في أجواء الحرب الدائرة رحاها علي الأرض الأوكرانية بين روسيا وحلف الناتو منذ يوم 24/2/2022م .. طفت على سطحها تعابير التطرف والعنف الدامي الذي التصق هناك بجماعة أزوف اليمينية المتطرفة، وبعد أيام من دعوة الرئيس الأوكراني يوم 27/4/2022م لإنشاء (الفيلق الدولي لمقاتلة الروس) وفتح باب التطوع من كل الجنسيات للانضمام إليه..
الدكتور رفعت سيد أحمد
في أجواء الحرب الدائرة رحاها علي الأرض الأوكرانية بين روسيا وحلف الناتو منذ يوم 24/2/2022م .. طفت على سطحها تعابير التطرف والعنف الدامي الذي التصق هناك بجماعة أزوف اليمينية المتطرفة، وبعد أيام من دعوة الرئيس الأوكراني يوم 27/4/2022م لإنشاء (الفيلق الدولي لمقاتلة الروس) وفتح باب التطوع من كل الجنسيات للانضمام إليه، سرعان ما استجاب تنظيم داعش وأرسل مقاتليه، والذين يتردد أنهم وصلوا إلى قرابة الخمسة آلاف مقاتِل، وانتشروا داخل أوكرانيا وفي مناطق محيطة بها مثل القرم، التي أعلن الأمن الروسي يوم 25/4/2022م أنه قد أحبط عملية إرهابية لهذا التنظيم (داعش) ضد البنية التحتية للنقل في إقليم ستافرويل بالقرم واعتقال الدواعش المتورطين.
وفي الوقت نفسه أعلن الروس أنهم رغم إحباطهم لعشرات الأعمال الحربية لكتيبة أزوف داخل أوكرانيا وتحديدًا في مصنع أزوفستال بمدينة ماريوبول، والذي كان مقرًّا رئيسيًّا لكتيبة (أزوف)، إلا أن جماعة أزوف لا تزال تنشط وتؤثر وتضرب بقوة، وبدأت تنسق مع الجماعات النازية الجديدة والإسرائيلية القادمة إلى أوكرانيا ومع تنظيم داعش المنضم حديثًا إلى (الفيلق الدولي).
ورغم تباعد الشقة بين أفكار كل هذا الخليط من المتطرفين من الناحية النظرية؛ إلا أنهم التقوا في أوكرانيا ضد الروس.
ترى ما هي طبيعة وتاريخ تلك القوي هذا أولًا، وثانيًا: ما هي القواسم المشتركة الفكرية والسياسية التي جمعت بينهم.. في هذه الدراسة نحاول أن نجيب.
أولًا: في الحديث عن النشأة لتنظيمات الغلو والتطرف العاملة الآن في أوكرانيا ضد الروس يحدثنا التاريخ أن أولها وهو تنظيم داعش، والذي جاء لخدمة الأمريكي وحلف الناتو مرحليًّا، ثم الاستيطان والبقاء وتكوين بؤرة انطلاق نحو أوربا إستراتيجيًّا …تقول نشأته الأولى أن الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروفة اختصارًا بـ (داعش) والتي تسمي نفسها الآن الدولة الإسلامية فقط هو تنظيم مسلح إرهابي يتبنى الفكر السلفي الجهادي يهدف أعضاؤه – حسب اعتقادهم – إلى إعادة “الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة”، كان قبل القضاء على أغلب أعضائه ينتشر في العراق وسوريا وسيناء وبلاد المغرب العربي وليبيا. الزعيم المؤسس لهذا التنظيم أبو بكر البغدادي. هذا وزعمت الأدبيات الأولى بداعش أن هدفها هو إقامة الخلافة في المناطق ذات الأغلبية السُّنِّيَّةِ في العراق. وبعد مشاركته في الحرب الأهلية السورية، توسع هدفه ليشمل السيطرة على المناطق ذات الأغلبية السُّنِّيَّةِ في سوريا. وقد أعلن اسم التنظيم وقيام خلافته الوهمية يوم 29 يونيو عام 2014م، وأصبح أبو بكر البغدادي، والذي قُتل لاحقًا.
التاريخ يحدثنا أيضًا أن داعش بدأ يتكون في العراق في 15 تشرين الأول / أكتوبر 2006م إثر اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة ضمن معاهدة (حلف المطيبين) – كما أسموها – وتم اختيار “أبي عمر البغدادي” زعيمًا له، وبعدها تبنت العديد من العمليات النوعية داخل العراق آنذاك، وبعد مقتل أبي عمر البغدادي في يوم الاثنين 19/4/2010م أصبح أبو بكر البغدادي زعيمًا لهذا التنظيم، وشهد عهد أبي بكر توسعًا في العمليات النوعية المتزامنة (كعملية البنك المركزي، ووزارة العدل، واقتحام سجني أبو غريب والحوت)، وخلال الأحداث الإرهابية في سوريا والتي سميت زيفًا بالثورة منذ 2011م في سوريا واقتتال الجماعات المسلحة من المرتزقة الذين يسمون زيفًا بـ (الثوار) وعصابات الجيش الحر مع القوات الحكومية السورية، تم تشكيل جبهة النصرة لأهل الشام أواخر سنة 2011م، وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح في غضون أشهر من أبرز القوى المقاتلة في سوريا، وفي 9/4/2013م وبرسالة صوتية بُثت عن طريق شبكة شموخ الإسلام – التابعة لها -، أعلن من خلالها أبو بكر البغدادي دمج فرع تنظيم القاعدة في سوريا (جبهة النصرة) مع دولة العراق الإسلامية تحت مسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام، ولكنه هزم تمامًا بفضل قوة الجيش والدولة السورية وحلفائهم.
يحدثنا التاريخ أيضًا أن داعش قد انبثقت من تنظيم القاعدة (قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين) والمعروفة أكثر باسم تنظيم القاعدة في العراق، وهي التي شكلها أبو مصعب الزرقاوي في عام 2004م، وقيل: إنها كانت تتمتع بحضور قوي في المحافظات العراقية من الأنبار، ونينوى، وفي محافظة كركوك، وأكثر تواجدًا في صلاح الدين، وأجزاء من بابل، وديالى، وبغداد، وقيل: إن بعقوبة صارت عاصمة لها لاحقًا قبل هزيمة التنظيم.
كان لداعش صلات وثيقة مع تنظيم القاعدة؛ حتى فبراير عام 2014م، حيث إنه بعد صراع على السلطة استمر لمدة ثمانية أشهر، قطع تنظيم القاعدة كل العلاقات مع جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام، بعد تناقض وتنافس الزعامات!!.
في يونيو عام 2014م، كان تنظيم داعش لديه على الأقل 4.000 من المقاتلين في صفوفه في العراق، الذين، بالإضافة إلى الهجمات على أهداف حكومية وعسكرية، فقد أعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجمات التي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين. في أغسطس عام 2014م، ادعى المرصد السوري لحقوق الإنسان أن التنظيم قد زادت قوته إلى 50.000 مقاتل في سوريا و30.000 في العراق.
لاحقًا وكما هو معلوم هزم هذا التنظيم الإرهابي وتقلص وجوده ليقتصر علي بعض المناطق في شمال سوريا (إدلب) وعلى الحدود مع العراق، ثم هو الآن (عام 2022م) يتجه إلى أوكرانيا للقتال وتأسيس ركائز جديدة للانطلاق نحو أوربا.