معرفة ما لا بد منه للمؤمن، من العقيدة الحقة، وتلقى هيئات الأعمال البدنية؛ حتى يطمئن قلبه بأنه عملها كما كان يعملها رسول الله J، والعلم بالسنن الواجبة على كل عضو..
الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم
حصون الأمن
أولاً: معرفة ما لا بد منه للمؤمن:
معرفة ما لا بد منه للمؤمن، من العقيدة الحقة، وتلقى هيئات الأعمال البدنية؛ حتى يطمئن قلبه بأنه عملها كما كان يعملها رسول الله J، والعلم بالسنن الواجبة على كل عضو، مبتدئًا بالقلب الذي منه يكون تصريف الأعمال وصحة الإخلاص والتوجه للحق I؛ حتى يتمكن من معرفة تصريف النيات، فلا يعمل عملًا إلا وله فيه نوايا كثيرة ترجع كلها إلى وجه الله تعالى وابتغاء فضله ورضوانه، ولقد كان بعض أهل القلوب يمشي في الأسواق ليشتري حاجته وله في ذلك من مقاصد الخير، وابتغاء وجه ربه فوق الخمسين نية، فيرجع وقد تقرب إلى الله، وتقرب الله إليه بكل ذراع باعًا، لم يكن ذلك بحركات الأجسام ولا حركات اللسان، وإنما ذلك كله بحركات القلوب ومواجيدها، حتى قيل: ذرة من عمل القلوب خير من الجبال من عمل الجوارح. ومن جهل تصريف النيات فقد يعمل العمل المقرب على ظنه، فيبعده عن الله ويقطعه؛ لأن الله لا ينظر إلى الأبدان ولا إلى الأموال، وإنما محل نظره سبحانه القلوب والسرائر، وهذا باب من العلم خفي على كثير من العلماء، وقد تكلم فيه بعض المشددين؛ حتى كاد المطلع على كلامه أن ييأس من الخوف. وقد تساهل بعضهم فلم يلتفت إليه؛ إلا بقدر تعريف الألفاظ التي مدلولها من عمل القلوب كالنية. على أني أعتقد أن مواجيد القلوب مواهب ربانية، بابها الرجل العالم المخلص العاشق المحب.
فعلى المريد الصادق أن يهتم قبل كل شيء بالبحث عن المرشد، ليتلقى عنه العلم من عباراته وأعماله وأحواله وإشاراته، فإن العلم إذا كان من القلوب وصل إلى القلوب، والحال إذا كان عن عين اليقين أنتج اليقين، والعمل إذا كان عن إخلاص انطبع في الخيال، والإشارة إن كانت من خزانة الغيوب استنارت بها القلوب. وسنن الأعضاء الأخرى معلومة، وقد فصلناها في (علوم اليقين) في كتاب: (أصول الوصول).
ثانيًا: أن يراقب خواطره وهممه:
أن يراقب خواطره وهممه مراقبة من يعتقد أن أمامه طريقين: طريق موصل، وآخر غير موصل. فإذا بدرت له همة، أو خطر على قلبه خاطر، أو أراد شيئًا ما، فعليه – إن كان على بصيرة – أن يزن الهمة والخاطر والإرادة بموازين أهل العزائم، فإن ظهر له أنها حق رجع فوضعها في ميزان آخر وهو: لمن هي؟ ولم هي؟ والميزان الأول: هل هي حق أو باطل؟ .. والميزان الثاني: لمن هي؟ ولم هي؟ .. فإن ظهر له أنها لله ابتغاء فضله ورضاه قام فوضعها في ميزان ثالث وهو: كيف كان يعمل هذا العمل رسول الله؟ .. فإن تحقق من كيفية العمل، أسرع في تنجيز الخاطر أو الهمة أو الإرادة، وبعد تنجيزها يشكر الله على نعمتي التوفيق والعناية، ومِنَّتَي العلم والعمل به.
ثالثًا: أن يحاسب نفسه بعد كل يوم وليلة:
يحاسب نفسه بعد كل يوم وليلة، محاسبة من يعلم أن الربح سعادة له، وأن الخسران هلاك له، فإن علم من نفسه أنه على مزيد بحسب موازين العلم والمعرفة، شكر الله وداوم وتوسط، وإن لم يتحقق المزيد بادر للتوبة، وجاهد نفسه، هذا إذا كان مستبصرًا. وإن لم يكن مستبصرًا فالواجب عليه أن يعرض خواطره وهممه ونواياه وإرادته على المرشد أو أخ له مستبصر، يبين له سبيل الحق فيسلك عليه، وسبيل الباطل فيبعد عنه، والله ولي المتقين.
رابعًا: أن يجعل له في كل يوم جديد درسًا:
يجعل له في كل يوم جديد درسًا يتذاكر فيه العلم إن كان عالمًا خشية نسيانه، ويزيد فيه العلم إن كان محتاجًا إليه خشية من الجهل، وهي من الحصون المتعينة على السالك المخلص، فمن مضى عليه يوم ولم يزدد فيه علمًا، ولم يشهد فيه آية، ولم تستبن له فيه سبل الخير، ولم تتجل له حقائق غيبية حقية في ذاته وفي الآفاق؛ كان ذلك اليوم عليه لا له. وقد ورد عن رسول الله J ما معناه: (لا بورِك لي في يومٍ لمْ أزدد فيه علمًا بربِّي)([1]).
خامسًا: أن يتحصن من الوقوع في الشبهات:
يتحصن من الوقوع في الشبهات، ومن التوسعة في المباحات تحصنًا عامًّا، فلا يسترسل في المباح من الكلام والإصغاء والنظر والطعام والشراب والشم واللمس والفرج، بل إنْ أحسن يحافظ على الواجب، فإن لم يستطع فما به رياضة النفس ونشاطها مما لا بأس به مع إباحته وحله وحسن النية فيه، ومراعاة أن يكون إمامًا في عمله لمن يراه من أهله وإخوانه، وهو حصن أهل المشاهدة من الزهاد.
سادسًا: أن يقوم بعمارة كل وقت بواجبه:
أن يتحصن بعمارة كل وقت بواجبه، فإنه إذا أخر واجب الوقت إلى وقت آخر فأداه في غير وقته أضاع الوقتين، أضاع وقت الواجب الأول من العمارة وهو وقت انتظار العمل وقبوله من العبد، فهو وإن أداه فأسقط الواجب عليه إلا أنه لم ينل الرضا عنه، وبتأديته في غير وقته أضاع الوقت الثاني من أن يعمره بذكر أو فكر مما هو مسنون أو مندوب، والمحافظ على تأدية الواجبات في أوقاتها مرابط في سبيل الله.
سابعًا: أن يتجنب في كل وقت شياطين الجن والإنس:
يتحصن في كل وقت من شياطين الجن والإنس بالتباعد عنهم، وترك الأعمال التي توقع في شبهة لديه، والاختفاء بالأعمال التي يتقرب بها مما لم يألفوه؛ حتى لا يقع في شغل بالجدل والمعارضة ليدوم صفاء قلبه، ويتباعد عن كل ما يوقع في تهمة أو شبهة، فإن وقع في شيء من ذلك أوقع الخلق في غيبته. فكان مسببًا له ارتكاب الكبيرة، ومن أعان على قبيح فهو عامله، قال J: (مَن سَلَكَ مَسَالِكَ التُّهَمِ اتُّهِمَ وَلَا أَجْرَ لَهُ)([2]) فإن المريد بصفاء قلبه تدوم له لطائف القدس ويصفو خياله ويقابل الملكوت الأعلى، فإذا فتح على نفسه بابًا من أبواب الفتنة والشر، حجبت عنه تلك الأسرار، وانمحت تلك الأنوار. والمريد الصادق عنده نفَس يشرف فيه على ملكوت ربه أنفس من الدنيا وما فيها، فكيف يرضى بالقطيعة بعد الوصول؟ وبالبعد بعد القرب؟ وبالحجاب بعد الشهود؟ وبالنسيان بعد الذكر؟ وبالغفلة بعد الحضور؟ … تحقق أنه لا يرضى بذلك مريد مخلص ولا طالب صادق، وهل عاقل يتحقق أن طعامًا ما أو شرابًا ما يضر صحته يتناوله؟.
ثامنًا: أن يتمثل صورة الموت وما بعده:
وهو أدق الحصون وأخفاها؛ لأنه حصن النجاة، وهو أن تتحصن بأن تمثل لخيالك صورة الموت فالبرزخ فالحشر فالميزان فالصراط فالوقوف بين يدي الملك القهار فمغفرة وفضل ورضوان، أو – والعياذ بالله – عقاب وخسران وعذاب، فإنك باستجلاء تلك المعاني في خيالك تحتقر الدنيا وإن أقبلت بمن فيها وما فيها، ولا تأمن جانب ربك ولو منحك (كن)، وتحذر إخوانك ولو ملكوك أنفسهم وأموالهم خشية أن تغتر بهم فَيَهلك المغرور ويُهلك، وإهمال هذا الحصن سبب القطيعة ومدارج البعد ومهاوي السخط، فتنبه أيها الأخ حصنني الله وإياك بحصون حفظه ووقايته وإخواننا المؤمنين أين كانوا وكيف كانوا .
وهناك حصون أخرى هي حصون الواصلين ومخاوف المحبوبين ومشاهد أهل التمكين وموارد العاشقين، وقد أشرنا إلي شيء منها في كتاب: (أصول الوصول) و (شراب الأرواح) و(معارج المقربين) وقد يتلقاها المريد بعد وصوله من المرشد أو نائبه أو يَفْقَهُهَا من إشارات المرشد وحاله وعمله، والله هو الحفيظ السلام سبحانه هو خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
جمال المقربين
جمال المقربين جمالان: جمال باطن، وجمال ظاهر.
1- الجمال الباطن:
أما الجمال الباطن فهو علم بالنفس، يعرف الإنسان به ربه المعرفة التي تجعل النفس تتصور رسوم معاني الجمال والجلال والكمال الرباني، بقدر قابليتها لاقتباس تلك الأنوار القدسية، واستجلاء تلك الأسرار في السر؛ حتى تكون تلك المعاني مشهودة للنفس شهادة يقين، فيحصل العشق بعد المعرفة، والمعرفة تحصل بعد الوجد، والوجد يحصل بعد الطلب ولا طلب قبل معرفة النفس. فإذا حصل العشق لمعاني الربوبية تحققت النفس بأضداد تلك المعاني التي هي أكمل جمالاتها، والحق سبحانه يطلب تلك المعاني التي تجمل بها من طلب فوجد فعرف فعشق، كطلب العاشق لمعاني الربوبية سر قوله تعالى: ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ (المائدة: 54) وهو جمال المقربين، ومشاهد المصطفين، وموارد الصِّدِّيقين والشهداء، أسرارهم مطوية؛ إلا من فم العارفين بأذُن الوالهين، وأخبارهم خفيَّة؛ إلا ما تشهده أبصار الأبدان من أحوال وأعمال وأقوال الأفراد، ولا تُبَاح تلك الأسرار، ولا تُكشف تلك الأنوار، وكيف ينشر بساط الجلوة؟ أو تكشف أسرار الخلوة؟ اللهم إن مواهبك اللدنية وغيوب أسرارك الذاتية، سَجَد دون تَمْثِيلها الخيال، وصعق على قاف رمزها العقل، وسكرت فوق صاد آياتها الأرواح الطاهرة، فهب لنا يا إلهنا من صافي طهورك، وخالص حبك ما به نسلم بتلك المواهب ونصدق بها ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ (الزمر: 67).
2- الجمال الظاهر:
الجمال الظاهر للمقربين بسط يؤلف النافر، وبشاشة تلين قلب الكافر، ورحمة بكل مخلوق تأنس به السباع، وعفو عمن أساء يجعله يذوب ندمًا ويصفر خجلًا، وإحسان إلى المسيء يجعله صديقًا حميمًا، وتواضع لله تهابه به القلوب، وذل لله تعظمه به العيون، إذا أساء إليهم المسيء نسبوا السوء إليهم واعتذروا له، لا يغضبون إلا لله لا لأنفسهم، أخلاقهم أخلاق الروحانيين، وأعمالهم أعمال الربانيين، هم موتى من حيث ما به حياة أهل الدنيا ولكنهم يمشون في الناس بنور الله، فهم في الناس وليسوا معهم، كالنهر الجاري يقصده من يريد النفع فيرجع عنه بالخير، والشمس المضيئة للسبل، يفيض الله لهم النفع ولا يطلبون من الناس جزاءً ولا شكورًا، هذا جمالهم الظاهر الذي يمكن أن تبينه العبارة، أو تومى إليه الإشارة.
ولهم جمال آخر نطوي بساطه خشية على المريد السالك، وأسأل الله تعالى أن يمنحك يا أخي التجمل بتلك الجمالات، ويمن علينا جميعًا باستجلاء أنوار الجبروت للسر، وأسرار العزة بالبصيرة، وجمال الملكوت للضمير، إنه مجيب الدعاء.
جمال السالكين
1- الجمال الباطن:
تحلية القلب بمراقبة الآيات الدالة على كمال عناية الحق بالإنسان، والتفكر في بديع الصنعة وما أمد الله به الإنسان من الإيجاد، وما أعده له قبل وجوده على الأرض، وما سخره له بعد وجوده من كل عوالم السموات والأرض لتنكشف لقلبه بعض نعم الله ومننه وإكرامه وإحسانه، ثم يشعر قلبه أن هذا الجمال وتلك المنن والنعم في هذا الكون جُعِلت ليستعين بها ويستعملها في وجوه التقرب إلى الله، وإطاعة أوامره واجتناب نواهيه، لينتقل بها منها إلى الجمال الحقيقي والنعيم الأبدي والسعادة الباقية، فإنه بذلك يشكر المنعم، ويجد في طلب ما رغبه فيه I زهدًا فيما يفنى، آخذًا منه بقدر الكفاية، فيكون من الشاكرين الذاكرين.
وبهذا الجمال تتوالى عليه أسرار روحانية تُجْلَى له غالبًا في نومه، ثم تتوالى حتى تكون في يقظته، في حال ذكره أو فكره أو في صلاته، إلا أنها لا تخرج عن مشاهد ملكوتية ومعاني من علوم النفس، وفي هذا الحال يشربون شرابهم ممزوجًا بالكافور؛ لأنهم من الأبرار([3]).
2- الجمال الظاهر:
أما جمالهم الظاهر فالمسارعة إلى الأعمال كالصلاة والصيام والحج والذكر، وإطعام الطعام، ومعاونة الإخوان بالمال والجاه، والفرح بالمساعدة، والبهجة بالأعمال الصالحة، والغضب عند المخالفة على من خالف وحب المتبع، وقبول النصيحة، والتباعد عن غير إخوانهم، والنفور من المخالف لهم، والفرح بالخصوصية؛ لأن من فرح بشيء رغب فيه واجتهد في طلبه وداوم عليه، مع الرحمة بالأقارب والأهل والجيران، وحب الإصلاح والسعي لأهل الصلاح، والميل إلى مجالس العلم وسماع كلام العلماء، وغير ذلك مما هو معلوم من أعمال السالكين الصادقين.
فعلى المريد الصادق أن يجاهد نفسه مجاهدة حقيقية ليتحصن بتلك الحصون([4])، ويتجمل بتلك الجمالات([5])، وبذلك يكون مريدًا لله ناهجًا مناهج السنة والكتاب، ومتى تجمل بهذا الجمال ظاهرًا وباطنًا تحقق بأنه من التابعين بإحسان لرسول الله J؛ لأن محافظته على الاقتداء بالعالم العامل بالكتاب والسنة العارف بالله تعالى، العالم بالنفوس وطرق تزكيتها: يكون عاملًا بما كان عليه رسول الله J وأصحابه، ويمنح مواهب الفرقة الناجية، ويفوز بما مَنَّ الله به على أهل معية رسول الله J، قال الله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ (النساء: 69).
امتحانات السالكين:
قد يغلب على المريد الواجد حالٌ؛ حتى يخرج عن حد الاعتدال، ويجاهر بذلك فيعاقب بتسليط الخلق عليه، وأذيتهم له؛ حتى يشغلوه عن وارداته فيشتغل بهم فيسلب حاله، والعياذ بالله من السلب بعد العطاء. وقد يبعثه الوجد إلى عمل النوافل وترك الواجبات؛ لأن الواجبات تجعله وسطًا، فيرى نفسه بعملها غير واجد ما يجده في حال النوافل، فيترك الفرض ويسارع إلى النفل لجهله بحصون الأمن وبمراقي القرب، فما يلبث إلا وقد خرج عن الاعتدال الشرعي، فإن كان محمولًا مجذوبًا مفقود القوة التي بها التكليف، فهو ممن يرحمه الناس، ويحفظه الله من أن يضر غيره، وهو المجذوب بعامل العناية. وإن كان يشعر بالأشياء ويميز بين الفقر والغنى، والعز والذل، فذلك مسكين غلبه هواه، وهو هالك إن لم يكن له مرشد كامل يتداركه الله به، وقد يبلغ الحال بأهل القلوب؛ حتى تحصل لهم عزيمة على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ودعوة الخلق إلى الحق، فإن كان صاحب هذا الحال منح السكينة بعد الحب، والحكمة بعد العلم، كان النفع به أكمل، وإلا فالضرر به أكثر من النفع؛ لأنه تكون له صولة لما يلوح له من أنوار غيوب المعاني، فيجاهر بها بدون حكمة ولا موعظة حسنة، قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ (النحل: 125).
هذا وإن أهل القلوب – الذين هم أصحاب المرشد – ربما أباحوا ببعض أسرار المكنون لأهل الجهالة، فنتج عن ذلك سوء ظن الناس بالمرشد، واتهامهم له، ورميهم إياه بالكفر وترك من تكلموا، ولم يكن ذلك إلا من جهل الناقلين، كما قال J: (إنَّ مِن العلْمِ كهيئةِ المكنونِ لا يعلَمُه إلَّا العلماءُ بالله، فإذا ذَكَروه أنكرهُ أهلُ الغِرَّةِ بِالله)([6]).
=============================
([1]) هذا الحديث أورده السيوطي بلفظ: “إذا أتى عليّ يوم لا أزداد فيه علما يقربني من الله تعالى فلا بورك لي في طلوع الشمس ذلك اليوم” وقد أخرجه الطبراني في الأوسط، وأبو نعيم في الحلية، وابن عبد البر في العلم من حديث عائشة، وأورده الغزالي أيضًا في الإحياء ج1 ص6، انظر: الجامع الصغير ج1 ص46 رقم 343.
([2]) هذا الحديث رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن عمر وهو من قوله بلفظ: (من أقام نفسه مقام التهمة فلا يلومن من أساء الظن به) [انظر: كشف الخفا 2/351 رقم 2501].
([3]) إشارة إلى قوله تعالى في الآية 5 من سورة الإنسان: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾.
([4]) وهي الحصون الثمانية التي ذكرت من قبل.
([5]) أي جمالات المقربين، الظاهرة منها والباطنة، وجمالات السالكين.
([6]) هذا الحديث رواه أبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين له في التصوف من حديث أبي هريرة، وأورده الغزالي في الإحياء، كتاب العلم ج1 ص20.