أخبار عاجلة

هذا ديننا وحال أمتنا (5)

عرضنا فيما مضى المحاور الرئيسة التي يُهاجم بها محاربو الإسلام المعاصرون من داخل الأمة وخارجها – الدين الإسلامي، والتي كانت: موقف الإسلام من المرأة، وموقفه من الحرب، وموقفه من الرِّقِّ والعبودية، ومواقفه من خصوصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبذلك نكون قد تحدثنا عن القسم الأول من هذه المقالات (هذا ديننا)، والآن ننتقل إلى القسم الثاني وهو: (حال أمتنا)…

السيد علاء أبو العزائم

شيخ الطريقة العزمية

ورئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية

في هذا القسم نعرض واقع أمتنا المعاصر بتجرد تام، ثم نعرض وسائل إعادة مجد هذه الأمة، وإعادة المسلمين للطريق الذي أراده الله تعالى ونفَّذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووجَّه إليه أئمة أهل البيت عليهم السلام.

حال أمتنا

في الحقيقة إن عرض واقع الأمة الإسلامية يسبب الشعور بالألم والحزن، فالأمة التي قال عنها المولى : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) (آل عمران: 110)، تخلَّت عن خيريتها وأصبحت في مؤخرة ركب الأمم، أصبحت منقادة وعالة عليها، تعتمد على عدوها في أكلها وشربها ودوائها وسلاحها، وتستجدي العطف والمعونة ممن يكيدون لها كيدًا، وأصبح شبابها يسيرون خلف الفتن التي سهلها عليهم العصر الرقمي؛ حتى أصبحت الحياة اليومية في هذا العصر مشوبة بالفتن، وتحقق قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يَأْتي علَى النَّاسِ زَمانٌ لا يُبالِي المَرْءُ ما أخَذَ منه؛ أمِنَ الحَلالِ أمْ مِنَ الحَرامِ) [صحيح البخاري ح2059].

الحرام هنا ليس المأكل والمشرب والملبس فقط، الذي تسد به حاجات الجسم، وإنما الحرام بمفهومه الأوسع: تلقي الأفكار الحرام التي تغذي العقل، وتتبع الخطوات الحرام التي تفسد الروح، والسير في أي اتجاه لا يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فهو حرام، بل إن تلقي الدين من غير أهله يكون أيضًا من باب الأخذ من الحرام.

لكي يكون وصفنا لواقع الأمة دقيقًا، علينا أن نصفها وصفًا صحيحًا في جانبي: الدين والدنيا، لنعرض كيف تخلَّفت عن دينها، وكيف أدى هذا التخلف إلى تخلفها عن ركب سلفها الصالح.

وللعلم فإن عودة مجد الأمة لا بد أن يكون عبر تصحيح الأخطاء التي اعترت الأمة في ارتباطها بدينها، وفي تخلفها عن تطوير أمور دنياها؛ حتى سبقتها الأمم جميعًا، وأصبحت عالة بحيث إن اختفت في لحظة من على وجه الأرض ما تأثر العالم باختفائها، أو بمصطلح أدق وأكثر قسوة: ما شعر العالم بها؛ لأنها أمة ميتة تأخر دفنها.

واقع أمتنا الديني

أولاً: في جانب العقيدة:

العقيدة تقسم إلى ثلاثة أقسام: العقيدة في الله، العقيدة في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، العقيدة في الوارث المحمدي، وذلك وفق منهج الإمام أبي العزائم، القائل: (الرَّوَابِطُ ثَلَاثٌ: رَابِطَةُ الْمُرْشِدِ: وَهِيَ التَّرْبِيَةُ وَالسُّلُوكُ، وَرَابِطَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: وَهِيَ وُصُولٌ وَشُهُودٌ، وَرَابِطَةُ اللَّهِ تَعَالَىٰ: وَهِيَ تَمْكِينٌ وَتَحْقِيقٌ).

أما الله، فيكثر في هذا العصر شكره في السراء، وجحده في الضراء، والكفر بنعمته، واليأس من روحه، وعدم أخذ شريعته كاملة بالقبول والتسليم، بل ينتقي البعض منها ما يوافق هواه ويترك ما يخالفه.

وأما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فيدَّعون محبته قولًا وليس فعلًا، أو يدعون محبته مع محاربة أهل بيته، وعدم الامتثال لكل أوامره ونواهيه، والكذب على حضرته، وتأويل أحاديثه وأوامره وفقًا للهوى.

وأما إمام أهل البيت، فينكر الكثير وجوب اتباع الإمام الوارث أو خلفائه في كل عصر.

لقد أصبح الناس يأخذون دينهم من غير أئمة أهل البيت، وقد حذر الإمام أبو العزائم أهل الزمان بقوله: (لَا تَكُنْ بِكُلِّكَ إِلَّا لِنَبِيٍّ، أَوْ وَارِثِ نَبِيٍّ)؛ لأن النجاة من الفتن الدينية والدنيوية مع إمام أهل البيت عليهم السلام.

ثانيًا: في جانب العبادات:

العبادة ليست مجرد تأدية ما أمر الله ظاهرًا فقط، بل إن تأدية العبادة يستوجب ضرورة الحصول على ثمرتها؛ لأن الله – كما أوضح الإمام أبو العزائم-: (نَوَّعَ الْقُرُبَاتِ؛ لِنَيْلِ الدَّرَجَاتِ، وَشَرَّعَ الشَّرَائِعَ؛ لِتَطْهِيرِ الطَّبَائِعِ)، وهذا يعني أن ثمرة كل العبادات هي الأخلاق.

في هذا الزمان، يؤدي أغلب الناس الصلاة من باب العادة، ويسرعون ولا يخشعون فيها، ولا يتأثرون بها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له).

وأما الصيام، فيصومون عن الأكل والشرب، ولا يصومون عن الأخلاق والمعاملات السيئة؛ لذلك قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).

وأما الزكاة، فلا يؤدونها، أو يخفضون نسبتها، أو يعطونها رياء، أو يعطونها لغير أهلها المأمورين بجبايتها، ويبددون أموالها دون استفادة الأمة بها.

وأما الحج، فلا يؤدون الفريضة مع الاستطاعة، أو يؤدونها بشكل مبالغ فيه من خلال الذهاب لأدائها سنويًّا رياء، مع تأدية الشعائر دون فهم حكمتها، والتوبة في الحج ثم العودة للمعاصي.

ثالثًا: في جانب الأخلاق:

نحن في زمان اختفت الأخلاق فيه، إلا ما ندر، وأصبحت أخلاق الناس فيه أحط من أخلاق أهل الجاهلية الأولى.

لقد عُرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل الإسلام بأنه الصادق الأمين، والصدق والأمانة هما أساس الصفات الخلقية، التي يبنى عليهما كل ما هو أعلى منهما، ولا يكون المسلم مسلمًا إلا إذا تحلى بالصدق والأمانة.. فأين الصدق الآن ؟ وأين الأمانة؟ لقد تحققت آيات المنافق التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كثير من المسلمين.

لقد تركوا التخلق بأخلاق الإسلام، وقلبوا الأخلاق لأضدادها، فترى الشجاعة تسمى تهورًا، والجبن والبخل يسميان حكمة وحرصًا، والخجل يسمى ضعفًا، والنصب يسمى “شطارة”.. إلخ.

وبالطبع في هذا الزمان يفضل أن يتأخر الحديث عن مكارم الأخلاق التي قال عنها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)؛ لأنه إذا اختفت أخلاق الإسلام وأخلاق ما قبل الإسلام، فإن الحديث عن مكارم الأخلاق لا يكون مناسبًا.

رابعًا: في جانب المعاملات:

في زماننا، أصبح الناس لا يراعون حقوق الله ولا حقوق غيرهم، وأصبح معظمهم يطالب بحقه، ولا يؤدي واجبه؛ لذلك اختل ميزان المعاملات الإنسانية في أكثر أحوالها، وبدأ المجتمع في التفكك.

واقع أمتنا الدنيوي

أولاً: في الجانب السياسي:

أصبحت أمتنا تائهة في التيارات السياسية الوافدة عليها من الغرب، والتي لا يناسب أكثرها طبيعة مجتمعاتنا وديننا.

وأضحى شبابنا أسرى لمفاهيم وافدة عليهم من الغرب مثل: الديمقراطية، حرية الإنسان، حرية المرأة، الحرية الجنسية، العولمة، وغيرها من الجوانب التي فتتت المجتمع الإسلامي، وعددت ولاءاته، وزادت معاركه الهامشية.

كثر في عصرنا الأحزاب السياسية الكارتونية التي تتصارع فيما بينها للوصول للسلطة دون خطط أو رؤية، فلقد أصبح الكرسي غاية الجميع، وليس لدى أي منهم حل لأي أزمة.

تقوم ثورات، وتخرج مظاهرات، وتسبك مؤامرات، وتخطط انقلابات، وأصبح العالم الإسلامي سياسيًّا غير مستقر، ويغذي الغرب هذه الصراعات، ويتحكم في استقرار أمتنا، وإذا ما أراد في وقت ما إسقاط بعض الأنظمة أسقطها.

وأما الذين يريدون الحفاظ على مواقعهم في قيادة الدولة، فإن عليهم دفع الجزية للمستعمر الغربي، الذي استعمرهم فكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا ولم يرسل أيًّا من جنوده، بل أقام جنودًا له من الطابور الخامس الموجود في كل دولة إسلامية، يضغطون على الحكام المسلمين؛ حتى يصل أحدهم لحكم الدولة.

ثانيًا: في الجانب الاقتصادي:

أصبحت أمتنا عالة على الأمم، تستورد غذاءها ودواءها وسلاحها من كل أصقاع الأرض؛ حتى من أعدائها.

أصبحت الأمة ضعيفة جدًّا في هذا الجانب؛ حتى إن هناك دولًا إسلامية لا تصنع حتى القلم الذي تكتب به، وتستورد كل شيء من الخارج، والبعض الآخر يصنع أشياء بسيطة، وهناك من يصارعون لخلق مكانة صناعية لهم، لكن المؤامرات الدولية أكبر من قدرتهم على المواجهة.

ثالثًا: في الجانب العسكري:

أغلب جيوش المسلمين ضعيفة، تستورد أسلحتها ومعداتها العسكرية من الخارج، وبعضها يستورد؛ حتى الذخائر التي يعبئ بها أسلحته.

وهناك دول اشترت أسلحة من أعدائها لكنها لم تستطع إدارتها، فتركتها عند أعدائها لاستخدامها عند الحاجة، ولا أدري كيف وصل بهم العقل إلى هذا التفكير.

وهناك دول إسلامية قوية عسكريًّا لكن الغرب يعاقبها من وقت لأخر؛ حتى يوهن قوتها العسكرية، فإما يمنع عنها توريد الأسلحة أو المواد الخام المطلوبة، أو يقايضها على قطع الغيار.

والجيوش الإسلامية القوية، غالبًا ما يصنع الغرب عصابات مسلحة في بلدانها لاستنزافها وتدميرها، مثلما حدث مع الجيش السوري، أو يساعد الخونة للوصول لمناصب عليا في الجيوش ويسلمون البلدان والأسلحة للإرهابيين كما حدث في العراق واليمن وليبيا.

وأما الجيش الإسلامي الأقوى حاليًا، وهو الجيش المصري، فيتآمر عليه الجميع، داخليًّا من الطابور الخامس، وإقليميًّا من الحاقدين على مصر والراغبين في تركيعها، وعالميًّا من النظام العالمي الذي يريد كسر إرادة الشعوب لصالح القيادة العالمية الدَّجَّالية.

حفظ الله جيوش المسلمين جميعها من كل متآمر أو متخاذل.

رابعًا: في الجانب الثقافي:

في عصر العولمة وتسليع الأفكار والثقافة، أصبحت الأفكار والمعتقدات والعادات والتقاليد سلعة، ولأننا أمة أدمنت الاستيراد لا الإنتاج، استوردنا كافة الأفكار والثقافات والتقاليد والعادات والمعتقدات من الغرب ومن أعدائنا.

ولأننا أمة مدبرة تعشق التوفير، فقد انجذبنا أكثر إلى السلع الثقافية الرخيصة، فانتشرت عندنا ثقافة الحرية الجنسية، والعري، والعنف، والكراهية، التي استوردناها من الغرب.

وحتى حرية الشذوذ الجنسي والتحول من رجل لامرآة والعكس، فإننا استوردنا هذه الأفكار، لكننا حجزناها في الموانئ الثقافية، وأخذنا نعرض بعضًا منها بين الحين والآخر؛ حتى تتقبلها الشعوب، ثم ستفرج عنها من الرقابة الثقافية، لتضاف إلى خيباتنا الثقافية المستورد من الخارج.

وأما السينما والمسرح والدراما، فترانا مقلدين لا مبدعين، نقلد كل ما يصدره الغرب إلينا؛ حتى أننا في أفلام ودراما آخر العالم، التي يبنيها الغرب على معتقداته غير الإسلامية، نقلناها إلينا بمعتقداتها، رغم وضوح المعتقدات الإسلامية في علامات الساعة وملاءمتها وجودتها للعرض السينمائي أكثر من الأفكار المشوشة عند غير المسلمين.

وانتشرت دراما الرعب، ولأننا لسنا جيدين حتى في التقليد، ربطناها بالشعوذة، فنشرنا الجهل والتخلف أكثر.

وكذلك انتشرت دراما العنف، وأصبحت الشعوب الإسلامية المسالمة يكثر بها حالات العنف والضرب والتعدي والتحرش والاغتصاب.

لقد نجح الغرب في تحويل العادات والتقاليد لفكرة ثقافية، وتحويل الدين أيضًا لفكرة ثقافية أمام شعوب العالم، وقدم لهم ثقافة جديدة مصنعة في استديوهات هوليوود وديزني ونتفليكس ومارفال ودي سي، واستديوهات تصوير الأفلام الإباحية، فجذب الناس إليها؛ فتخلوا عن قيمهم ودينهم وعاداتهم وتقاليدهم، وأصبحوا أسارى للشهوة التي يتحكم فيها المستعمر الثقافي الجديد.

لقد أضحينا في زمان نسير في الشوارع والطرقات لا ندري الرجل من المرأة من تطابق الملابس وطريقة الحديث والجرأة وانعدام الحياء، وهذا نتاج لاستيرادنا الثقافة من الغرب.

حتى إن طعامنا وشرابنا أصبحنا نقلد فيه الغرب، وانتشرت المطاعم الغربية ببلداننا في كل مكان.

أما بالنسبة للغة العربية، فإنها تواجه أخطر حملة للقضاء عليها في هذا الزمان، وأصبح الحديث بها أو كتابتها نوع من الرجعية في عقلية الشباب، فتراهم يكتبونها بأحرف إنجليزية “الفرانكو أراب”، وأصبحت أسماء صفحات شباب المسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي، وأسماء المحلات التجارية بأحرف إنجليزية، وأصبحت الإنجليزية والفرنسية وغيرها من اللغات شروطًا أساسية للتوظيف؛ حتى في بعض الوظائف التي ليس فيها حاجة لها، مما جعلنا نرى بعض الشباب يقرءون القرآن ولا يفهمون بعض معانيه، ومع الوقت سيزداد التغريب؛ حتى نجد جيلًا يقرأ القرآن ولا يفهم منه شيئًا، بسبب انغماسه في الثقافة الغربية.

لقد أصبحت المدارس والجامعات الأجنبية والدولية موضة يعكف عليها أبناء الطبقة المتوسطة والعليا، وكذلك التعليم في البلدان الغربية، مما قد يؤدي إلى فقد هؤلاء الشباب الارتباط بوطنهم، ويجعلهم تابعين لعدوهم ولغته وثقافته، ويعمق الفجوة الثقافية في المجتمع بين هذه الطبقة وبقية الطبقات؛ مما يزيد من الحروب الثقافية، ومعارك الأصالة والمعاصرة، فيتفتت المجتمع.

واعلموا أن مجتمعًا متعدد الثقافات والهويات، هو مجتمع مثل قطع لعبة البازل، مع أي صدمة سيصعب تجميعه، وسيحتاج مجهودًا ووقتًا وأموالًا كثيرة؛ حتى يعاد ترتيبه في صورة مجتمع موحد.

خامسًا: في الجانب الاجتماعي:

دفعنا الغرب دفعًا نحو التفكك الأسري، حيث نجح في تفتيت وحدة مجتمعاتنا من العائلة الكبيرة للأسرة الصغيرة، والآن يعمل بكثافة على تحويل وحدة المجتمع للفرد؛ حتى يسهل خداعه والسيطرة عليه.

كما انتشرت مقاطع التيك توك التي تفضح الأسر وتجعلها تصنع أشياء بعيدة عن عادات العرب والمصريين، وبعضها مخالف للشرع، بهدف إسقاط قوامة الرجل.

كما عملوا بكثافة على المرأة؛ حتى أفسدوها عقلها، وجعلوها ترى أن العمل أهم من الزواج، فإن تزوجت جعلوها تتمرد على زوجها بدعاوى المساواة، فإن أنجبت أطلقوا طابورهم الخامس يمردونها على خدمة أولادها وإرضاعهم.

وظهر حديثًا على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لتحريض الزوجة على طلب الطلاق دون مبرر، كحق من حقوقها دون مراعاة لتدمير الأسر.

سادسًا: في الجانب العلمي:

لقد نجح المتآمرون في الداخل والخارج بفك ارتباطنا بالعلم، وتحقير صورة المعلم والعالم؛ حتى أصبحوا في نهاية البناء الاجتماعي في عقول الجماهير.

بُعدنا عن العلم أحوجنا لعدونا، وجعله المتحكم في كل مقدرات حياتنا، من مأكل ومشرب ودواء وسلاح، ويستطيع أن يحاربنا ويقضي علينا بسهولة إذا ما قرر محاربتنا بيولوجيًّا من خلال تصدير بحث علمي مزيف أو سلعة مسرطنة أو غيرها من الأشياء، وكل هذا يسهله جهلنا وبعدنا عن العلم.

سابعًا: في الجانب الترفيهي:

تقريبًا هذا الجانب الذي تتركز فيه جهود وأموال المسلمين، والعاملين فيه من أغنى أغنياء المسلمين.

الجانب الترفيهي يضم الممثلين والراقصين واللاهين ولاعبي كرة القدم، الذين أصبحوا قدوة للمجتمع، أو بمعنى أدق رفعهم المجتمع لمرتبة فوق الإنسانية ودون الإلهية، وأصبحوا يقلدونهم في كل شيء، وينفق عليهم البلهاء من أثرياء المسلمين أموالهم.

لقد أصبح التعصب الكروي دينًا في حد ذاته، وتشجيع فنان معين بمثابة عقيدة لا تتزحزح، وأصبح الشباب المغيب يتصارع في معارك واهية تعصبًا لهذا المطرب أو ذاك اللاعب، فانشغلوا بمعارك جانبية لا طائل منها، وأصبح الترفيه هو الجانب المسيطر على شباب الأمة.

حتى إن الترفيه غلب العبادات، ففي شهر رمضان يتم إطلاق عشرات المسلسلات الدرامية لإلهاء الناس عن العبادات والطاعات، وأصبح بعض الناس ينتظرون رمضان لا لقراءة القرآن أو الصلاة أو الصيام، وإنما لمشاهدة مسلسلات جديدة.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

هذا ما يسره الله لي في قراءة واقع أمتنا، وإلى المقال المقبل للحديث عن وسائل وطرق إخراج الأمة من واقعها، وإعادتها لطريق المجد الإسلامي.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

 

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الدروس المستفادة من تحويل القبلة في نصف شعبان

قبل غزوة بدر الكبرى، نجد أحداثًا مهمة كانت لازمة لتكميل شخصية المجاهدين قبل الجهاد العملى …