب إلى مظاهرات مليونية فى 30/6/2013م، الأمر الذى دفع الجيش للتحرك وإعلان خارطة الطريق يوم الأربعاء 3/7/2013م عبر بيان ألقاه المشير عبد الفتاح السيسى.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (20)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …