أخبار عاجلة

قضية المحو والإثبات في الدعاء .. وصلة الدعاء بالقضاء والقـدر (2- 7)

الحمد لله، دلَّ على ذاته بذاته، وتنزَّه عن مجانسة مخلوقاته، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وآله، وأعطنا الخير، وادفع عنا الشر، ونجنا واشفنا يا رب العالمين.

فضيلة الشيخ علي الجميل

بما سبق ذكره نستطيع أن نقول: إن دين هود هو دين نوح، ودين ابراهيم هو دين موسى هو دين عيسى ودين نبينا J هذا الدين، أما الشرائع فإنها تختلف باختلاف القوم، باختلاف الزمان؛ باختلاف المكان، باختلاف البيئة، باختلاف الداءات التي كانت موجودة في الأمم.

يعني كل رسول وإن جاء برسالة جامعة لكنه بجانب دعوته إلى عبادة الله وحده كان يعالج في قومه داءات عظمت أو داءات معضلة.

فكل رسول لم يأتِ لكى يقول لقومه أعبدوا الله وحده فقط، بل كل رسول كان يعالج الداءات التي كانت موجودة في قومه.

لماذا نجد كل رسول يقول: أبلغكم رسالات ربي، نجد سيدنا هود وسيدنا نوح، يقول: أبلغكم رسالات ربي، ما عدا سيدنا صالح فقط قال: قد أبلغتكم رسالة ربي، رسالة بالإفراد هذا باعتبار فيما أرى – والله أعلم – يعني أن كل رسول في خطابه لقومه حالة نزول الوحي واستمرار مهمته في هذه الحالة يقول: أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون، أبلغكم بالفعل المضارع رسالات بالجمع، وأعلم -الفعل المضارع- من الله ما لا تعلمون.

أما سيدنا صالح قال: )قَدْ أَبْلَغْتُكُمْ( لم يقل: أبلغكم، وإنما قال كما قال الله U: )فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ( وقال: نصحت لكم، قال هذا الكلام متى؟ بعد أن حقت عليهم كلمة العذاب وانتهت مهمته، فكان من المناسب أن يأتي بالفعل الماضي هنا أبلغتكم، فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين، قال: يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي، هنا لا يوجد حكمه من تعديد الرسالة؛ لأن مهمته قد انتهت، رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين.

نعود لموضوعنا فيما يتعلق بالفرق بين الشريعة والدين، فيكون الدين واحد والشرائع هي المختلفة، فإذا قلنا: إن القران جاء مصدقًا لما بين يديه. هل يكون من الشرائع أم من الأصول؟

إن الاسلام نسخ ما قبله من الشرائع وليس من الأصول، وما ينبغي أن ينسخ القرآن الكريم الأصول التي جاء بها كل الأنبياء هذا فيما يتعلق بالنسخ من خلاله قوله تعالى: )مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ألَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( (البقرة: 106).

وفيما يتعلق بقول الله U: )يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ( (الرعد: 39) لكن لا يزال السؤال مطروحًا إذا قلنا:  إن آية الرعد متعلقة بالشرائع نسخ الشرائع، وآية البقرة كذلك، ولكن مازال السؤال مطروحًا: هل يجوز القول بوقوع المحو والإثبات في تقدير الله؟ المحو والإثبات في تقدير الله واحد كان مكتوب شقي ممكن يتحول يبقى سعيد. أنا قرأت كلامًا لطيفًا للشيخ أبى الفيض محمد عبد الكبير الكتاني  ذكره عنه صاحب الطلاسم في حل صلاة القاسم، ذكر حكاية مروية عن الخضر 0 يقول: أنا سألت أكثر من نبي عما إذا كان الإنسان مكتوبًا في ديوان الأشقياء هل هناك عمل يخرجه من ديوان الأشقياء ويلحق  بالسعداء؟ يقول: فلم أجد عند واحد منهم علمًا؛ حتى سألت الحضرة المحمدية سأل النبي إذا كان الإنسان مكتوبًا شقيًّا، فهل هناك عمل ويخرجه من ديوان الأشقياء ويلحقه بالسعداء؟ فقال: نعم إذا كان يكثر الصلاة عليَّ، هكذا يقول الشيخ أبو الفيض الكتاني: إذا كان من المكثرين الذين يكثرون الصلاة على النبي J لا شك أن الصلاة عليه J إكسير السعادة.

فهي خير شفيع لدي النبي J ولا يخفاكم أنه كما قلت في لقاء سابق أو في أكثر من لقاء، لا يخفاكم أنه J صاحب مرتبة المحبة، وإن كان لكل نبي أو صديق أو ولي أو مؤمن حظ من محبة الله، لكن من كان له حظ من محبة الله لا يمكن أن يقارن بصاحب مرتبة المحبة صاحب مقام المحبة.

ودائمًا نقول: سيدنا إبراهيم خليل الله، ونذكر سيدنا موسى فنقول: كليم الله، مع أن النبي J شاركهم فيما خصهم الله به يقول J: (لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا) أي أن النبي J لم يتخذ خليلًا من الخلق، وكذلك فهو J مكلم كفاحًا، يعني إذا كان سيدنا موسى A خوطب من وراء حجاب، فنبينا J خوطب كفاحًا، علاوة على ذلك أنه صاحب مرتبة المحبة، وقد قلت: إن مرتبة المحبة أي له فيها المكنة التي لم تكن لغيره يعنى قد يكون لك قدرًا من محبة الله لك قد تكون محبوبًا عند الله.

الأنبياء والرسل من باب أولى، هل تتصورون أن الأنبياء والرسل ليس لهم حظ من محبه ربنا، لكن كيف يقال أن سيدنا إبراهيم هو الخليل، وموسى الكليم، وسيدنا محمد هو الحبيب، هل هو منفرد بهذا يعني من حيث محبة ربنا لا، لكن نقول: وإن كان لغيره حظ أو حصة من محبه الله إلا أنه لم يؤتَ أحد غيره المكنة في مرتبة المحبة.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (19)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …