أخبار عاجلة

الأشعري والأشعرية (35)

   بعد عمر حافل في رحاب العلوم والدعوة أصيب الجويني بعلة شديدة، فلما أحس بوطأة المرض عليه انتقل إلى “بشتنقان” للاستشفاء بجوها المعتدل، ولكن اشتد عليه المرض فمات بها، وذلك في مساء الأربعاء 25 ربيع الآخر 478هـ.،..

د. محمد الإدريسي الحسني

بقية: أهم علماء الأشاعرة

بقية: أبو المعالي الجويني إمام الحرمين:

بدأ إمام الحرمين كتابه “الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد” في مسائل الكلام بإثبات حدوث العالم للتدرج بالقارئ إلى وجود المحدث، وهو الله تعالى، مع شرح المصطلحات الكلامية، ثم انتقل إلى الكلام عن الله تعالى وصفاته، مبتدئًا بالصفات الواجبة لله تعالى كالقدم ومخالفته للحوادث، بأنه ليس جسمًا، وهنا يرد على دعاة التجسيم والتشبيه، ثم يرد على النصارى. وينتقل إلى باب العلم بالوحدانية وإثبات الصفات المعنوية الواجبة لله تعالى، وأنه حي، مريد، عالم، قادر، سميع، بصير، متكلم، ويفصل الحديث عن مسألة كلام النفس، وعن كلام الله تعالى في القرآن، وتعرض للرد على الجهمية، وناقش أقوال المعتزلة وبين حقيقة الكلام ومعناه… ثم تناول بقية مسائل العقيدة والإيمان فبدأ بإثبات النبوات وتأييدها بالمعجزات، وخصص القول في إثبات نبوة سيدنا محمد J، ثم عاد للكلام عن أحكام الأنبياء عامة وعصمتهم. وختم الكتاب بالحديث عن الإعادة بعد الموت، وجمل من أحكام الآخرة، وفصل في الجنة والنار، والصراط والميزان والحوض، والثواب والعقاب، والشفاعة ومعنى الإيمان وزيادته ونقصانه… ليختم بالقول في الإمامة التي يذكرها أكثر العلماء في أصول الدين، مبينًا أن: “الكلام في هذا الباب ليس من أصول الاعتقاد”، وأن الإمامة تتم بالاختيار ولم يرد نص في تعينها لأحد، إلا إذا توفرت فيه الشروط والبيعة، مقررًا إثبات إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ومحذرًا من الطعن في الصحابة والافتراء عليهم. وكان من أهم تلاميذ الجويني أبو القاسم الأنصاري المتوفى سنة 511 هـ، وحجة الإسلام الإمام أبي حامد الغزالي المتوفي سنة 505 هـ، وقال فيه الحافظ أبو محمد الجرجاني: “هو إمام عصره، ونسيج وحده، ونادرة دهره، عديم المثل في حفظه، وبيانه ولسانه”. وقال تلميذه عبد الغافر الفارسي: “إمام الحرمين، فخر الإسلام، إمام الأئمة على الإطلاق، حبر الشريعة، المجمع على إمامته شرقًا وغربًا، المقر بفضله السراة والحداة، عجمًا وعربًا، لم ترَ العيون مثله قبله، ولا ترى بعده، رباه حجر الإمامة وحرك ساعده السعادة مهده، وأرضعه ثدي العلم والورع، إلى أن ترعرع فيه وينع، أخذ من العربية وما يتعلق بها أوفر حظ ونصيب، فزاد فيها على كل أديب، ورزق من التوسع في العبارة وعلوها ما لم يعهده من غيره..”. وقال الإمام الإسنوي: “إمام الأئمة في زمانه وأعجوبة دهره وأوانه”. وقال أبو إسحق الشيرازي: تمتعوا بهذا الإمام فإنه نزهة هذا المكان (يعني إمام الحرمين). قال له مرَّة: يا مفيد أهل المشرق والمغرب، لقد استفاد من علمك الأولون والآخرون. وقال أبو عثمان الصابوني: صرف الله المكاره عن هذا الإمام، فهو اليوم قرة عين الإسلام. وقال أبو سعيد الصبري: هو إمام خراسان والعراق لفضله وتقدمه في أنواع العلوم.

صنف الإمام كتبًا كثيرة في الفقه والأصول وعلم الكلام والسياسة الشرعية والجدال، منها:

في الفقه: نهاية المطلب في دراية المذهب، وهو كتاب كبير في أكثر من عشرين جزءًا. مختصر النهاية. مختصر التقريب. الرسالة النظامية في الأركان الإسلامية.

وفي أصول الفقه: البرهان. الورقات. الغنية. التحفة. التلخيص.

وفي الجدال: العمد. الدرة المضية فيما وقع من الخلاف بين الشافعية والحنفية. الكافية في الجدل. الأساليب في الخلاف.

وفي علم الكلام: الشامل في أصول الدين. الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد. لمع الأدلة في قواعد عقائد أهل السنة والجماعة. العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية. شفاء العليل في بيان ما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل. قصيدة على غرار قصيدة ابن سينا في النفس.

وفي السياسة الشرعية: غياث الأمم في التياث الظلم.

بعد عمر حافل في رحاب العلوم والدعوة أصيب الجويني بعلة شديدة، فلما أحس بوطأة المرض عليه انتقل إلى “بشتنقان” للاستشفاء بجوها المعتدل، ولكن اشتد عليه المرض فمات بها، وذلك في مساء الأربعاء 25 ربيع الآخر 478هـ.

قول الأشاعرة في التوحيد والشرك

يُعتبر الشرك بالله أعظم الذنوب والمعاصي التي يمكن للإنسان ارتكابها، ورد في القرآن: )إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا( (النساء: 48)، والشرك بالله نوعان؛ أصغَر وأكبر، حيثُ أن الشرك الأكبر يُخرج الإنسان من دين الإسلام، وهو أن يجعل لله ندًّا أو يعتقد بألوهية غير الله، ويعبد غيره من شمس وقمر وبشر. أمّا الأصغر، فهو ما دون ذلك كمخافة غير الله، ورجاء غيره، فهذا لا يُعتبر مُخرجًا من الدِّين.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (15)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …