أخبار عاجلة

موضوعات الغلاف

– الغاية من البعثة المحمدية للإمام علي

– الإصلاح والسلام بالإسلام للإمام أبي العزائم

من خطب الإمام علي عليه السلام:

الغاية من البعثة المحمدية

بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا (صلى الله عليه وآله وسلم) بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِهِ، وَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِهِ، بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ وَأَحْكَمَهُ، لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوه،ُ وَلِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ، وَلِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ، فَتَجَلَّى لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِهِ، وَخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ بِالْمَثُلَاتِ، وَاحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ.

وَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْ‏ءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ وَلَا أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَلَا أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، وَلَا أَنْفَقَ مِنْهُ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلَا فِي الْبِلَادِ شَيْ‏ءٌ أَنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَلَا أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْكَرِ، فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ حَمَلَتُهُ، وَتَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ، فَالْكِتَابُ يَوْمَئِذٍ وَأَهْلُهُ طَرِيدَانِ مَنْفِيَّانِ، وَصَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ لَا يُؤْوِيهِمَا مُؤْوٍ، فَالْكِتَابُ وَأَهْلُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي النَّاسِ وَلَيْسَا فِيهِمْ، وَمَعَهُمْ وَلَيْسَا مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ الضَّلَالَةَ لَا تُوَافِقُ الْهُدَى وَإِنِ اجْتَمَعَا، فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ وَافْتَرَقُوا عَلَى الْجَمَاعَةِ، كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ وَلَيْسَ الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْهُ إِلَّا اسْمُهُ، وَلَا يَعْرِفُونَ إِلَّا خَطَّهُ وَزَبْرَهُ، وَمِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحِينَ كُلَّ مُثْلَةٍ، وَسَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اللَّهِ فِرْيَةً، وَجَعَلُوا فِي الْحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السَّيِّئَةِ، وَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِطُولِ آمَالِهِمْ وَتَغَيُّبِ آجَالِهِمْ؛ حَتَّى نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ الَّذِي تُرَدُّ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ، وَتُرْفَعُ عَنْهُ التَّوْبَةُ، وَتَحُلُّ مَعَهُ الْقَارِعَةُ وَالنِّقْمَة.

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنِ اسْتَنْصَحَ اللَّهَ وُفِّقَ، وَمَنِ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلًا هُدِيَ لِلَّتِي هِيَ أَقُومُ، فَإِنَّ جَارَ اللَّهِ آمِنٌ وَعَدُوَّهُ خَائِفٌ، وَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّهِ أَنْ يَتَعَظَّمَ، فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَهُ، وَسَلَامَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُهُ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ، فَلَا تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِيحِ مِنَ الْأَجْرَبِ وَالْبَارِئِ مِنْ ذِي السَّقَمِ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ؛ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ، وَلَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ؛ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ وَلَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ؛ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ، فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ، فَإِنَّهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَمَوْتُ الْجَهْلِ، هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ، وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ، لَا يُخَالِفُونَ الدِّينَ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ.

============

الإصلاح والسلام بالإسلام

للإمام المجدد السيد محمد ماضي أبي العزائم

لا يمكن أن يفوز المجتمع الإنساني بأسره بالسعادة التي ينشدها أهل العقل الكامل، والتي يعيش بها الإنسان أخًا للإنسان، يؤثر كل فرد من أفراد نوعه بالسعادات والخيرات التي بها نعيم الحياة في الدنيا والخلود في النعيم الأبدي يوم القيامة إلا بالإسلام. ومن جهل شيئًا عاداه. أيها الحاكم على الإسلام، الجاهل بأصوله وتعاليمه ومبادئه العالية، إليك نبذة صغيرة تستنتج منها أن السلام للإنسان لا يتحقق إلا بالإسلام.

جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فظهر بين جاهلية عمياء صماء يأكلهم الناس ولا يأكلون، كأنهم وحوش كاسرة في غابة يقتل القوي منها الضعيف. سيوفهم مسلولة ولكن على أعناقهم، ورماحهم مفوقة ولكن في صدورهم. يقتل الرجل أباه لينكح زوجاته، ويقتل أخاه جهرًا ليسلب ماله، لا دين يؤلف بين قلوبهم، ولا علم يزكي نفوسهم. يقتل الرجل ابنته صبرًا  في التراب. إذا عدا عليهم عدو من سوى أنفسهم فرُّوا أمامه إلى قمم الجبال والغابات، وإذا خاصمهم أحد من بني قومهم سفكوا الدماء أنهارًا.

انظر إلى حالتهم التي انتقلوا إليها، قام صلى الله عليه وآله وسلم  يتيمًا لا أم له ولا أب، متوجهًا بكليته من صغره إلى جانب الحق؛ حتى شهر بينهم بأنه الصادق الأمين، فلما فاجأه الوحي وقام عليه الصلاة والسلام إلى الله تعالى داعيًا لاقى في سبيل دعوته مالا تتحمله الجبال، فصبر ورضى، فما مضت أعوام تعد على الأصابع إلا وقد انتقل هؤلاء الشياطين أو الوحوش الكاسرة إلى مقام دونه الملائكة. وكيف لا؟ وقد كان الرجل منهم يبذل النفس والنفيس إعلاء لكلمة الله، وغيرة للحق على الباطل. كره الواحد منهم أن يرى غير الله معبودًا على الأرض، فكان الصحابي بمفرده كأنه نبي مرسل من قبل الله، يدخل المدينة الكافرة أو المضلَّة أو المبدِّلة كمدينة المجوس أو مدن النصارى واليهود، فلا يراه أحد على حالة من أحواله وله عقل يعقل به إلا اهتدى وأسلم. ولا سمع أحد كلامه وله أدنى فكر يفكر به إلا دان بدينه. ولا أدل على ذلك من تاريخ أمير المؤمنين عمر ثاني الخلفاء، فإن الصحابة في زمنه أبى عليهم إيمانهم إلا أن يستأصلوا كل مدعى الألوهية في الأرض، فكم أذلوا عروشًا تعبد من دون الله، وكم محوا كفرًا وضلالاً وظلمًا وطغيانًا؛ حتى لم يبق على ظهر الأرض إلا من تلقى من هذا الرسول الكريم، وقام من أسلموا على أيديهم بما هو أشبه بقيامهم رضوان الله عليهم فملأوا الأرض نورًا وعدلاً، ومحوا منها جورًا وظلمًا.

يقول الأعداء: الدين دين السيف. وكذبوا، فالدين دين الرحمة والحكمة. وإلا فها هي أوربا قد ملكت على الناس أجواءهم وأرجاءهم وبحارهم بالطيارات والغواصات والدبابات والبواخر قرنًا كاملاً تقريبًا، فهل سمعت أن مجوسيًّا أو غيره من أهل الجهالة؛ حتى في أواسط إفريقيا،- فضلاً عن مسلم – ترك دينه من أجل تلك القوة؟. كذب والله الأعداء… ولكن القلوب وعت ما جاء به صلى الله عليه وآله وسلم، فكان نور الإسلام يسبق نور الكلام، فيمتلئ القلب نورًا ويسارع الواحد منهم لدخول الدين كما يسارع الظمآن إلى الماء البارد في حرارة الشمس… يجهل أعداء الإسلام أن الإنسان مكوَّن من حسٍّ وجسم ونفس، فقهرهم الحس على أن يقفوا عنده، ونظروا إلى الجسم فقاموا لخدمته بما سخره الله لهم، وأهملوا أنفسهم فكانوا أضل من البهائم السائمة التي لا حظَّ لها إلا خدمة أجسامها.

أهمل الإنسان تربية نفسه والقيام لها بما يغذوها مما جاء به الأنبياء صلوات الله عليهم، فقوى هذا الحس بما يرونه حولهم من المحسوسات، فاعتقدوا – لإهمالهم تزكية نفوسهم – أن المادة هي الفاعلة المختارة، وأن لا مؤثر ولا مبدع لها، وأنهم إنما خلقوا ليقهر كل منهم غيره، ويسلب منه السعادة لنفسه، أو يقهره ليستعبد به غيره، وهذا مذهب من هو أقل من البهائم؛ لأن البهيمة لا تستنصر بغيرها إلا على الخير، كالطيور والنمل والنحل التي تسعى لنيل الخير لنفسها، ولا تحب أذية غيرها. ولكن هذا الإنسان الذي هو أقل من البهائم يقهر غيره ليقهر الآخرين أو يستعبدهم.

ولك أيها القارئ أن تنظر إلى المستعمرين وإلى دعواهم الكاذبة في تحرير الرقيق والرفق بالحيوان، ودخولهم الشرق بطرق الاحتيال، فلما دخلوا فيه دمروا المدن العامرة، وأبادوا النفوس الآمنة بالدبابات والطيارات والمدافع، وظنوا أن أهل الشرق أحجار لا تحس بعملهم.. أسسوا هذا الملك على قهر العباد، وإهلاك الأمم، والانتصار بالشرق على الشرق، بل استعمال أمم الشرق في محاربة الغرب للغرب، كما استنصر الفرنسيون على ألمانيا بالمغاربة، والإنجليز على تركيا بالهنود والمصريين والعرب، كما استنصرت إيطاليا بجنود أرتريا على طرابلس…. هذا هو الظلم الذي لم يعهده العالم الإنساني في حروب الفراعنة مع غيرهم من دول الغرب والشرق، ولا في حروب الروم مع العجم، ولا في حروب إسكندر المقدوني مع دول الشرق، فإنهم لم يكونوا يخدعوا الأمم، ولم يتظاهروا بالرفق والرحمة، وإن كان (أرسطو) سَنَّ لهم سُنَّةً سَيئة عندما كتب إلى الإسكندر يقول له: (فَرِّقْ تَسُدْ) فبرعوا في هذه القاعدة، وقهروا الشرق بالتفنن فيها، ولا يزالون يقهرون الأمم ليقهروا بها غيرها، فإمَّا أن يُبيدوها وإمَّا أن يستعبدوها. هذه هي مدنية القرن العشرين وتلك الحقائق التي لا مراء فيها يشهد بها كل فرد من أفراد الأمم التي استعبدها وحوش الاستعمار.

أجلاهم الله عن بلاد الشرق، وأراح أهل الشرق منهم جميعًا، وأعاد له أيامه التي كان الغرب فيها أدنى من البهائم السائمة في القرون الوسطى وفي القرون الأخيرة، حيث كانوا يعبدون البابا ويعيشون عيشة العجماوات في الصحارى؛ حتى أشرق عليهم الإسلام فقبلوا منه الصناعات والحرية والاستقلال، وأبوا التوحيد والإيمان والعدل والمساواة… والله سبحانه لا يرضى بالظلم نسبة لنفسه وهو القاهر لكل شيء، فكيف يرضى به من عباده على عباده؟ !.

وسيغير الله سبحانه وتعالى كل مُلْكٍ أُسِّس على الحديد والنار والخديعة والكيد قريبًا إن شاء الله، ويأتي أممَ الظلم والطغيان العذابُ من حيث لا يعلمون.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

عودة الإخوان.. احذروا خدعة الماكرين في ثياب التائبين (4)

كان النظام الإخواني طوال فترة حكمه فى غيبوبة، لا يسمع صوت شعبه إلا من خلال …