مجلة الإسلام وطن موقع مشيخة الطريقة العزمية
مقالات مشابهة
أرشدتنا السنة النبوية إلى كلمات بالتهنئة لطيفة، وجمل من الدعاء رقيقة وطريفة، على المسلم أن يتعلمها، ويحسن أداءها؛ ليقوم على تطبيقها في الوقت المناسب، ولا بأس أن نأتي على بعض هذه الطرائف والكلمات التي أرشد النبي عليه الصلاة والسلام إليها، وأُثِرتْ عن أصحابه الكرام والسلف الصالح…
الدكتور جمال أمين
مقدمة
أرشدتنا السنة النبوية إلى كلمات بالتهنئة لطيفة، وجمل من الدعاء رقيقة وطريفة، على المسلم أن يتعلمها، ويحسن أداءها؛ ليقوم على تطبيقها في الوقت المناسب، ولا بأس أن نأتي على بعض هذه الطرائف والكلمات التي أرشد النبي عليه الصلاة والسلام إليها، وأُثِرتْ عن أصحابه الكرام والسلف الصالح:
تهنئة من وُلد له مولود
يستحب أن يقال له: (بورك لك بالموهوب، وشكرت الواهب، ورزقت برّه، وبلغ أشدّه).
ويستحب أن يرد المهنئ فيقول: (بارك الله لك، وبارك عليك، ورزقك الله مثله).
وهذه العبارات مروية عن سيدنا الحسين بن علي، والإمام الحسن البصري 0.
تهنئة لمن قدم من سفر
يستحب أن يقال له: (الحمد لله الذي سلمك، وجمع الشمل بك وأكرمك)، مروي عن السلف.
تهنئة لمن قدم من الجهاد
يستحب أن يقال له: (الحمد لله الذي نصرك، وأعزك وأكرمك). لما روى مسلم والنسائي وغيرهما عن عائشة 1 قالت: كان رسول الله J في غزو، فلما دخل استقبلته فأخذت بيده فقلت: (الحمد لله الذي نصرك، وأعزك وأكرمك)؛ ولا بأس أن يقال له كذلك: (الحمد له الذي سلمك، وجمع الشمل بك وأكرمك).
تهنئة لمن قدم من حج
يستحب أن يقال له: (قَبِل الله حجك، وغفر ذنبك، وأخلف نفقتك)؛ لما روى ابن السني عن ابن عمر 5 قال: جاء غلام إلى النبي J فقال: إني أريد الحج، فمشى معه رسول الله J فقال: (يا غلام، زوّدك الله التقوى، ووجَّهك في الخير، وكفاك الهم)، فلما رجع الغلام على النبي J فقال: (يا غلام قبل الله حجك، وغفر ذنبك، وأخلف نفقتك).
تهنئة عقد النكاح
يستحب أن يقال لكل من الزوجين بعد النكاح: (بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير)؛ لما روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن أبي هريرة 0: أن النبي J كان إذا رفّأ الإنسان (أي تزوج). قال: (بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير).
ويكره أن يقال له: (بالرِّفاء([1]) والبنين)؛ لأن ذلك من تهاني الجاهلية، روى أحمد والنسائي وغيرهما عن عقيل بن أبي طالب أنه تزوج امرأة من جشم، فدخل عليه القوم، فقالوا: بالرفاء والبنين، فقال: لا تفعلوا ذلك، فإن رسول الله J نهى عن ذلك، قالوا: فما نقول يا أبا زيد؟ قال: قولوا: ((بارك الله لكم ، وبارك عليكم)) إنا كذلك كنا نؤمر.
التهنئة بالعيد
يستحب أن يقول المسلم للمسلم بعد صلاة العيد: (تقبَّل الله منا ومنك).
قال في (المقاصد) مروي في العيد: أن خالد بن معدان لقي واثلة بن الأسقع في يوم عيد فقال له: (تقبل الله منا ومنك)، فقال له مثل ذلك، وأسنده إلى النبي J.
تهنئة من صنع إليه معروفًا
يستحب أن يقال لمن صنع إليه معروفًا: (بارك الله لك في أهلك ومالك، وجزاك الله خيرًا)، لما روى النسائي وابن ماجه عن عبد الله بن أبي ربيعة قال: استقرض النبي J مني أربعين ألفًا فجاءه مال فدفعه إليّ وقال: (بارك الله في أهلك ومالك، إنما جزاء المُسلف (المقرض) الحمد والثناء).
وروى الترمذي عن أسامة بن زيد 5، عن رسول الله J قال: (من صُنع إليه معروف فقال لفاعله: “جزاك الله خيرًا”، فقد بلغ في الثناء).
والأفضل في حق المهنِّئ أن يتقيد بالمأثور. وإذا أحب أن يزيد بتعابير من عنده فيها رقة ولطافة، ودعاء، فله ذلك بشرط ألا تكون هذه التعابير مقتبسة من أصل أجنبي، ومأخوذة من تقليد جاهلي لتتسم بالتميز العقيدي والأصالة الإسلامية.
تستحب المهاداة مع التهنئة
ومن الأمور المستحبة في التهنئة تقديم الهدية لأهل المولود، أو القادم من سفر، أو الذي دخل ليلة الزفاف أو غيرها من المناسبات؛ للأحاديث التي تحض على المهاداة وترغب فيها:
روى الطبراني والعسكري عن عائشة 1 مرفوعًا: (تهادوا تحابوا، وهاجروا تورثوا أبناءكم مجدًا، وأقيلوا الكرام عثراتهم).
وللطبراني في (الأوسط) عن عائشة 1 قالت: قال رسول الله J: (يا نساء المؤمنين تهادين ولو فرسن([2]) شاة فإنه ينبت المودة، ويذهب الضغائن).
وروى البخاري في (الأدب المفرد) وأحمد عن أبي هريرة مرفوعًا: (تهادوا فإن الهدية تذهب وَحَرَ([3]) الصدر).
وللديلمي عن أنس مرفوعًا: (عليكم بالهدايا فإنها تورث المودة، وتذهب الضغائن).
وروى الطبراني في (الأوسط) عن عائشة مرفوعًا: (تهادوا تحابوا).
فإذا كانت هذه الأحاديث تؤكد ظاهرة المهاداة بن أبناء المجتمع في غير المناسبات، فتأكيدها – المهاداة – في مناسبات التهنئة والأفراح أظهر وأبلغ، لما لهذه المهاداة من أثر بالغ في تماسك الأمة، ووحدة الجماعة، وزرع بذور المحبة أو الإخاء والصفاء في تربية المجتمع والشعب المؤمن.. فما على المربين إلا أن يرسخوا واجب التهنئة في أسرهم وأولادهم، حتى يعتادوها في حياتهم الاجتماعية، وفي تعاملهم مع الناس.
====================
([1]) الرفاء: بكسر الراء وبالمد: وهو الاجتماع.
