أخبار عاجلة

موضوعات الغلاف

– تعريف الحج وشروطه وآدابه للإمام أبي العزائم

– مناظرة الإمام الرضا عليه السلام لرأس الجالوت

تعريف الحج وشروطه وآدابه

للإمام المجدد السيد محمد ماضي أبي العزائم

الحج: هو القصد. إنَّ الله تعالى نوَّع العبادات من عقيدة وصلاة وصيام وزكاة وحجٍّ، ليطهِّرَ بالعقيدة من الشرك، وبالصلاة من المخالفة، وبالصيام من الشهوة والهوى، وبالزكاة من الحرص البهيمي، وبالحجِّ من اتخاذ الأنداد، حتى يكمُلَ الإنسان الكمال الذي يكون به مع الله تعالى، والله تعالى معه، أو عند الله والله تعالى عنده. ومن لم يوفقْهُ الله للمسارعة للقيام بالحق ولو على نفسه لا يبلغ درجة الكمال الذي به السعادة يوم لا ينفع مال ولا بنون؛ إلا من أتى الله بقلب سليم.

والسالك في طريق الله تعالى متى طُهِّرَ من الشرك بالعقيدة، ومن المخالفة بالصلاة، ومن الهوى الشيطاني بالصيام، ومن الحرص البهيمي بالزكاة، صار توابًّا متطهرًا فأحبَّه الله تعالى، وأشهده بديع جماله، فأفرد الله بالقصد وقصده حجًّا. فالحاجُّ قاصدٌ اللهَ تعالى، موجِّه وجهَهُ إليه ليزورَهُ في بيته، بعد حضوره بعرفةَ المعرفةِ، ومن أفرد ربَّه بالقصد حجًّا رآه في بيته توابًّا رحيمًا، غفورًا كريمًا، قريبًا مجيبًا. وإنَّما يُيَسَّرُ الحجُّ لمن سمعت روحُه دعاءَ الله بدءًا فلبَّت، وسمع بأذنِ قلبِه أذان الخليل عليه السلام بعد سماع أذنِ رأسِه آيات القرآن تتلى، ومن لم يدعُه الله تعالى ويعينُه فهو من الخوالف.

والحجُّ جهادٌ للنفس في الله تعالى، وهو طُهْرَةٌ من الذنوبِ كلِّهَا، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ) ومن استطاع أن يحجَّ وترك الحجَّ من غير عذر شرعي أهلك نفسه، فإن الله تعالى يقول: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران: 97).

والحجُّ هو قصد بيت الله تعالى الحرام، تأديةً لشعائر الله وتعظيمًا لحرماته سبحانه وتعالى، ومن مكَّنه الله تعالى بفضله ونعمته أن يقصدَه ويزورَه في بيته ويقفَ لمناجاته، ولم ينشرحْ صدرُه لذلك وتهاون، فقد قطع ما بينه وبين ربِّه، وفى الخبر: (مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْحَجِّ مَرَضٌ قَاطِعٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ وَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ فَلاَ يُبَالِى مَاتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا)، وقال عمر رضي الله عنه: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَى الأَمْصَارِ بِضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَحُجَّ مِمَّنْ يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلاً. وقال ابن عباس (رضى الله عنهما): مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُزَكِّ وَلَمْ يَحُجَّ سَأَلَ الرَّجْعَةَ إِلَى الدُّنْيَا، وتلا قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّى أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) (المؤمنون: 99- 100).

شُرُوطُ الْحَجِّ:

1- الإسلام

2- البلوغ

3- العقل

4- الحرية

5- الاستطاعة، وهى: الزاد والراحلة وأمن الطريق. وبدل الزَّاد: الحرفة أو الصَّنعة النافعة في الطريق، وبدل الرَّاحلة: القوَّة على المشي، وبدل أمْن الطريق: الرُّفقة التي تدفع عن نفسها.

الْحَجُّ وَآدَابُهُ:

قال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) (البقرة: 197) يعنى أنَّ من نوى الحجَّ في أشهره وهي شوَّال وذو القعدة وبعض ذي الحجة يمتنع عن الرَّفث والفسوق والجدال.

والرفَّث: اسم جامع لكل لغو وخنا وفُجْر من الكلام ومغازلة النساء ومداعبتِهن، والتحدث في شأن الجِمَاع.

والفسوق: جمع فسق، وهو اسم جامع لكل خروج من طاعة، ولكل تعدٍّ لحدٍّ من حدود الله تعالى.

والجِدَال: وصف مبالغ للخصومة والمِرَاء فيما يورث الضَّغائنَ وفيما لا ينفع.

فهذه ثلاثة أسماء جامعة مختصرة، ولهذه المعاني أَمَرَ الله تعالى بتنزيهِ شعائرِهِ ومناسكِهِ منها؛ لأنها مشتملة على الآثام التي تضيِّع أنْفَاسَ الحاجِّ في غير نَفْعٍ، فالله سبحانه وتعالى أمر من قَصَدَ زيارته في بيته أن يتجرَّد من الرفَّث والفسوقِ والجِدَالِ، التي هي أصول الخطايا.

========================

مناظرة الإمام الرضا عليه السلام لرأس الجالوت

في مثل هذا الشهر وُلِدَ الإمَامُ عليٌّ الرِّضَا عليه السلام في مَدِينَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، حيث وُلِدَ يومَ الخَمِيسِ الحَادِي عَشَرَ من ذي القِعْدَةِ سنة 148هجرية، في نَفْسِ السَّنَةِ التي انْتَقَلَ فيهَا جَدُّهُ الإمَامُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ عليه السلام.

وفي عام 200هـ فرض المأمون العباسي على الإمام الرضا قبول منصب ولاية عهد الدولة العباسية، وفي هذه الفترة وحتى قيام المأمون بدس السم للإمام عام 203م ناظر الإمام وحاجج أصحاب الشرائع وأرباب المذاهب الإسلامية.

من جملة هذه المناظرات كان حديث الإمام بأصحاب الشرائع ومن بينهم رأس الجالوت عالم اليهود، ومما جاء فيه:

[الْتَفَتَ الإمَامُ الرِّضَا إلى رَأْسِ الجَالُوتِ عَالِمِ اليَهُودِ فقَالَ لَهُ: (تَسْأَلُنِي أوْ أسْأَلُكَ؟)، قَالَ: بَلْ أسْأَلُكَ، ولَسْتُ أقْبَلُ مِنْكَ حُجَّةً إلَّا مِنَ التَّوْرَاةِ، أو مِنَ الإنْجِيلِ، أوْ مِنْ زَبُورِ دَاوُدَ، أوْ مِنْ صُحُفِ إبْرَاهِيمَ ومُوسَى.

فقَالَ الإمَامُ: (لا تَقْبَلُ مِنِّى حُجَّةً إلَّا بِمَا تَنْطِقُ بِهِ التَّوْرَاةُ علَى لِسَانِ مُوسَى ابنِ عِمْرَانَ، والإنْجِيلُ علَى لِسَانِ عِيسَى ابنِ مَرْيَمَ، والزَّبُورُ علَى لِسَانِ دَاوُدَ).

فقَالَ رَأْسُ الجَالُوتِ: مِنْ أيْنَ تُثْبِتُ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ؟ قالَ الإمَامُ: (شَهِدَ بِنُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وآله وسلم مُوسَى بنُ عِمْرَانَ، وعِيسَى ابنُ مَرْيَمَ، ودَاوُدُ خَلِيفَةُ اللهِ عليهم السلام في الأرْضِ) فقَالَ: اثْبِتْ قَوْلَ مُوسَى بنِ عِمْرَانَ.

قالَ الإمَامُ: (هَلْ تَعْلَمُ يا يَهُودِيُّ أنَّ مُوسَى أوْصَى بَنِي إسْرَائِيلَ فقَالَ لَهُمْ: إنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ نَبِيٌّ هو مِنْ إِخْوَتِكُمْ فِبِهِ فَصَدِّقُوا، ومِنْهُ فَاسْمَعُوا، فهَلْ تَعْلَمُ أنَّ لِبَنِي إسْرَائِيلَ إخْوَةً غَيْرُ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، إنْ كُنْتَ تَعْرِفُ قَرَابَةَ إسْرَائِيلَ مِنْ إسْمَاعِيلَ، والنَّسَبَ الذي بَيْنَهُمَا مِنْ قِبَلِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام؟).

فقَالَ رَأْسُ الجَالُوتِ: هذَا قَوْلُ مُوسَى لَا نَدْفَعُهُ. فقَالَ الإمَامُ: (هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ إِخْوَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ نَبِيٌّ غَيْرُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم؟). قالَ: لَا.

قَالَ الإمَامُ: (أَوَلَيْسَ قَدْ صَحَّ هذَا عِنْدَكُمْ؟!). قالَ: نَعَمْ، ولَكِنِّي أُحِبُّ أنْ تُصَحِّحَهُ لي مِنَ التَّوْرَاةِ. فقالَ لَهُ الإمَامُ: (هَلْ تُنْكِرُ أنَّ التَّوْرَاةَ تَقُولُ لَكُمْ: جَاءَ النُّورُ مِنْ قِبَلِ طُورِ سَيْنَاءَ، وأضَاءَ لَنَا مِنْ جَبَلِ سَاعِيرَ، واسْتَعْلَنَ عَلَيْنَا مِنْ جَبَلِ فَارَانَ؟).

قَالَ رَأْسُ الجَالُوتِ: أعْرِفُ هذهِ الكَلِمَاتِ، ومَا أعْرِفُ تَفْسِيرَهَا. قالَ الإمَامُ: (أنَا أُخْبِرُكَ بِهِ، أمَّا قَوْلُهُ: جَاءَ النُّورُ مِنْ قِبَلِ طُورِ سَيْنَاءَ فَذَلِكَ وَحْيُ اللهِ تَبَارَكَ وتعَالَى، الذي أنْزَلَهُ عَلَي مُوسَى علَى جَبَلِ طُورِ سَيْنَاءَ. وأمَّا قَوْلُهُ: وأضَاءَ لَنَا مِنْ جَبَلِ سَاعِيرَ، فهُوَ الجَبَلُ الذي أوْحَى اللهُ عز وجل إلى عِيسَى ابنِ مَرْيَمَ وهُوَ علَيْهِ. وأمَّا قَوْلُهُ: واسْتَعْلَنَ علَيْنَا مِنْ جَبَلِ فَارَانَ، فذَلِكَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ بَيْنَهُ وبَيْنَهَا يَوْمٌ. وقالَ شَعْيَا النَّبِيُّ فِيمَا تَقُولُ أنْتَ وأصْحَابُكَ في التَّوْرَاةِ: رَأَيْتُ رَاكِبَيْنِ أضَاءَ لَهُمَا الأرْضُ، أحَدَهُمَا: رَاكِبٌ علَى حِمَارٍ. والآخَرَ: علَى جَمَلٍ، فمَنْ رَاكِبُ الحِمَارِ، ومَنْ رَاكِبُ الجَمَلِ؟!).

قالَ رَأْسُ الجَالُوتِ: لَا أعْرِفُهُمَا، فخَبِّرْنِي بِهِمَا. قالَ: (أمَّا رَاكِبُ الحِمَارِ فعِيسَى ابنُ مَرْيَمَ، وأمَّا رَاكِبُ الجَمَلِ فمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلم، أتُنْكِرُ هذَا مِنَ التَّوْرَاةِ؟) قَالَ: لَا مَا أُنْكِرُهُ].

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

مسلسل «الفتنة» ومخطط إشعال الحرب المذهبية بتزييف التاريخ (1)

إن العمل برمته يهدف لتلميع نموذج معاوية ابن أبي سفيان، وعرضه كقدوة أمام المسلمين؛ حتى …