أخبار عاجلة

أهم الأسباب الوقائية في تقليل الحوادث (23)

من العلاج الناجع في معالجة الغضب لدى الطفل تعويده على المنهج النبوي في تسكين الغضب….

الدكتور جمال أمين

مسئولية التربية الاجتماعية

المقصود بالتربية الاجتماعية: تأديب الولد منذ نعومة أظفاره على التزام آداب اجتماعية فاضلة، وأصول نفسية نبيلة ….. تنبع من العقيدة الإسلامية الخالدة، والشعور الإيماني العميق، ليظهر الولد في المجتمع على خير ما يظهر به من حسن التعامل، والأدب، والاتزان، والعقل الناضج، والتصرف الحكيم.

ولا شك أن هذه المسؤولية من أهم المسؤوليات في إعداد الولد لدى المربين والآباء، بل هي حصيلة كل تربية سبق ذكرها سواء أكانت التربية إيمانية أم خلقية أم نفسية؛ لكونها الظاهرة السلوكية والوجدانية التي تربي الولد على أداء الحقوق، والتزام الآداب، والرقابة الاجتماعية، والاتزان العقلي، وحسن السياسة والتعامل مع الآخرين.

ومن الثابت تجربة وواقعًا أن سلامة المجتمع، وقوة بنيانه وتماسكه مرتبطتان بسلامة أفراده وإعدادهم. ومن هنا كانت عناية الإسلام بتربية الأولاد اجتماعيًّا وسلوكيًّا؛ حتى إذا تربّوا تكوّنوا وأصبحوا يتقبّلون على مسرح الحياة أعطوا الصورة الصادقة عن الإنسان الانضباطي المتزن العاقل الحكيم.

فما على المربين إلا أن يشمروا عن ساعد الجد والعزيمة، ليقوموا بمسؤوليتهم الكبرى في التربية الاجتماعية على وجهها الصحيح، عسى أن يساهموا في مجتمع إسلامي أفضل تقوم ركائزه على الإيمان، والأخلاق، والتربية الفاضلة، والقيم الإسلامية الرفيعة … وما ذلك على الله بعزيز.

وإذا كان لكل تربية وسائل يسير المربون عليها، فما هي الوسائل العملية التي تؤدي إلى تربية اجتماعية فاضلة؟

الوسائل – في نظري – تتركز في أمور أربعة:

1- غرس الأصول النفسية النبيلة.

2- مراعاة حقوق الآخرين.

3- التزام الآداب الاجتماعية العامة.

4- المراقبة والنقد الاجتماعي.

1- غرس الأصول النفسية النبيلة:

أقام الإسلام قواعد التربية الفاضلة في نفوس الأفراد صغارًا وكبارًا، رجالًا ونساء، شيبًا وشبانًا على أصول نفسية نبيلة ثابتة، وقواعد تربوية باقية، لا يتم تكوين الشخصية الإسلامية إلا بها، ولا تتكامل إلا بتحقيقها؛ وهي في الوقت نفسه قيم إنسانية خالدة، ولغرس هذه الأصول النفسية في نفسيات الأفراد والجماعات أصدر الإسلام توجيهاته القيمة، ووصاياه الرشيدة، لتتم التربية الاجتماعية على أنبل معنى، وأكمل غاية؛ حتى ينشأ المجتمع على التعاون المثمر، والترابط الوثيق، والأدب الرفيع، والمحبة المتبادلة، والنقد الذاتي البنّاء.

وإليكم أهم هذه الأصول التي يسعى الإسلام لغرسها:

1- التقوى:

هي نتيجة حتمية، وثمرة طبيعية للشعور الإيماني العميق الذي يتصل بمراقبة الله U والخشية منه، والخوف من غضبه وعقابه، والطمع بعفوه وثوابه، وهي – كما عرّفها العلماء – أن لا يراك الله حيث نهاك، وأن لا يفقدك حيث أمرك، أو هي – كما قال البعض -: “اتقاء عذاب الله سبحانه بصالح العمل، والخشية من الله تعالى في السر والعلن”.

من هنا كان اهتمام القرآن الكريم بفضيلة التقوى والأمر بها، والحض عليها في كثير من آياته البينات؛ حتى أن القارئ لا يمر على قراءة صفحة أو صفحات من القرآن الكريم؛ إلا ويجد لفظة التقوى مناسبة في الذكر الحكيم هنا وهناك.

ومن هنا كان اهتمام الصحابة الكرام والسلف الصالح بالتقوى، والتحقق بها، والاجتهاد لها، والسؤال عنها، فقد ورد أن عمر بن الخطاب 0.

سأل أبي بن كعب عن التقوى، فقال له: (أما سلكت طريقًا ذا شوك؟ قال: بلى! قال: فما عملت؟ قال: شمرت واجتهدت، قال: فذلك التقوى).

(فذلك التقوى: حساسية في الضمير، وشفافية في الشعور، وخشية مستمرة، وحذر دائم، وتوق لأشواك الطريق – طريق الحياة – الذي تتجاذبه أشواك الرغائب والشهوات، وأشواك المطامع والمطامح، وأشواك المخاوف والهواجس، وأشواك الرجاء الكاذب فيمن لا يملك رجاء، والخوف الكاذب ممن لا يملك نفعًا ولا ضرًّا، وعشرات غيرها من الأشواك)([i]).

وتقوى الله – فضلًا عن أنها تملأ قلب المؤمن بخشية الله، والمراقبة له – هي منبع الفضائل الاجتماعية كلها، والسبيل الوحيد في اتقاء المفاسد والشرور والآثام والأشواك، بل هي الوسيلة الأولى التي توجد في الفرد وعيه الكامل لمجتمعه، ولكل من يلتقي معهم من أبناء الحياة.

ولعل في تكرار الرسول J قوله: “التقوى ههنا” ثلاث مرات – كما سيأتي – ما يؤكد أهمية هذا العامل النفسي في التربية الاجتماعية، ولا سيما في النهي عن مساس الكرامة، والإضرار بالناس.

====================

([i]) من كتاب الظلال لسيد قطب ج1 ص40.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (19)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …