أخبار عاجلة

هيا نبني أمتنا

ولا يمكن أن تنهض الأمم أو تتحضر دون وجود قاعدة قانونية أو أخلاقية يرتضيها المجتمع، سواء كانت هذه القاعدة مستمدة من القانون الوضعي أو من الشرع الحنيف أو من الأخلاق العامة، لذا فإن احترام القانون الذي رضيه المجتمع، هو أساس ضروري لنهضة الأمم وعنوان على تحضرها…

السيد علاء أبو العزائم

شيخ الطريقة العزمية

ورئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية

هيا نبني أمتنا

إن الأمم العظيمة لا تُبنى بالهتافات، ولا تُشاد بالآمال وحدها، بل تُقام على أسس راسخة ومبادئ ثابتة، تحمل في طياتها مقومات البقاء والازدهار.

التاريخ خير شاهد على أن صعود الحضارات وانهيارها لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة حتمية لما تبنّته الشعوب من قيم وسلوكيات. فالحضارات التي أشرقت يومًا على العالم، من الشرق إلى الغرب، لم يكن سر قوتها يكمن في كثرة عددها أو ضخامة جيوشها فحسب، بل في تماسكها القيمي والأخلاقي.

وعندما تآكلت هذه القيم، بدأت عوامل الضعف تسري في جسدها، حتى أتى الانهيار محتومًا. وإذا كنا اليوم نطمح إلى أن نرى أمتنا في مصاف الأمم المتقدمة، وأن نتبوأ مكانتنا اللائقة تحت الشمس، فعلينا أن نعود إلى جوهر البناء الحقيقي، وهو بناء الإنسان القويم الذي يمثل اللبنة الأساسية في صرح الوطن. هذا البناء لا يتم إلا عبر غرس الفضائل التي تُميزه كفرد مسؤول ومؤتمن.

إن البناء الحقيقي يبدأ من الأعماق، من الأخلاق الفاضلة التي تُعد بمثابة الدستور غير المكتوب الذي يحكم تعاملات الأفراد، ويُنظّم شؤون المجتمع. هذه الأخلاق هي السياج الذي يحمي الأمة من التفكك الداخلي، وهي البوصلة التي توجه طاقاتها نحو الإنجاز المشترك. وفي خضم البحث عن سر قوة الأمم التي سبقتنا، نجد أن العوامل المشتركة التي صنعت مجدها هي نفسها العوامل التي يجب أن نتبناها اليوم: الصدق، والأمانة، والإخلاص.

هذه القيم هي الميثاق الذي يجب أن يلتزم به كل مواطن يسعى لرفعة وطنه. وفي المقابل، نجد أن معاول الهدم التي فتكت بالمجتمعات عبر العصور هي ذاتها الصفات المهلكة: الكذب، والخيانة، والنفاق.

إنها معادلة وجود بسيطة وعميقة في آن واحد: البناء في كفة، والدمار في كفة أخرى، وخط الدفاع الأول هو ضمير الفرد الملتزم بالحق والواجب.

عوامل بناء الأمم.. الثالوث الذهبي

إذا أردنا أن نبني أمة قوية، فعلينا أن نغرس فيها هذا الثالوث الذهبي من القيم، والتي تمثل المحاور الأساسية التي تدور حولها حياة الفرد المسلم، ونهضة المجتمع ككل. هذه الصفات ليست مجرد مُثل عليا تُتلى في المنابر، بل هي ممارسات حياتية يومية تُترجم إلى إنجاز وعمل متقن، وهي أساس العبادة والمعاملة في الإسلام.

1- الصدق.. أساس كل فضيلة

الصدق ليس مجرد مطابقة القول للواقع، بل هو مطابقة القول للضمير، والعمل للقول. إنه يعني التزام الشفافية والوضوح في التعامل مع الذات والآخرين، وهو القيمة التي لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم خطوة واحدة دونها.

فالصدق في الأقوال: يبني الثقة العامة بين الناس، وهي رأس مال المجتمع الحقيقي. أما الصدق في النوايا: فهو الذي يوجه الجهود نحو المصلحة العامة والتجرد من الأغراض الشخصية الضيقة.

والصدق في الأعمال: هو الذي يضمن جودة الإنتاج والإتقان، ويجعل المؤسسات تعمل بكفاءة وفاعلية.

الصدق كمحور للعدل والإنصاف:

الصدق هو المحور الذي يدور حوله العدل والإنصاف في المجتمع. فالمجتمع الصادق هو الذي يُعلي قيمة الحقيقة، فيشهد فيه الشاهد بالحق، ويحكم فيه القاضي بالعدل، ويُقوِّم فيه المسؤول الاعوجاج بشجاعة وشفافية.

عندما يسود الصدق، يطمئن الفرد على حقه، ويسود الشعور بالأمان، وهو ما يُعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

على سبيل المثال، المجتمعات التي تنجح في جذب الاستثمار الأجنبي والمحلي هي تلك التي تقوم معاملاتها على الصدق في العقود والشفافية في القوانين؛ لأن الصدق يولد الموثوقية.

مستويات الصدق في حياة المسلم:

يتجسد الصدق في حياة المسلم على ثلاثة مستويات مترابطة:

1- الصدق مع الله: في الإيمان والتوحيد، وفي إخلاص العبادات والنوايا.

2- الصدق مع النفس: في التقييم الذاتي الشجاع والاعتراف بالخطأ، والعمل على تصحيحه بمسؤولية.

3- الصدق مع الناس: في الوفاء بالعهود، وعدم الغش في التعاملات، وإبلاغ المعلومة كما هي دون تضليل أو تحريف.

إن الصدق مع الناس هو الذي يُحوّل الأفراد إلى جماعة متماسكة تستطيع أن تُحقق أهدافًا مشتركة.

  1. الأمانة: عماد البناء

الأمانة هي أوسع وأشمل من مجرد حفظ الودائع المالية. إنها القيام بالحقوق والواجبات على أكمل وجه، وهي تحمل المسؤولية الملقاة على عاتق الفرد تجاه نفسه، وأسرته، ومجتمعه، ووطنه.

كل إنسان في هذه الحياة مؤتمن على دوره ومهامه، سواء كان الدور صغيرًا أو كبيرًا، ونجاح الأمة مرهون بمدى قيام كل فرد بـ أمانة دوره بكفاءة وإخلاص.

الأمانة هي الشعور بأن كل جهد مبذول في العمل هو عبادة وواجب وطني، وأن أي تقصير هو خيانة للدور والعهد.

الأمانة المهنية والمجتمعية: كل فرد في موقعه

الأمانة هي شبكة من العلاقات المتبادلة تُغطي كل مفاصل المجتمع، فكل وظيفة هي أمانة يجب أداؤها بصدق وإتقان:

– الطبيب وأمانة علاج المرضى: أمانة الطبيب لا تقتصر على تشخيص المرض وصرف الدواء، بل تتعداه إلى إخلاص النصح وتقديم العناية الفائقة دون تمييز، سواء كان المريض قادرًا على الدفع أم فقيرًا معوزًا. الأمانة هنا تعني أن يبذل الطبيب قصارى جهده لإنقاذ الأرواح، وأن يطور علمه باستمرار ليقدم أحدث سبل العلاج، ولا يستغل حاجة المريض. الطبيب الأمين هو الذي يضع حياة الإنسان فوق كل اعتبار مادي.

– المزارع وأمانة الأرض والأمن الغذائي: أمانة المزارع تكمن في زرع الأرض وحرثها بجد وإتقان، واستخدام الموارد الطبيعية (كالماء والتربة) بحكمة ومسؤولية للحفاظ على البيئة. الأمانة هنا هي أن يعطي للأرض حقها من العناية، وأن يُدرك أن ما ينتجه هو قوت لأبناء وطنه وجزء من أمنه الغذائي، فيبتعد عن الغش واستخدام المواد الضارة.

– المعلم وأمانة التربية: أمانة المدرس هي الأثقل والأعظم، فهي أمانة تربية الأجيال وصقل العقول والنفوس. المعلم المؤتمن هو الذي يشرح للتلاميذ بصدق وإخلاص، وينقل إليهم العلم والأخلاق والقيم الوطنية، ويهتم بالموهوب والمحتاج على حد سواء، مدركًا أن في يده مستقبل الأمة برمته. دوره يتجاوز تعليم المنهج إلى بناء الشخصية السوية والمنتجة.

– الموظف والمسؤول وأمانة المنصب: أمانة الموظف تكمن في إنجاز المعاملات بعدل وسرعة، وخدمة المواطنين دون محسوبية أو إبطاء. أما المسؤول، فأمانته هي صون المال العام من الهدر والفساد، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وفقًا للكفاءة والورع، واتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة الوطن أولًا وأخيرًا، دون تأثير المصالح الشخصية أو القبلية. المسؤول الأمين هو خادم للشعب وليس سيدًا عليه.

3- الإخلاص: سر القوة والبركة

الإخلاص هو تجريد القصد لله تعالى أو للهدف الأسمى من كل شائبة، وهو أن يكون العمل متقنًا ليس طلبًا للمدح والثناء من الناس أو خوفًا من الذم، بل هو نابع من قناعة داخلية بأن هذا العمل هو واجب تجاه الله والوطن والمجتمع.

الإخلاص هو الوقود الروحي الذي يحوّل الأعمال العادية إلى عبادات ذات قيمة، وهو الذي يمنح الأفراد القدرة على التحمل والمثابرة حتى في أصعب الظروف وأكثرها مشقة.

الإخلاص والإتقان الحضاري:

الإخلاص يُترجم عمليًّا إلى الإتقان، وهو السمة المميزة للحضارات العظيمة. عندما يعمل الفرد بإخلاص، فإنه يبذل أقصى جهده لضمان جودة المنتج أو الخدمة، سواء كان يعمل تحت الرقابة أو بمفرده.

هذا الإتقان يؤدي إلى رفع الكفاءة الإنتاجية للمجتمع ككل، ويجعل منتجات الأمة وخدماتها قادرة على المنافسة عالميًّا.

إن العمل المخلص هو الذي يدوم نفعه وتبقى بركته للأجيال القادمة؛ لأنه بُني على أساس متين من النية الصادقة والجهد المبذول بحب. الإخلاص هو صمام أمان العمل الجماعي، حيث يضمن أن الجميع يعملون لهدف واحد، وليس لتحقيق مكاسب شخصية متضاربة.

الصادق الأمين

إن الصفات الثلاث – الصدق والأمانة والإخلاص – لم تكن مجرد شعارات في تاريخ أمتنا، بل كانت السمات الأساسية التي ارتكز عليها بناء الرسالة المحمدية نفسها، فقبل البعثة، وفي قلب مجتمع جاهلي تُعاني فيه القيم من التدهور، كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معروفًا بين قومه بلقب: “الصادق الأمين”.

لقد كان هذا اللقب، الذي أطلقته عليه قريش قبل أن يُبعث رسولًا، هو شهادة تاريخية على عظمة أخلاقه وتمسكه بالقيم، حتى مع ألد خصومه الذين كانوا يحاربون رسالته لاحقًا، لكنهم لم يختلفوا يومًا على صدقه وأمانته. إن صدقه وأمانته لم يكونا صفة عابرة، بل كانتا رصيدًا عظيمًا من الثقة بُنيت عليه الدعوة بعد ذلك. فكيف يمكن لأمة أن تثق في رسالة سماوية ما لم تثق في رسولها أولًا؟ هذه الأخلاق كانت هي المُقدمة الضرورية لتقبّل الرسالة.

الأمانة والصدق ضرورة لبناء الوطن:

إن تمسك المسلم اليوم بهذه الصفات هو تطبيق عملي لأصل دينه، وشرط أساس لـ بناء وطنه ليصبح هذا الوطن مستحقًا لاسم “البلد الطيب”.

لا يمكن أن يكون المرء مسلمًا بالقول فقط، بينما تتعارض أفعاله مع أمانته وصدقه. قال رسول الله J: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له).

هذا الحديث يضع الأمانة والصدق في مرتبة الإيمان والدين، مما يؤكد أنها ليست مجرد كماليات، بل هي أركان أساسية للسلوك الإسلامي والمواطنة الصالحة. إن بناء الوطن في الإسلام هو عبادة وجهاد، ولا يتم هذا الجهاد إلا بـ سلاح الصدق والأمانة والإخلاص في العمل والتعامل.

نموذج تطبيقي من السيرة:

تتجلى الأمانة النبوية في مواقف عديدة، أبرزها قصة وضع الحجر الأسود، حيث تحاكمت إليه القبائل المتنازعة على شرف وضع الحجر، فكان حُكمه العادل بوضع الحجر في ثوب وتحمل كل قبيلة طرفًا منه، تجسيدًا للأمانة في الحكم والصدق في النية، ومنعًا لفتنة عظيمة.

وحتى عند الهجرة، ترك J الإمام عليًّا كرم الله وجهه ليُرد ودائع قريش التي كانوا قد أودعوها عنده، بالرغم من أنهم صادروا أموال المسلمين وكانوا يطاردونه لقتله؛ في ذلك درس عظيم بأن الأمانة لا تؤخذ منها الحقوق، ولا تسقط حتى مع العدو أو في أشد الظروف.

معاول هدم الأمم.. الثالوث المهلك

في المقابل للقيم البانية، تقف ثلاث صفات مهلكة تعمل عمل المتفجرات الصامتة في جسد الأمة، فتُفككها وتُسقط بنيانها مهما بدا شامخًا: الكذب، والخيانة، والنفاق.

إن خطورة هذه الصفات تكمن في أنها تقتل الثقة، والثقة هي العملة الأثمن في أي مجتمع، وفقدانها يؤدي إلى شلل في التعاون والإنتاج.

1- الكذب: زوال الثقة والشلل المجتمعي

الكذب هو نقيض الصدق، وهو ليس مجرد ذنب فردي، بل هو آفة مجتمعية تهدم جسور الثقة بين الأفراد والمؤسسات.

عندما ينتشر الكذب في التعاملات، سواء كان في التجارة (الغش والتلاعب)، أو في الإعلام (التضليل ونشر الشائعات)، أو في الوعود الرسمية والانتخابية، يصبح المجتمع مهلهلًا لا يستطيع أفراده التعاون أو التخطيط للمستقبل بثقة.

الكذب يُولّد الشك، والشك يُولّد الانقسام والخصام، والانقسام يُفضي إلى الانهيار.

الكذب يُفسد منظومة القيم الأخلاقية، فيصبح الاعتياد عليه سببًا في انتشار الظلم؛ لأن الكاذب لا يتحرج من ظلم الناس أو أكل حقوقهم طالما استطاع التغطية على فعله بكذبة.

الكذب وتأثيره على الاقتصاد والقانون:

في المجال الاقتصادي، الكذب يُفسد التعاملات، ويؤدي إلى انهيار الأسواق بسبب غياب الشفافية. في المجال القانوني والقضائي، الكذب يُفسد العدالة، فعندما يشيع الكذب في الشهادات والدعاوى، يصبح البريء متهمًا والمذنب حرًّا.

هذا يؤدي إلى فقدان الثقة في نظام العدالة بأكمله، وهو ما يهدد استقرار الدولة.

2- الخيانة: اغتيال الأمانة والفساد

الخيانة هي نقيض الأمانة، وهي اغتيال بدم بارد للعقد الاجتماعي الذي يربط أفراد المجتمع بعضهم ببعض. الخيانة تتخذ أشكالًا عديدة، لكن جوهرها هو نقض العهد وتهديد المصلحة العامة لمصلحة شخصية ضيقة أو لجهات خارجية.

سواء كانت خيانة للوطن بالتجسس أو تفويت الفرص التنموية، أو خيانة للوظيفة بالرشوة والإهمال والتزوير، أو خيانة للأسرة بالتخلي عن المسؤولية.

الخيانة هي الوجه الآخر للفساد، وهي دليل على انعدام الضمير وتغليب المصلحة الذاتية على مصلحة الأمة.

الفساد المالي والإداري كخيانة:

إن الفساد المالي والإداري، كاستغلال النفوذ، وأخذ الرشاوى، وتبديد المال العام، هي كلها صور من الخيانة العظمى للأمانة الموكلة. إن المسؤول الذي يقبل الرشوة أو يسهل التلاعب في العقود هو في الحقيقة يخون كل مواطن كان من المفترض أن يستفيد من هذه الأموال أو الخدمات.

الأمة التي تنتشر فيها الخيانة لا تستطيع أن تحمي مواردها، ولا تستطيع أن تضمن حقوق أفرادها، وتصبح عرضة للاستغلال من الخارج؛ لأن الخيانة الداخلية أشد فتكًا من أي عدو خارجي.

3-  النفاق: خطر ينخر المجتمع داخليًّا

النفاق هو أشد العوامل خطورة، فهو نقيض الإخلاص والصدق في آن واحد.

المنافق هو من يُظهر الصلاح والإصلاح والولاء للوطن، بينما يُبطن الشر والفساد والحقد.

خطورة النفاق أنه يعمل على تآكل الأمة من الداخل دون أن تُدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان.

المنافق يندس في الصفوف ويُبدي النصيحة ظاهرًا، ولكنه في السر يعمل على إفساد الجهود وتثبيط العزائم، وبث الشائعات لتمزيق الوحدة. النفاق يمزق الوحدة الوطنية ويُشيع الفتنة؛ لأنه يجعلك غير قادر على التمييز بين الصديق والعدو، وبين الناصح والغاش، فيعيش المجتمع في حالة من اليقظة الكاذبة والخطر المجهول.

النفاق هو محاولة لسرقة الأمانة بحجة الإخلاص.

النفاق الاجتماعي والسياسي:

المنافقون في المجال الاجتماعي هم الذين يظهرون الأخلاق الفاضلة ويخفون سوء التعامل مع الآخرين، مما يفسد القدوة ويربي الأجيال على الازدواجية.

وفي المجال السياسي، المنافقون هم الذين يتقلبون مع كل مصلحة، ويزعمون الوطنية وهم يبيعون مصالح الأمة في الخفاء. هذا يضع حاجزًا أمام تحقيق الإخلاص المشترك، ويجعل كل جهد مخلص محل شبهة وشك.

الخاتمة:

دعوة للعودة للقيم

إن بناء الأوطان ليس مهمة الحكومات وحدها، بل هو مسؤولية كل فرد في هذا المجتمع، من الحاكم إلى المحكوم.

عندما يدرك كل منا أن صدقه هو أمان للمجتمع، وأمانته هي لبنة في صرح الاقتصاد والتنمية، وإخلاصه هو وقود للنهضة والإنتاج، نكون قد بدأنا بالفعل في وضع الأسس الصحيحة التي لا تهتز.

علينا أن نُدرك أن الأمانة التي نطالب بها هي أمانة الدور والوظيفة والكفاءة قبل أن تكون أمانة الأموال.

المعلم الأمين، والموظف المخلص، والطبيب الصادق، والمهندس المتقن، جميعهم يعملون على بناء هذه الأمة.

وعلينا أن نُحارب الكذب والخيانة والنفاق بنفس القوة التي نحارب بها الأخطار الخارجية؛ لأنها أخطار تُصيب القلب والجذور وتُفسد النسيج الاجتماعي والوطني.

هيا نبني أمتنا بالعودة إلى القيم الأصيلة التي بُنيت عليها رسالة نبينا الأعظم، والتي جعلت منه “الصادق الأمين”.

لنكن جميعًا صادقين، أمناء، ومخلصين في نياتنا وأقوالنا وأعمالنا.. لنجعل من هذا الوطن منارة للعدل والتقدم، ونُقدم للأجيال القادمة إرثًا لا يُقدر بثمن: أمة قوية، راسخة، شامخة بأخلاقها وقيمها، لا يُهدم بنيانها بفتنة ولا يُضعفها فساد.

جعلنا الله على أخلاق سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنبني أمتنا وننهض بوطننا، فيفرح بنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

وصلى الله على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى آله وسلم.

 

 

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

مسلسل «الفتنة» ومخطط إشعال الحرب المذهبية بتزييف التاريخ (8)

عرضت الحلقة مشهدًا للقاء الإمام علي ومعاوية في وسط المعركة، وإصرار معاوية على دم سيدنا …