أخبار عاجلة

فضل الصلاة على النبي.. كنوز من النعم والعطايا والنفحات [1 /2]

في ذكرى مولده صلى الله عليه وآله وسلم نقف وقفة سريعة مع فضل الصلاة والسلام عليه في قضاء حوائج العبد، وتفريج الكروب، وإمداده بالنفحات والعطايا والنعم من المنعم الوهاب رب العالمين، الذي جعل الصلاة والسلام على نبيه واجبة كلما ذكر اسمه في حياته الدنيا وبعد انتقاله، وهذا الفضل لم يجعله الله عز وجل لمخلوق سواه…

الأستاذ صلاح البيلي

في ذكرى مولده صلى الله عليه وآله وسلم نقف وقفة سريعة مع فضل الصلاة والسلام عليه في قضاء حوائج العبد، وتفريج الكروب، وإمداده بالنفحات والعطايا والنعم من المنعم الوهاب رب العالمين، الذي جعل الصلاة والسلام على نبيه واجبة كلما ذكر اسمه في حياته الدنيا وبعد انتقاله، وهذا الفضل لم يجعله الله عز وجل لمخلوق سواه.

وقد أفاض سادتنا العلماء ومشايخ الشرع وأولياء الله الصالحون عبر العصور في شرح فضائل الصلاة على النبي، وصنفوا في ذلك كتبًا كثيرة، وذكروا أحوالًا شتى لصالحين كانوا يداومون على الصلاة على النبي فكانوا يرونه يقظة ومنامًا، وكانت تقضى جميع حوائجهم، وعند الموت كان الله U يلطف بهم بسبب هذا الفضل الكبير، وهو الصلاة على النبي وآله الكرام.

وأول ما يستشهد به العلماء والأولياء هو قوله تعالى في قرآنه الكريم: )إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( (الأحزاب: 56)، وفي شرحه لتلك الآية يقول الشيخ صالح الجعفري: إن الله وملائكته يصلون على النبي صلاة دائمة مستمرة إلى يوم الدين، أي تستمر بعد مماته كما كان ذلك في وقت حياته لا فرق بين الوقتين، وكذلك في قوله تعالى: )صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( الأمر مستمر بعد مماته J كما كان في حياته J.

ومن فضل الله U على نبيه J أن من يصلى عليه مرة يصلى الله عليه عشرًا، وأن الصلاة عليه J عتق من النار، سواء أكان ذلك في حياته أو بعد مماته.

قال J: (من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشرًا، ومن صلى علي عشرًا صلى الله عليه بها مائة، ومن صلى علي مائة صلى الله عليه بها ألفًا، ومن صلى علي ألفًا حرم الله شعره وبشره على النار).

وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي J قال: (من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه عشر صلوات، وحط عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات)، وفي رواية (وكتب له عشر حسنات).

ولأن كل شيء بيد الله U وفي خزائن الله عز وجل وخزائنه مملوءة بالخير دائمًا لقوله تعالى: )وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ( (الحجر: 21)، وأن كل شيء يبرز إلى هذا الوجود ولا يخلق إلا بقوله تعالى: (كن)، لقوله U: )إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ( (النحل: 40)، وهي تسمى سورة النعم.

وبناء على كل ما تقدم: فإن صلاتك على حبيب الله سيدنا محمد J تكون بفضل الله U سببًا لقضاء حوائجك المرجوة من الله U، ونحن نذكر النبي J ونصلي عليه ليكون ذلك وسيلة لنا إلى الله تعالى في قضاء المطلوب وبلوغ المقصود؛ لأنه I أمرنا في قرآنه الكريم بأن نفعل ذلك، بصيغة الأمر، أي أن نصلي ونسلم على نبيه، ولذلك فنحن حين نقول: (اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله)، نكون قد امتثلنا لأمر الله لنا، والصلاة عليه J تكون سببًا في صلاة الله U علينا نحن العبيد المساكين.

أما أبخل الناس: فليس من ضن بماله وعقاره ودابته وصدقته على الفقراء والمحتاجين، بل أبخل الناس من ذُكر عنده النبي J فلم يصل عليه؛ لقوله J: (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي)، حديث أخرجه الحافظ السيوطي.

وروى الحافظ أبو نعيم في كتابه الحلية قصة الغزالة المشهورة التي قالت للنبي J: مر هذا أن يخليني حتى أرضع أولادي وأعود، قال: (فإن لم تعودي؟)، قالت: إن لم أعد فلعنني الله كمن تذكر بين يديه فلا يصلي عليك.

ولا فرق في ذلك بين حياته J وبين وفاته، فعن أبي هريرة 0 أن رسول الله J قال: (من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي نائيًا بلغته)، وعن الحسن 0 أن رسول الله J قال: (حيثما كنتم فصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني)، وعن ابن شهاب قال: بلغنا أن رسول الله J قال: [أكثروا من الصلاة عليَّ في الليلة الزهراء واليوم الأزهر، فإنهما يؤديان عنكم، وإن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وما من مسلم يصلي علي إلا حملها ملك حتى يؤديها إلى ويسميه حتى إنه ليقول: (إن فلانًا يقول كذا وكذا)].. واليوم الأزهر والليلة الزهراء هو يوم الجمعة وليلتها.

وقال الشيخ الصاوي: إن آية )إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( فيها أعظم دليل على أن النبي مهبط الرحمات وأفضل الخلق على الإطلاق، إذ الصلاة من الله على نبيه رحمته المقرونة بالتعظيم، ومن الله على غير النبي مطلق الرحمة؛ لقوله تعالى: )هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ( (الأحزاب: 43)، فانظر: الفرق بين الصلاتين، والفرق بين المقامين، فالآية الأولى تعني: أي ادعوا الله بما يليق به، وحكمة صلاة الملائكة والمؤمنين على النبي J تشريفهم بذلك حيث اقتدوا بالله في مطلق الصلاة وإظهار تعظيمه ومكافأة لبعض حقوقه على الخلق؛ لأنه الواسطة العظمى في كل نعمة وصلت لهم. وحق من وصلت له نعمة من شخص أن يكافئه، فصلاة جميع الخلق عليه مكافأة لبعض ما يجب عليهم من حقوقه، وبالجملة فالصلاة على النبي أجرها عظيم وهي من أفضل الطاعات وأجل القربات، وقال د. عبد الحليم محمود في كتابه )فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ( (البقرة: 152): (إنها توصل إلى الله تعالى من غير شيخ؛ لأن الشيخ والسند فيها صاحبها؛ لأنها تعرض عليه ويصلي على من يصلي عليه، بخلاف غيرها من الأذكار فلا بد فيها من الشيخ؛ وإلا دخلها الشيطان ولم ينتفع صاحبها بها).

وقال سهل بن محمد بن سليمان في كتابه (القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع): هذا التشريف الذي شرف الله تعالى به سيدنا محمدًا J أتم وأجمع من تشريف آدم A بأمر الملائكة له بالسجود؛ لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في هذا التشريف، وقد أخبر الله تعالى عن نفسه بالصلاة على النبي ثم عن الملائكة.

وفي الكتاب السابق قال السخاوي: قال المجد اللغوي: (إن قول المصلي: اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم) أي بأن تجعل من أمته علماء وصلحاء بالغين نهايات المراتب عندك، كما جعلت آل إبراهيم أنبياء ورسلًا بالغين نهايات المراتب عندك، واعط آل محمد التحديث، فمنهم محدثون وشرع لهم الاجتهاد وقرره حكمًا شرعيًّا فأشبهوا الأنبياء في ذلك من آل إبراهيم.

وذكر العلماء من فوائد الصلاة على النبي J: (امتثال أمر الله، وموافقة الله في الصلاة على نبيه، وموافقة ملائكته فيها، وسبب في الحصول على عشر صلوات من الله تعالى للمصلي، وسبب رفع عشر درجات للمصلي، وسبب كتابة عشر حسنات للمصلي، وسبب محو عشر سيئات عن المصلي، لقوله: (من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات، وحطت عنه عشر خطيئات، ورفعت له عشر درجات) رواه النسائي.

كما يرجى إجابة دعاء المصلي إذا قدم الصلاة أمامه، والصلاة على النبي سبب في حصول شفاعته، وسبب في غفران الذنوب، وسبب لكفاية الله لعبده في كل ما أهمه، لقول أبي بن كعب: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة فكم أجعل لك من صلاتي؟.. حتى قال له: أفأجعل لك صلاتي كلها؟ قال له النبي J: (إذن تكفى همَّك ويغفر لك ذنبك) رواه الترمذي.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (36)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …