أخبار عاجلة

كلمة قصيرة في الشريعة والقانون

ولا يمكن أن تنهض الأمم أو تتحضر دون وجود قاعدة قانونية أو أخلاقية يرتضيها المجتمع، سواء كانت هذه القاعدة مستمدة من القانون الوضعي أو من الشرع الحنيف أو من الأخلاق العامة، لذا فإن احترام القانون الذي رضيه المجتمع، هو أساس ضروري لنهضة الأمم وعنوان على تحضرها…

السيد علاء أبو العزائم

شيخ الطريقة العزمية

ورئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية

كلمة قصيرة في الشريعة والقانون

في زيارتي الأخيرة لتركيا، رأيت تطبيقًا للشريعة والقانون، ووجدت ثمار ذلك بانتشار الأخلاق في المجتمع القروي الذي عشت فيه لما يقرب الأسبوعين، لم تكن الأخلاق بادية على البشر فقط، بل إنها ظهرت حتى على الحيوانات الأليفة مثل القطط.
ربما يستغرب البعض عن العلاقة بين تطبيق الشريعة والقانون وانتشار الأخلاق، فأقول له: إن احترام القانون هو أحد الأسس التي تقوم عليها المجتمعات المتحضرة، وهو الميثاق الذي حدد سلوك الأفراد وضمن حقوقهم وواجباتهم.
ولا يمكن أن تنهض الأمم أو تتحضر دون وجود قاعدة قانونية أو أخلاقية يرتضيها المجتمع، سواء كانت هذه القاعدة مستمدة من القانون الوضعي أو من الشرع الحنيف أو من الأخلاق العامة، لذا فإن احترام القانون الذي رضيه المجتمع، هو أساس ضروري لنهضة الأمم وعنوان على تحضرها.
والمجتمعات التي تتجاهل احترام القانون غالبًا ما تعاني من الفوضى والاضطراب، حيث يفقد الأفراد ثقتهم في النظام القانوني فتدب الفوضى.
ومتى ابتعدت المجتمعات عن الالتزام بالقوانين والمواثيق التي ارتضتها، ضل سعيها وانهارت آمالها في التقدم والرقي، فالقانون ليس مجرد مجموعة من القواعد بل هو تجسيد لقيم المجتمع.
وإذا نظرنا من المنظور الإسلامي، نجد أن الدين الحنيف وضع قواعد مهمة تتعلق بالالتزام بالقانون واحترام ولي الأمر، فالأحاديث النبوية الشريفة وآيات القرآن الكريم تحث على طاعة ولي الأمر، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ( (النساء: 59)، هذا التأكيد على طاعة ولي الأمر يستند إلى أهمية وجود نظام قانوني منظم يمكن أن يضمن سلامة المجتمع واستقراره.
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن القوانين يجب أن تكون عادلة ومتناسبة مع احتياجات المجتمع، فترهل القوانين وعدم احترامها يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية.
فإذا كانت القوانين غير فعالة أو غير عادلة، فإنها ستفقد ثقة المواطنين، مما يعيق تطبيقها ويزيد من الفوضى، لذا يجب أن تكون القوانين مرنة وقابلة للتغير بما يتناسب مع تطورات المجتمع ومتطلباته.
في الوقت نفسه لا بد من ترسيخ ثقافة احترام القانون ونشر الوعي به بين عامة الناس وخاصتهم؛ لأن المخاطر التي تترتب على عدم احترام القانون تشمل: زيادة الجرائم، وتدهور الأخلاق، وتفكك الروابط الاجتماعية، وفي غياب احترام القوانين يصبح كل فرد في المجتمع عرضة للضرر، حيث تضعف الحماية القانونية وتفقد الحقوق الإنسانية قيمتها.
لذلك، يجب أن يكون هناك وعي بأهمية احترام القانون والالتزام به، فعلى الجميع سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات، إدراك أن النظام القانوني هو درع المجتمع وحاميه.
وعندما يلتزم الجميع بالقانون، وعندما يطبق القانون على الجميع دون استثناء، فإن ذلك يعزز من استقرار المجتمع ويدعم مسيرته نحو التقدم والازدهار.
علينا أن نتناول مسألة الاحترام المفقود للقانون بجدية على المستويات كافة، فبناء مجتمعنا المتحضر يتطلب الالتزام بالقوانين التي تعكس قيمنا، فبقدر ما نلتزم بالقانون، نقترب من تحقيق النهضة والازدهار، ونضمن مستقبلًا آمنا لأجيالنا الجديدة.
كلما كتب كاتب عن الشريعة والقانون، ثار الخلاف القديم المتجدد: هل يجب تطبيق الشريعة؟ أم نكتفي بالقوانين الوضعية في النظم الحديثة؟
للإجابة أقول: إن موضوع التفرقة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي من أكثر القضايا الفكرية والفقهية والقانونية إثارة للنقاش في العالمين العربي والإسلامي.
ذلك أن المجتمع المسلم وجد نفسه، منذ بدايات الاحتكاك بالغرب في القرن التاسع عشر، أمام معادلة صعبة: كيف يمكن التوفيق بين منظومة تشريعية إلهية ذات أبعاد أخلاقية وروحية عميقة مثل الشريعة، وبين منظومة وضعية بشرية ذات طبيعة علمانية في معظم الأحيان مثل القانون؟
هذا السؤال لم يكن مجرد جدل نظري بين الفقهاء والمشرعين، بل تحول إلى قضية سياسية واجتماعية كبرى، أثرت على طبيعة الدولة الحديثة في العالم الإسلامي، وعلى نظمها القضائية والتشريعية.
لذا، فإن دراسة الفرق بين الشريعة والقانون لا تقتصر على الجوانب النظرية، وإنما تمتد إلى تحليل الواقع الاجتماعي والسياسي الذي تشكلت فيه هذه العلاقة.
===============

تعريف الشريعة والقانون

===============

1- تعريف الشريعة:

===============
الشريعة في اللغة مأخوذة من “شرع”، أي سنّ الطريق، وفي الاصطلاح تعني: مجموعة الأحكام التي شرعها الله لتنظيم حياة الناس وتحقيق مصالحهم في الدنيا والآخرة. وتشمل هذه الأحكام مجالات العقيدة، العبادات، المعاملات، الأخلاق، والعقوبات.
وقد أكد علماء المسلمين، مثل الشاطبي في “الموافقات”، أن الشريعة جاءت لتحقيق مقاصد محددة أهمها: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال. وهذه المقاصد تجعل الشريعة نظامًا شاملًا للحياة، يتجاوز مجرد تنظيم السلوك الخارجي إلى بناء الإنسان أخلاقيًّا وروحيًّا.
===============

2- تعريف القانون:

===============
القانون في اللغة يعني القاعدة والميزان. وفي الاصطلاح: مجموعة القواعد الملزمة التي تضعها سلطة مختصة لتنظيم سلوك الأفراد في المجتمع، ويترتب على مخالفتها جزاء مادي دنيوي.
وينقسم القانون عادة إلى فروع متعددة مثل القانون المدني، الجنائي، التجاري، الإداري، والدستوري.
وهو نتاج تطور تاريخي وفكري في المجتمعات البشرية، يتغير بتغير الزمان والمكان.
===============

الفرق بين الشريعة والقانون

===============

1- من حيث المصدر

===============
الشريعة: مصدرها الوحي الإلهي (القرآن والسنة)، وعلوم أئمة أهل البيت، ثم الاجتهاد المبني على أصول ثابتة كالإجماع، وهذا يمنحها قداسة وثباتًا يجعلها فوق أهواء البشر.
القانون: مصدره الإرادة البشرية، سواء من خلال البرلمان أو السلطة الحاكمة، وهو قابل للتغيير بناءً على الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
مثال: حد السرقة في الشريعة مستمد من نص قطعي في القرآن (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) (المائدة: 38)، أما العقوبة على السرقة في القانون الوضعي فقد تكون السجن أو الغرامة، ويتم تعديلها حسب السياسة الجنائية للدولة.
===============

2- من حيث الغاية

===============
الشريعة: تهدف إلى تحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة، فهي لا تكتفي بضبط العلاقات، بل تسعى لبناء إنسان متوازن روحيًّا وأخلاقيًّا.
القانون: يركز على تحقيق النظام الاجتماعي وضبط السلوك الخارجي للأفراد، دون التطرق إلى النوايا أو البواعث الأخلاقية.
مثال: الزكاة في الشريعة فريضة دينية تهدف لتطهير المال والنفس، بينما في القانون قد توجد أنظمة للضرائب تهدف فقط إلى تمويل الدولة.
===============

3- من حيث الشمول

===============
الشريعة: شاملة، تغطي جميع جوانب الحياة: العبادات، والمعاملات، والأسرة، والعقوبات، والأخلاق، وحتى العلاقات الدولية.
القانون: يقتصر عادة على تنظيم العلاقات المادية والاجتماعية (المدنية، الجنائية، السياسية)، ولا يتعرض للعقائد أو العبادات.
===============

4- من حيث الثبات والتغير

===============
الشريعة: تجمع بين الثبات والمرونة، فالأحكام القطعية (مثل الحدود والعبادات) ثابتة، بينما المسائل الاجتهادية قابلة للتطور بتغير الظروف.
القانون: أكثر قابلية للتغيير، إذ يتم تعديله باستمرار وفقًا لاحتياجات المجتمع.
===============

5- من حيث الجزاء

===============
الشريعة: الجزاء فيها دنيوي (كالحدود والتعزيرات) وأخروي (الثواب والعقاب عند الله)، ويجوز لأولياء الدم العفو في حالات القتل.
القانون: جزاؤه دنيوي فقط، كالسجن والغرامة، وحتى لو تنازل أصحاب الحقوق فتبقى العقوبة على الشق المدني.
===============

6- من حيث العلاقة بالأخلاق

===============
الشريعة: ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأخلاق، فالأحكام الشرعية تُبنى على مبادئ العدالة والرحمة والإنصاف.
القانون: قد يستند إلى بعض المبادئ الأخلاقية، لكن في الأساس يهدف إلى تحقيق النظام؛ حتى لو تعارض أحيانًا مع القيم الأخلاقية.
مثال: في بعض القوانين الوضعية، يُسمح بالربا ضمن ضوابط مصرفية، بينما الشريعة تحرمه تحريمًا قاطعًا؛ لأنه يناقض العدالة.
===============

العلاقة بين الشريعة والقانون في التاريخ الإسلامي

===============

1- العهد النبوي والخلافة الراشدة

===============
في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدين، كانت الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع، وكانت الأحكام الشرعية تطبق مباشرة عبر القضاء، ولم يكن هناك قانون وضعي بالمعنى الحديث.
===============

2- الدولة الأموية والعباسية

===============
تطور الفقه الإسلامي وظهرت المذاهب الفقهية، وبدأ القضاة يستعينون بالفقهاء في إصدار الأحكام، وبقيت الشريعة المرجع الأعلى، وإن ظهرت بعض الأعراف الإدارية التي تشبه القوانين الوضعية.
===============

3- العثمانيون

===============
اعتمدت الدولة العثمانية على الشريعة كمصدر أساس للتشريع، لكنها أصدرت أيضًا “القوانين السلطانية” لتنظيم شؤون الإدارة والجيش، مثل “قانون نامة” الذي وضعه السلطان سليمان القانوني.
===============

4- العصر الحديث

===============
مع دخول الاستعمار الأوروبي، فُرضت القوانين الوضعية المستمدة من التشريعات الغربية (خصوصًا الفرنسية) على الدول الإسلامية، مما أدى إلى تراجع دور الشريعة في النظم القضائية.
===============

التداخل بين الشريعة والقانون

===============
رغم الاختلافات، هناك محاولات لدمج الشريعة في القوانين الوضعية، فقد نصّت دساتير عربية كثيرة على أن “الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع”. ويظهر هذا التداخل بشكل خاص في:
– قوانين الأحوال الشخصية (الزواج، الطلاق، الميراث).
– بعض القوانين الجنائية (القصاص، الدية).
– القوانين التجارية (حظر الربا في بعض الدول).
===============

إشكاليات تطبيق الشريعة في الوقت الحاضر

===============

1- إشكالية الثبات والتغير

===============
يتساءل البعض: هل الشريعة صالحة لكل زمان ومكان؟ الجواب: نعم؛ لأنها تجمع بين الثابت (الأحكام القطعية) والمتغير (الاجتهاد).
===============

2- إشكالية المرجعية

===============
هل تكون الشريعة هي المرجع الأعلى، أم القانون الوضعي؟ هذا الجدل ما زال قائمًا في العالم الإسلامي.
لكني أرى أن الله قد حسم ذلك بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (النساء: 59).
فالآية تتحدث عن ضرورة الالتزام بالشريعة الإلهية بقوله تعالى: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)، والالتزام بالقوانين المنظمة: (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ)، وفي حالة الاختلاف بين الاثنين يتم الرجوع للشريعة: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)، والسبب هو ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا؛ لأنه من عند الله وليس من عند البشر.
ولعلكم تسمعون كثيرًا عبارة “روح القانون”، التي يطالب بها البعض في بعض القضايا الشائكة، وروح القانون هنا هي الشريعة، فعندما يعجز القانون عن تحقيق العدالة الكاملة، فإن العودة للشريعة يكون أفضل، فالقانون يحقق المساواة، والشريعة تحقق العدالة.
===============

والفرق بين المساواة والعدالة:

===============
أن المساواة تعني: معاملة جميع الأفراد بالطريقة نفسها دون تمييز، وإعطاؤهم نفس الحقوق والواجبات بغض النظر عن ظروفهم الفردية.
والعدالة تعني: إعطاء كل إنسان ما يستحقه وما يتناسب مع حالته واحتياجاته وجهده، حتى لو أدى ذلك إلى اختلاف المعاملة بين الأفراد.. والشريعة تستطيع تحقيق العدالة، أما عين القانون فقاصرة على المساواة.
والمساواة لا تعنى العدالة دائمًا، فقد يسرق السارق في وقت مجاعة فيجرمه القانون، لكن الشريعة لا، كما فعل الفاروق في عام الرمادة بوقف حد السرقة؛ لأنه تعامل بما يمكن تسميته في وقتها بـ”روح القانون”.
وكذلك في بعض حالات القتل، التي يعفو أهل القتيل عن القاتل فيها، إذا فعلوا ذلك فإن الشريعة تسقط الحد، لكن القانون يعاقبه التزامًا بالشق المدني أو الشق الجنائي في بعض الدول.
===============

3- إشكالية التطبيق

===============
التحدي الأكبر هو كيفية صياغة قوانين عصرية تراعي مقاصد الشريعة دون أن تتعارض مع التطور الحديث في الاقتصاد والسياسة، وهذا لا يتم إلا إذا عادت الأمة إلى مجددها الذي يبعثه الله على رأس كل مائة سنة ليجدد لها أمر دينها، فوقتها لن يقال: إن أحكام الشريعة قديمة ونحتاج إلى قوانين جديدة؛ لأن الإمام المجدد في كل عصر يأتي ومعه آخر تحديث من فهم وتفسير الشريعة ليحل به مشكلات العصر الذي بعث فيه.
========

كلمة أخيرة

========
يتضح مما سبق أن الشريعة والقانون ليسا مجرد منظومتين متوازيتين، بل هما تعبير عن رؤيتين مختلفتين للحياة.
فالشريعة تنطلق من الوحي وتدمج بين الدنيا والآخرة، بينما القانون نتاج العقل البشري ويركز على تنظيم الدنيا.
ومع ذلك، فإن المجتمعات الإسلامية المعاصرة لا تستطيع أن تستغني عن أحدهما، بل تحتاج إلى صياغة مشروع متكامل يدمج بين ثوابت الشريعة ومرونة القانون، بحيث يتحقق العدل والنظام مع الحفاظ على الهوية الإسلامية.
ولا بد أن نربي أولادنا وأحفادنا على احترام الشريعة والقانون والعرف والتقاليد المجتمعية؛ لأن احترامها جميعًا يجعل منهم أشخاصًا ذوي أخلاق فاضلة ومعاملة حسنة.
فتخيل أن تربي ابنك على احترام قواعد المرور ليس فقط لتجنب المخالفات، ولكن لحفظ نفسه وغيره من الحوادث المرورية، وأخبره أن حفظ النفس من مقاصد الشريعة، فإنك بذلك قد حققت مقاصد الشريعة وغايات القانون.
وتخيل أنك ربيته على عدم الزنا؛ لأن ذلك يحميه من الأمراض الجنسية المنقولة، ومن الفضيحة المجتمعية وملاحقة الشرطة، ويجنبه سخط الله الذي حرم الزنا، فهو بذلك احترم القانون والعرف المجتمعي والشريعة الإلهية، فيتغير سلوكه.
كل سلوك مشين إذا عرفنا أولادنا غاية القانون من منعه ومقصد الشريعة من تحريمه، تغيرت سلوكياتهم وبالتالي ستظهر أخلاقهم في المجتمع.
لا تشغلوا بالكم كثيرًا بالذين يتحدثون عن تطبيق القوانين وتطبيق الشريعة، فالأولى أن تسارعوا لتطبقوا الشريعة في نفوسكم وفي تعاملاتكم مع غيركم، ووقتها ستجدون أنفسكم تسيرون مع القانون ولا تخالفونه، فإن غالبية القوانين في المجتمعات الإسلامية ما زالت تستقي أحكامها من الشريعة، وإن لم تطابقها في الحدود.
وظهور الأخلاق في المجتمع هو معيار مهم لاستمرار تطبيق الشريعة والقانون، فهي حلقة دائرية، فتخيل أن يفسد المجتمع ويأتي برلمانه وحكومته من الفاسدين، وقتها سيتم تعديل القوانين لقوانين فاسدة، لذلك فلا بد من الحفاظ على القانون والشريعة بتطبيقهما من أجل عدم التلاعب بهما من قبل الحكومات الفاسدة، أو تجار الدين الذين يخلطون أهواءهم بأحكام دين الله.
في تركيا، وجدت الشباب يقبلون يد كبار السن، دون الالتفات عن حكم ذلك في الدين، أو الأعراف الاجتماعية الحديثة التي تتمحور حول التكبر والغرور، فتأكدت أن الأخلاق هي الضمان الأوحد لاستمرار تطبيق الشريعة وتحقيق غايات القانون.
لقد سافرت كثيرًا طوال حياتي، وتعرفت على شعوب وثقافات عدة، في الدولة العربية والإسلامية والإفريقية والآسيوية والأوروبية، وكلما وجدت شيئًا حسنًا تمنيت أن أرجع إلى بلدي فأراه فيها، فأسأل الله عز وجل أن يجمع في مصر كل ما هو حسن من الأخلاق والمعاملات بين شعبها، وأن تنتشر النهضة والعلم والقوة بين جنباتها، حتى تصبح من كبريات الدول العظمى، إن لم تكن أعظمها بإذن الله وتوفيقه.
وصلى الله على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى آله وسلم.

 

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

مسلسل «الفتنة» ومخطط إشعال الحرب المذهبية بتزييف التاريخ (6)

عرضت الحلقة مشهدًا للقاء الإمام علي ومعاوية في وسط المعركة، وإصرار معاوية على دم سيدنا …