أخبار عاجلة

الأشعري والأشعرية (32)

الإمام العلامة، أوحد المتكلمين، مقدم الأصوليين، القاضي أبو بكر، محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم، البصري، ثم البغدادي، ابن الباقلاني، صاحب التصانيف، وكان يضرب المثل بفهمه وذكائه، وكان ثقة إمامًا بارعًا،..

د. محمد الإدريسي الحسني

بقية: أهم علماء الأشاعرة

بقية: القاضي أبو بكر ابن الباقلاني:

قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء: الإمام العلامة، أوحد المتكلمين، مقدم الأصوليين، القاضي أبو بكر، محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم، البصري، ثم البغدادي، ابن الباقلاني، صاحب التصانيف، وكان يضرب المثل بفهمه وذكائه، وكان ثقة إمامًا بارعًا، صنف في الرد على الرافضة والمعتزلة، والخوارج والجهمية والكرامية، وانتصر لطريقة أبي الحسن الأشعري، وقد يخالفه في مضائق، فإنه من نظرائه، وقد أخذ علم النظر عن أصحابه. وقد ذكره القاضي عياض في “طبقات المالكية” فقال: هو الملقب بسيف السنة، ولسان الأمة، المتكلم على لسان أهل الحديث، وطريق أبي الحسن، وإليه انتهت رئاسة المالكية في وقته، وكان له بجامع البصرة حلقة عظيمة. حدث عنه: الحافظ أبو ذر الهروي، وأبو جعفر محمد بن أحمد السمناني، وقاضي الموصل، والحسين بن حاتم الأصولي. وقال أبو بكر الخطيب كان ورده في كل ليلة عشرين ترويحة في الحضر والسفر، فإذا فرغ منها، كتب خمسًا وثلاثين ورقة من تصنيفه. سمعت أبا الفرج محمد بن عمران يقول ذلك. وسمعت علي بن محمد الحربي يقول: جميع ما كان يذكر أبو بكر بن الباقلاني من الخلاف بين الناس صنفه من حفظه، وما صنف أحد خلافًا إلا احتاج أن يطالع كتب المخالفين، سوى ابن الباقلاني. فإنما صدره يحوي علمه وعلم الناس. وقال أبو محمد البافي: لو أوصى رجل بثلث ماله لأفصح الناس لوجب أن يدفع إلى أبي بكر الأشعري. قال أبو حاتم محمود بن الحسين القزويني: كان ما يضمره القاضي أبو بكر الأشعري من الورع والدين أضعاف ما كان يظهره، فقيل له في ذلك، فقال: إنما أظهر ما أظهره غيظًا لليهود والنصارى، والمعتزلة والرافضة، لئلا يستحقروا علماء الحق. وقال عنه القاضي عياض في ترتيب المدارك وتقريب المسالك: أبو بكر بن محمد بن الطيب بن محمد القاضي المعروف بابن الباقلاني. الملقب بشيخ السنة، ولسان الأمة، المتكلم على مذهب المثبتة، وأهل الحديث، وطريقة أبي الحسن الأشعري خرّج له ابن أبي الفوارس. وذكره أبو الحسن بن جهضم الهمداني في كتابه، فقال: كان الباقلاني شيخ وقته، وعالم عصره، الرجوع إليه فيما أشكل على غيره. وإليه انتهت رئاسة المالكيين في وقته. وكان حسن الفقه، عظيم الجدل، وكانت له بجامع المنصور ببغداد حلقة عظيمة. وكان ينزل الكرخ. ذكر أبو عبد الله بن سعدون الفقيه، أن سائر الفرق رضيت بالقاضي أبي بكر في الحكم بين المتناظرين. قال ابن عمار الميورقي: كان ابن الطيب مالكيًّا، فاضلًا متورعًا، ممن لم تحفظ له قط زلة. ولا نسبت إليه نقيصة. وكان يلقب بشيخ السنة، ولسان الأمة، وكان فارس هذا العلم مباركًا على هذه الأمة. قال: وكان حصنًا من حصون المسلمين، وما سرّ أهل البدع بشيء كسرورهم بموته. وليَ القضاء بالثغر. وذكره أبو عمران الفاسي فقال: سيف أهل السنة في زمانه، وإمام متكلمي أهل الحق في وقتنا. وقال القاضي أبو الوليد: كان أبو بكر مالكيًّا، وحدث عن أبي ذر الهروي. قال: كان سبب أخذي عن القاضي أبي بكر، ومعرفتي بقدره، أني كنت مرة ماشيًا ببغداد، مع أبي الحسن الدارقطني، إذ لقيت شابًّا فأقبل أبو الحسن عليه، وعظمه، ودعا له. فقلت للشيخ: من هذا الذي تصنع به هذا؟ فقال لي: هذا أبو بكر ابن الطيب، نصر السنّة، وقمع المعتزلة. وأثنى عليه. قال أبو ذر: فاختلفت إليه، وأخذت عنه من يومئذ. وأخذ عنه جماعة لا تعد، ودرسوا عليه أصول الفقه والدين. وخرج منهم من الأئمة أبو محمد عبد الوهاب بن نصر المالكي، وعلي بن محمد الحربي، وأبو جعفر السماني، وأبو عبد الله الأدري وأبو الطاهر الواعظ، رحمهم الله. ومن أهل المغرب: أبو عمر بن سعد، وأبو عمران الفاسي. رحل إليه، وأخذ عنه. قال أبو عمران: رحلت إلى بغداد وكنت قد تفقهت بالمغرب، والأندلس عند أبي الحسن القابسي، وأبي محمد الأصيلي، وكانا عالمين بالأصول. فلما حضرت مجلس القاضي أبي بكر ورأيت كلامه في الأصول والفقه، والمؤالف والمخالف، حقرت نفسي وقلت: لا أعلم من العلم شيئًا. ورجعت عنده كالمبتدئ. وتفقه عنده القاضي أبو محمد بن نصر، وعلق عنه، وحكى في كتبه ما شاهد من مناظرته في الفقه بين يدي ولي العهد ببغداد، للمتخالفين. قال أبو بكر الخطيب: كان أعرف الناس بعلم الكلام، وأحسنهم فيه خاطرًا، وأجودهم لسانًا، وأصحهم عبارة. وقال علي بن محمد الحربي: كان القاضي أبو بكر يهم بأن يختصر ما يصنعه، فلا يقدر لسعة علمه وحفظه. وما صنف أحد كلامًا إلا احتاج أن يطالع كتب المخالفين، غير أبي بكر فإن جميع ما يذكر من حفظه. وكان أبو محمد الشافعي يقول: لو أوصى رجل بثلث ماله لأفصح الناس، لوجب أن يدفع إلى أبي بكر الأشعري. وكان بعضهم يقول: جاء في الأثر أن الله تعالى، كان يتعاهد عباده بأنبيائه ورسله، فلما ختم الرسالة بسيدنا محمد J، تعاهد أمته في رأس كل مائة عام برباني من علمائها، يحيي لها دينها، ويجدد شريعتها، فكان إمام رأس أربعماية: أبو بكر بن الطيب. وقال عنه اليافعي في مرآة الجنان: سيف السنة وناصر الملة الإمام الكبير الحبر الشهير، لسان المتكلمين وموضح البراهين، وقامع المبتدعين وقاطع المبطلين، القاضي أبو بكر محمد بن الطيب المشهور بابن الباقلاني الأصولي المتكلم المالكي الأشعري المجدد به دين الأمة على رأس المائة الرابعة على القول الصحيح. وإنه كانت محاسن القاضي أبي بكر المذكور الباطنة أكثر من محاسنه الظاهرة، وكان كل ليلة إذا قضى ورده كتب خمسًا وثلاثين ورقة تصنيفًا من حفظه. وكان فريد عصره في فنه.

وله التصانيف الكبيرة المسندة الشهيرة، وإليه انتهت الرئاسة في هذا العلم، وكان ذا باع طويل في بسط العبارة، مشهورًا بذلك.

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

الإنسان خليفة الله في الأرض (14)

لما كان الإنسان جوهرة عقد المخلوقات وعجيبة العجائب، وقد جمع الله فيه كل حقائق الوجود …